صولجان ثاتشر وحقيبة تشرشل في معرض «الحقائب» اللندني

ينطلق السبت في {فيكتوريا آند ألبرت} وتذاكره تنفد

TT

صولجان ثاتشر وحقيبة تشرشل في معرض «الحقائب» اللندني

يفتتح بعد غدٍ (السبت) معرض «الحقائب... داخلها وخارجها» في متحف فيكتوريا آند ألبرت بلندن بعد أن تأجل بسبب «كوفيد - 19». وعلى عكس بقية المتاحف التي تعاني حالياً من ضعف الإقبال، لا يبدو أن معرض «الحقائب» سيعاني من قلة الزوار، بل على العكس فقد نفدت التذاكر المطروحة على الموقع حتى الآن؛ ما يبشر بنجاح ساحق. ولكن لماذا هذا المعرض بالذات؟ الإجابة هي: السر في الموضوع، الحقائب. لم ينزلها عن عرشها الوباء، فعلى الرغم من أن «كوفيد - 19» أغلق المحال التجارية والأسواق وجعل الكثيرين يفكرون في الادخار، لكن يبدو أن الأمر لم يسر على حب الحقائب وامتلاكها. ولا أدل على ذلك من كل الإحصائيات التي أظهرت أن سوق الحقائب الغالية ما زالت منتعشة، خصوصاً لدى دور أيقونية مثل غوتشي وشانيل. بل إن الإقبال زاد على مبيعات الحقائب «الفينتاج» في المزادات الخاصة بها في كريستيز، وغيرها. فالنظرة للحقيبة الغالية اليوم اكتسبت بعداً جديداً، وهو الاستثمار.
عموماً، لنعد لمعرضنا الذي يضم كل تلك الماركات التي يتهافت عليها المشترون، وغيرها التي تعرض حسب تصنيفات منسقة العرض لوتشيا سافي والتي تضم «الوظيفة» و«المكانة» و«الصنعة». وفي كل تلك الأقسام نتعامل مع ثنائية المظهر الخارجي ومحتويات الداخل، بين البهرجة وبين العملية، وأيضاً بين ما نقدمه للعالم وبين ما نحتويه في الداخل.
تقول سافي، إنها بدأت الإعداد للمعرض منذ عامين «أحد الأشياء التي أدركتها أن في كل قسم من أرشيف المتحف هناك حقائب وبعضها لم يعرض للجمهور من قبل». الحقائب ليست فقط مقتصرة على النسائية، بل هناك ما استخدمه الرجال وحتى الأطفال، وبدا ذلك الاكتشاف واضحاً في القطع المعروضة هنا، فمنها التاريخية ومنها العصرية، ومنها ما جاور عالم السياسة، ومنها ما ارتبط بعالم الفن. فحسب ما تضيف سافي «أردنا تخطي المسلّمات، وأن نستكشف تصميم ووظيفة كل قطعة من حقائب اليد لحقائب السفر إلى حقائب الأوراق الرجالية إلى (شنط) الجنود».
وزعت المعروضات على طابقين في المتحف، الطابق الأول يحمل طابع الحميمية، يرمز لداخل الحقيبة، حيث نضع أغراضنا الخاصة التي لا نريد أن يطلع عليها أحد. وببراعة قامت مصممة أرضية العرض بتقسيم الخزانات الزجاجية بحيث تفصل بين المعروضات وداخل كل خزانة زجاجية هناك تصميم وكأنها جيوب داخل حقيبة. الطابق الثاني تصميمه مختلف، فهو مفتوح لا حواجز فيه، تتصدره طاولة كبيرة تشبه طاولات ورش صناعة الحقائب وعلقت عليها قطع من الجلد الملون.

- صولجان ثاتشر وحقيبة تشرشل
من الحقائب التي تتوقف عندها سافي هي حافظة من القماش المطرز يدويا خُصصت لحفظ ختم إنجلترا، وكانت مِلكا للملكة إليزابيث الأولى. ثم تنتقل للحديث عن حقيبة لسيدة «حديدية» أخرى حكمت بريطانيا وهي رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت ثاتشر، حيث يضم العرض إحدى حقائب اليد التي اشتهرت بحملها دائماً، وعرفت ثاتشر بحرصها على أسلوب معين في الزي يعكس قوتها، وأيضاً كونها امرأة. وأصبحت حقيبة ثاتشر مضرب المثل في بريطانيا، ووصفت بأنها «سلاحها السري» و«صولجان حكمها».
أما رئيس الوزراء الراحل ونستون تشرشل فقد وجد مكاناً له أيضاً في هذا المعرض؛ إذ نرى حقيبة حمراء هي أقرب للصندوق وقد بدت عليها آثار الاستخدام المستمر، وهي الحقيبة التي كان يحمل فيها أوراقه أثناء عمله وزيراً لخزانة المستعمرات في (1920 - 1921). تشير سافي إلى رقم «7» الملصق على جانب الحقيبة، وتقول إنها واحدة من سبع حقائب استخدمها تشرشل في تلك الفترة.

