القاهرة متمسكة بـ«تجميد» قضية ريجيني رغم اشتباه روما في 4 أمنيين

TT

القاهرة متمسكة بـ«تجميد» قضية ريجيني رغم اشتباه روما في 4 أمنيين

أظهر نواب مصريون بارزون، أمس، «تمسكاً بمسار (تجميد) التحقيقات (مؤقتاً) في قضية وفاة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر»، والذي أقرّته النيابة العامة المصرية مطلع الشهر الحالي «لحين ورود أدلة جديدة». وذلك في مقابل إعلان الادعاء الإيطالي أمس، عن «اشتباهه في ضلوع 4 من قوات الأمن المصرية في خطف ريجيني»، مع إشارته إلى «مشاركة واحد من الأربعة، ربما كان له دور أيضاً في مقتله».
وفق بيان رسمي إيطالي صدر أمس، ونقلته وكالة «رويترز» عن ممثلي الادعاء الإيطالي، أنهم «أنهوا تحقيقهم في اختفاء وقتل ريجيني في القاهرة عام 2016، وحددوا أربعة من قوات الأمن المصرية كمشتبه بهم محتملين». ووفق البيان «أمهل المدعون الأربعة 20 يوماً ليقدموا بيانات أو يطلبوا سماع أقوالهم في القضية، وبعد ذلك سيقرر المحققون إن كانوا سيسعون لمحاكمتهم».
لكن اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (البرلمان)، قال إنه «تم التنسيق بين مصر وإيطاليا بخصوص القضية أخيراً، واتفقا على (التجميد) لحين وجود (أدلة جديدة)»، مضيفاً أن «التحقيقات في القضية أخذت وقتها في التحري، وتوصلت إلى أنه ليس هناك أي علاقة للأجهزة الأمنية المصرية بالواقعة». وذكر اللواء عامر في تصريحات مع «الشرق الأوسط» أمس، أنه «ثبت من خلال الأدلة، بأن تشكيلاً عصابياً سرق ريجيني، وقام هذا التشكيل بتزوير (كارنيهات) باسم عناصر في أجهزة أمنية، وبالفعل تم العثور مع أحد أفراد هذا التشكيل العصابي على متعلقات ريجيني».
والمسار الذي أعلنه اللواء عامر يتطابق مع النيابة العامة في مصر، التي أعلنت مطلع الشهر الحالي، أنها «ستتصرف في ملف تحقيقات الواقعة بغلقه (مؤقتاً)، مع تكليف جهات البحث والتحري بموالاة اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة للوصول إلى مرتكب الجريمة». ووفق «النيابة المصرية»، فإن «النائب العام المصري يتمسك بعدم وجود (أدلة كافية) لإحالة القضية للمحكمة».
ولم تعلن «النيابة المصرية» أو «خارجية» البلاد، حتى مساء أمس (الخميس) موقفاً رسمياً بشأن إعلان «اتهام 4 من الأمن المصري، والتي أشارت إليهم إيطاليا»؛ لكن بياناً سابقاً مشتركاً بين نيابتي القاهرة وروما، مطلع الشهر الحالي، كان قد انتهى إلى «مسارين مختلفين»، أولهما: تتباه روما ويتعلق بـ«إنهاء تحقيقها المنفصل بـ(الاشتباه) في خمسة أفراد منتمية إلى أجهزة أمنية مصرية بتصرفات فردية منهم، دون صلة بأي جهات أو مؤسسات حكومية مصرية، وعرضها هذا (الاشتباه) على قاضي التحقيقات الأولية لتقييمه». وثانيهما: مصرياً، وجدد فيه النائب العام المصري «تمسكه بعدم وجود (أدلة كافية) لإحالة القضية للمحكمة، مقرراً غلق ملف التحقيقات (مؤقتاً) لحين ورود أدلة جديدة، وعد القاتل (لا يزال مجهولاً)». ولفت اللواء عامر إلى أن «مصر قدمت أقصى مجهود في القضية، وأرسلت قضاة إلى روما، ونسقت جميع الإجراءات مع الجانب الإيطالي».
من جهتها، قالت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، إن «هناك تعاوناً بين جهات التحقيق في مصر وإيطاليا، والجانبان بينهما تبادل للمعلومات»، لافتة إلى أن «الادعاء الإيطالي عليه أن يقنع الهيئات القضائية في مصر بالأدلة الجديدة»، منتقدة أن «يقوم الجانب الإيطالي بإصدار تحقيقات غير مكتملة». وقالت عازر لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه «يجب على الجانب الإيطالي أن يمد النيابة العامة المصرية بهذه الأدلة الجديدة، وعلى السلطات القضائية المصرية أن تطابق هذه المعلومات الجديدة مع التحريات التي تجرى بمصر»، لافتة إلى أنه «لا بد أن تكون سلطات النيابة المصرية مقتنعة تماماً بـ(الادعاء الجديد من قبل إيطاليا)»، مؤكدة أن «مصر لن تمانع في الفحص والتحري، وليس لدى مصر أي مشكلة في تقديم أي شخص مهما كان للقضاء، وحدث قبل ذلك أن تمت محاكمة مسؤولين أمنيين في البلاد».
في حين اتفق اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، عضو مجلس الشيوخ المصري، مع الرأي السابق، بأن «مصر لن تمانع في محاكمة أي شخص تثبت إدانته». وأكد المقرحي في تصريحات مع «الشرق الأوسط»، أن «هناك تعاوناً بين مصر وإيطاليا في القضية؛ لكن لو كان هناك أي إدانات لأشخاص مصريين، لا بد من محاكمتهم داخل مصر، وليس أمام القضاء الإيطالي، لأن محاكمتهم أمام القضاء الإيطالي، ليس لها أي سند قانوني؛ لأن الجريمة وقعت في مصر».
في السياق ذاته، انتقد اللواء المقرحي «الأسلوب الذي لجأ إليه الادعاء الإيطالي بخصوص الإعلان من جانبه فقط»، لافتاً إلى أنه «المقرر قانوناً وتعاوناً، أن يقدم ممثلو الادعاء الإيطالي ما لديهم من أسانيد وأدلة على صحة هذه المعلومات إلى النيابة العامة المصرية، ويطلبوا إجراء تحقيقات فيها»، موضحاً أنه «على ضوء ما يتم التوصل إليه من معلومات وقتها، تقوم (النيابة المصرية) بالتحقيق وفق الأدلة الجديدة»، مؤكداً أن «ما فعله الجانب الإيطالي ليس مقبولاً».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.