تدخّل باسيل يبدّد أجواء التفاؤل بين عون والحريري

رئيس الجمهورية اقترح تعديل بعض الحقائب الوزارية

TT

تدخّل باسيل يبدّد أجواء التفاؤل بين عون والحريري

كاد اللقاء الذي عقد أول من أمس بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري أن يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية تدفع باتجاه فتح ثغرة في الحائط المسدود الذي اصطدمت به الجولات السابقة من المشاورات يمكن التأسيس عليها للبحث الجدي في تشكيل الحكومة لو لم يتدخل - كما أكد مصدر سياسي واسع الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» - رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على وجه السرعة ويبدد مسحة التفاؤل التي سادته بخلاف البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية الذي لم يعكس الأجواء الإيجابية الذي اتسم بها.
وكشف المصدر السياسي أن عون لم يتقدّم من الحريري بطرح متكامل بإعادة توزيع الحقائب الوزارية من دون الأسماء رداً على التشكيلة الوزارية التي حملها معه الرئيس المكلف إلى بعبدا، وقال إن عون أبدى ملاحظات تتعلق بإعادة النظر في توزيع بعض الحقائب.
ولفت إلى أن التشكيلة الوزارية التي طرحها الحريري جاءت متكاملة وتتألف من 18 وزيراً وحرص على مراعاة التوازن الطائفي على قاعدة التزامه بما تعهد به بأن تتشكّل من اختصاصيين ومستقلين ومن غير الحزبيين، وأكد أنه لا غبار على أسماء الوزراء المرشحين لدخولها وهم من القطاعين العام والخاص.
وأكد المصدر نفسه أن التشكيلة الوزارية ضمّت أسماء من اللائحة التي كان عرضها عون على الحريري في الجولات السابقة من مشاورات التأليف من دون أن يوافق على أسماء أخرى واردة فيها ومن بينهم عدد من الضباط المتقاعدين.
وقال إن الأسماء التي طرحها الحريري ليست استفزازية ولا تنتمي إلى الأحزاب وألا علاقة للوزراء السنة بتيار «المستقبل»، وأكد أنه غادر بعبدا بعد أن تواعد مع عون على التواصل فور انتهائه من دراسة الأسماء الواردة في اللائحة والتدقيق فيها. وتوقف أمام مبادرة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط إلى حذف التغريدة التي كان كتب فيها: ننتظر الدخان الأبيض. وعزا السبب إلى أنه سحبها فور صدور البيان عن بعبدا الذي جاء مخالفاً لتوقعاته بأن الأجواء كانت إيجابية.
وإذ اعتبر أن البيان الذي صدر عن بعبدا جاء مخالفاً للأصول وللأعراف والتقاليد المتبعة في مشاورات التأليف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، سأل في المقابل عن الدوافع التي حالت دون اكتفاء عون بدراسة الأسماء الواردة في التشكيلة الوزارية التي حملها الحريري من جهة وبطرح ما يريده من تعديلات تغنيه عن صدور البيان الذي أعاد المشاورات إلى المربع الأول.
ومع أن الحريري - كما يقول المصدر السياسي - أبدى انزعاجه من البيان الذي أصدره عون لأن الشراكة في التأليف لا تجيز له نسف ما تقدم به الرئيس المكلف رغم أن ما ورد في البيان لم يكن حاضراً على الأقل ببعض مضامينه في اللقاء، لكن الحريري آثر الصمت وتجنّب التعبير في العلن عن انزعاجه ليس لأن البلد لا يحتمل المزيد من التأزّم مع تراكم الأزمات التي تستدعي الإسراع بتشكيل الحكومة لتتحمل مسؤوليتها في توفير الحد الأدنى من الحلول لكبح جماح ارتفاع منسوب الفقر والجوع فحسب، وإنما لأنه لا يريد الانجرار إلى صدام مع عون بسبب البيان الذي أصدره وكان لفريقه السياسي وعلى رأسهم باسيل الدور الأول في إصداره لإحباط الجهود الرامية إلى تسريع ولادة الحكومة. لذلك فإن مجرد إصدار هكذا بيان يعني أن الكلمة الفصل تعود لرئيس الظل أي باسيل الذي كان وراء الإسراع في «تلغيم» الأجواء الإيجابية التي اتسم بها لقاء عون - الحريري، لأنه يصر على أخذ البلد إلى حافة الانهيار لاعتقاده بأن الحريري سيضطر إلى مراعاته ويستسلم لشروطه.
فباسيل يتصرّف على أنه المفاوض الوحيد مع الحريري - كما يقول المصدر السياسي - وأنه وحده فقط يمتلك حق النقض وأن عون يضطر إلى مراعاته لأقصى الحدود رغم الانشقاق الذي أصاب البيت العائلي على خلفية وقوف الأكثرية فيه ضد جنوح باسيل نحو تسخير إدارات الدولة ومؤسساتها لخدمة طموحاته الرئاسية من دون أن يواجه من يردعه. كما أن باسيل يتصرّف على أن الأمر له أولاً وأخيراً، وبالتالي يحاول الالتفاف على العقوبات الأميركية لإعادة تعويم نفسه سياسيا ويسعى لاستغلال نفوذه لدى عون لخدمة طموحاته السياسية لإلغاء من يعارضه وعلى رأسهم نواب وقياديون في «التيار الوطني» ممن تجنّبوا الدفاع عنه أو الوقوف إلى جانبه فور صدور العقوبات.
وعليه، فإن الحريري لم يبادر إلى رد فعل يؤدي إلى تأزيم المشاورات أكثر مما هي مأزومة الآن، خصوصا أن هناك من لا يرى أي مبرر لصدور البيان الرئاسي بعد أقل من نصف ساعة على انتهاء اللقاء، ناهيك من أن الحريري يواجه الانقلاب الذي قاده باسيل وضغط لإصدار البيان الذي يحمل بصماته بالصمود والصبر حرصاً منه على عدم الإطاحة بالمبادرة الفرنسية وعدم رمي المشكلة في وجه الرئيس إيمانويل ماكرون العائد إلى بيروت في زيارة ثالثة عشية حلول عيد الميلاد، والذي كان يلاحق التحضيرات الجارية لاستئناف مشاورات التأليف ولم يغب عن اللقاء الأخير لأنه راهن على كسر الحلقة المفرغة التي تراوح فيها عملية التأليف إلى أن فوجئ بالالتفاف على الأجواء الإيجابية التي عكسها الحريري.
وبكلام آخر فإن الحريري لن يدخل في سجال مع عون أو رئيس الظل وهو يفضّل الاحتكام إلى ما سيقرره ماكرون، وربما قبل عودته إلى بيروت، فيما يبدو الإرباك السياسي على «حزب الله» في ضوء انفجار الخلاف بين عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. ويبقى السؤال، هل سيرد عون كما تعهد على التشكيلة الوزارية للحريري أم أنه سيضطر إلى التريُّث تاركاً لباسيل مهمة تعطيل ولادة الحكومة وكيف سيتصرف ماكرون في مطلق الأحوال؟



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.