- الوظيفة أولاً
كل حقيبة في العرض لها وظيفة قالت المنسقة، وبالنظر حولنا نرى ذلك فحتى الحقائب الدقيقة الحجم مثل حافظة من القماش على هيئة ضفدع صممت لتحمل الحلوى أو لوضع الهدايا بداخلها. من القرن الماضي نرى حقيبة للمثلة فيفيان لي صممت لكتابة الخطابات، أخرى تعود للقرن الـ19 صممت بغرض احتواء مستلزمات حضور حفلات الاوبرا مصنوعة من الجلد وتتميز بأنها مكونة من طبقات بها جيوب مختلفة لحفظ مختلف القطع مثل مرآة ودفتر صغير للملاحظات مع قلم، وهناك مكان أيضاً لوضع مروحة ومنظار.
حقيبة المهر من السند بباكستان، نموذج آخر لقطعة صممت لحمل غرض بعينه وهنا هو النقود، فالحافظة المزركشة مصنوعة من القماش على هيئة المظروف ويمكن طيها. الحافظة مصنوعة من القطن والحرير وزينت بقع الزجاج وبالخرز وقطع المرايا الصغيرة.

- حقائب السفر
مثلها مثل الأنواع الأخرى من الحافظات، فحقيبة السفر شهدت تحولاً ضخماً عبر السنين، فمن الصناديق الضخمة التي تضم ملابس ومتعلقات الشخص إلى نموذج أكثر أناقة، وهو صندوق الملابس من تصميم دار لوي فويتون، وهنا نرى نموذجاً منها وكان من الحقائب الضخمة التي صُممت لحمل الملابس كانت ملكاً لسيدة المجتمع إميلي غريغسبي، وتحمل ملصقات من الأماكن التي سافرت إليها الحقيبة بصحبة مالكتها.

- المشاهير والحقائب
من الحقائب التي ارتبطت بأسماء نجمات معروفات يقدم العرض أهمهمن، وبالطبع في هذه الحالة لا بد من ذكر حقيبة «كيلي» من تصميم دار هيرمس، وهي على اسم أميرة موناكو الراحلة غريس كيلي، وحسب القصة المتداولة، فقد ظهرت كيلي في عام 1950 وهي تحمل الحقيبة وقد وضعتها على بطنها لتخفي حملها، واشتهرت الحقيبة منذ ذلك الوقت وأطلقت عليها الدار اسم صاحبتها.
أما الحقيبة الأخرى من هيرمس والمعروضة أيضاً هنا، وهي حقيبة «بيركن» والتي سميت على اسم الممثلة الإنجليزية جين بيركن. وتقول منسقة العرض أن قصة الحقيبة وتصميمها تعود إلى لقاء على الطائرة بين جين بيركن ورئيس شركة هيرمس، حيث تجاذبا أطراف الحديث ووصفت له بيركن محاولتها للعثور على حقيبة كبيرة بها جيوب ومساحة تكفي لوضع «رضاعات» ابنتها لو، تطور الحديث وقامت بيركن برسم ما تتخيله في حقيبتها، وهكذا ظهرت للحياة الحقيبة الشهيرة.
أما ديور فأطلقت حقيبة «ليدي ديور» على اسم الليدي ديانا، أما كيت موس والعارضة ألكسا تشونغ فقد حصلتا على حقائب بتصميمات خاصة من دار مالبوري، راعية المعرض.
وعبر أمثلة لحقائب شهرتها نجمات مثل حقيبة فندي «باغيت» التي ظهرت بها سارة جيسيكا باركر في مسلسل تلفزيوني شهير، إلى حقائب من تصميم مارك جاكوبز اكتسبت شهرة عالية بعد أن ظهرت بها نجمتا تلفزيون الواقع كيم كارداشيان وباريس هيلتون. ومن عالم المشاهير إلى عالم الفن نرى نماذج لحقائب صممها فنانون معروفون مثل حقيبة «إنتمولوجي» من دار برادا والتي صممها الفنان البريطاني داميان هيرست، أما الفنانة البريطانية تريسي إمين فقد صممت حقيبة سفر لماركة لونغشامب. القسم الأخير من العرض يقدم نظرة خلف الواجهة البراقة للحقائب، فهو يستعرض الصناعة وتفاصيلها، من الرسومات المبدئية مروراً بمراحل العمل المختلفة إلى المهارات الخاصة التي تناقلتها أجيال من الصناع. وعبر «طاولة الصانع» يمكن للزائر متابعة تفاصيل صناعة الحقائب.


مقالات ذات صلة

تانيا فارس أول لبنانية تفوز بجائزة الموضة البريطانية وجوناثان أندرسون يحقق ثلاثية ذهبية

لمسات الموضة تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)

تانيا فارس أول لبنانية تفوز بجائزة الموضة البريطانية وجوناثان أندرسون يحقق ثلاثية ذهبية

حفل جوائز الموضة البريطانية السنوي من أهم فعاليات عالم الموضة وتُقدَّم فيه جوائز لأهم المصممين العالميين والشباب إلى جانب صناع الموضة والمؤثرين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فرض الجيل زد الملابس الواسعة والمريحة في أماكن العمل والجامعات والمدارس (بكسلز) play-circle 01:18

موضة الجيل زد... وسّع وسّع وارتدِ الأرخص

تتجه الأجيال الجديدة إلى توسيع الملابس، ولذلك أسباب كثيرة، منها ما هو نفسي، ومنها ما يعبّر عن ثورة اجتماعية على ثقافة الفلتر، والأحكام المسبقة على الجسد.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة بالنسبة للعمانيين فإن ذِكر «أمواج» واللبان أصبح مرادفاً لعُمان (أمواج)

لبان ظُفار من الشجرة إلى الزجاجة في وادي دوكة

يدار وادي دوكة بأسلوبٍ حديثٍ ومستدام، بتحديد مواقع آلاف أشجار اللبان، واستخدام تقنية التتبُّع الجغرافي، ليُصبح أول غابة ذكية في منطقة الخليج.

جميلة حلفيشي (صلالة - عُمان)
لمسات الموضة زهير مراد يفوز بجائزة الريادة وبقلوب النجمات

زهير مراد يفوز بجائزة الريادة وبقلوب النجمات

فاز المصمم اللبناني العالمي زهير مراد خلال حفل فاشن تراست أرابيا (FTA) في نسخته السابعة بجائزة تقدير لمساهمته في إثراء المشهد الإبداعي في المنطقة ودوره في…

«الشرق الأوسط» (الدوحة - قطر)

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
TT

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)

تواصل مصر خطتها لإحياء وتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وفق أحدث المعايير العالمية والدولية، مع العمل على وصلهما ببعضهما البعض وافتتاحهما قريباً بإدارة من القطاع الخاص.

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة تتابع باهتمام تنفيذ مشروع تطوير الحديقتين، انطلاقاً من أهميته في ظل الطابع التاريخي المميز لهما، وتتطلع لإعادة إحيائهما، والانتهاء من عملية التطوير وفق الخطة الزمنية المقررة، وإدارتهما وتشغيلهما على النحو الأمثل.

وقال مدبولي في بيان عقب اجتماع، الأحد، مع عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بالمشروع: «هذا المشروع بمثابة حلم للحكومة نعمل جميعاً على تحقيقه، وهدفنا أن يرى النور قريباً، بإدارة محترفة من القطاع الخاص، تحافظ على ما يتم ضخه من استثمارات».

وشهد الاجتماع استعراض مراحل مشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان، حيث تمت الإشارة إلى اعتماد التصميمات وأعمال الترميم والتطوير من جانب المنظمات العالمية المُتخصصة، ونيل شهادات ثقة عالمية من جانبها، مع التعامل مع البيئة النباتية بأسلوب معالجة علمي، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة بالحديقتين وفق أعلى المعايير العالمية، بما يواكب رؤية التطوير، ويضمن توافق التشغيل مع المعايير الدولية»، وفق تصريحات المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني.

ويتضمن مشروع تطوير «حديقة الحيوان بالجيزة» مساحة إجمالية تبلغ 86.43 فدان، ويبلغ إجمالي مساحة مشروع «حديقة الأورمان» 26.7 فدان، بمساحة إجمالية للحديقتين تصل إلى 112 فداناً، واستعرض الاجتماع عناصر ربط المشروعين معاً عبر إنشاء نفق يربط الحديقتين ضمن المنطقة الثالثة، بما يعزز سهولة الحركة، ويوفر تجربة زيارة متكاملة، وفق البيان.

وتضمنت مراحل التطوير فتح المجال لبدء أعمال تطوير السافانا الأفريقية والمنطقة الآسيوية، إلى جانب الانتهاء من أعمال ترميم الأماكن الأثرية والقيام بتجربة تشغيلية ليلية للمناطق الأثرية بعد تطويرها بواقع 8 أماكن أثرية.

التشغيل التجريبي للمناطق الأثرية ليلاً بعد تطويرها (حديقة الحيوان بالجيزة)

وأشار البيان إلى أن مستشاري مشروع الإحياء والتطوير؛ وممثلي الشركة المُشغلة للحديقتين، عرضوا خلال الاجتماع مقترحاً للعودة للتسمية الأصلية لتكونا «جنينة الحيوان»، و«جنينة الأورمان»؛ حرصاً على التمسك بهويتهما لدى جموع المواطنين من روادهما منذ عقود، كما أكدوا أن إدارة الحديقتين وتشغيلهما سيكون وفق خطة تضمن اتباع أحدث النظم والأساليب المُطبقة في ضوء المعايير العالمية.

وتم تأكيد ارتفاع نسب الإنجاز في الجوانب التراثية والهندسية والفنية بمشروع تطوير الحديقتين، حيث شملت أعمال الترميم عدداً من المنشآت التاريخية، أبرزها القصر الملكي والبوابة القديمة والكشك الياباني.

وحقق المشروع تقدماً في الاعتمادات الدولية من جهات مثل الاتحاد الأوروبي لحدائق الحيوان (EAZA) والاتحاد العالمي (WAZA) والاتحاد الأفريقي (PAAZA)، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.

وترى الدكتور فاتن صلاح سليمان المتخصصة في التراث والعمارة أن «حديقة الحيوان بالجيزة من أكبر حدائق الحيوان في الشرق الأوسط وأعرق حدائق الحيوان على مستوى العالم، حيث تأسست في عهد الخديو إسماعيل، وافتُتحت في عصر الخديو محمد توفيق، وكان بها في بداية افتتاحها أكثر من 175 نوعاً من الحيوانات النادرة من بيئات مختلفة حول العالم، كما كان تصميمها من أجمل التصميمات في العالم وقتها، وكانت متصلة بحديقة الأورمان وقت إنشائها».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «حديقة الأورمان من أهم الحدائق النباتية في العالم، وكانت جزءاً من القصر الخاص بالخديو إسماعيل، وكانت مخصصة لمد القصر بالفواكه والخضراوات، وصممها مهندسون فرنسيون»، وأشارت إلى أن كلمة أورمان بالأساس هي كلمة تركية تعني الغابة أو الأحراش، وعدت مشروع تطوير الحديقتين «من أهم المشروعات القائمة حالياً والتي من شأنها أن تعيد لهما طابعهما التراثي القديم، وهو من المشروعات الواعدة التي من شأنها أن تغير كثيراً في شكل الحدائق المصرية» وأشادت بفكرة العودة إلى الاسمين القديمين للحديقتين وهما «جنينة الحيوان» و«جنينة الأورمان»، لافتة إلى تغيير الصورة الاستثمارية للحديقتين بعد التطوير لوجود مناطق ترفيهية وكافيهات ومناطق لأنشطة متنوعة.


نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
TT

نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

قالت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي إن العمل الفني لا يولد مصادفة، بل يأتي من تلك الرجفة الداخلية التي يخلّفها هاجس ما، أو من أسئلة لا تتوقف عن الإلحاح حتى تتحوّل إلى قصة.

وبدت نادين في جلستها الحوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الأحد، التي أدارها أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي والكلاسيكي بالمهرجان، كأنها تفتح كتاباً شخصياً، تقلب صفحاته بهدوء وثقة، وتعيد ترتيب ذكرياتها وتجاربها لتشرح كيف تُصنع الأفلام. فمنذ اللحظة الأولى لحديثها، شددت على أن الصدق هو ما يميّز الفيلم؛ ليس صدق رؤيتها وحدها، بل صدق كل مَن يقف خلف الكاميرا وأمامها.

وأكدت أن الشغف والهوس هما ما يسبقان الولادة الفعلية لأي فكرة؛ فقبل أن تصوغ أولى كلمات السيناريو، تكون قد أمضت زمناً في مواجهة فكرة لا تريد مغادرة ذهنها. شيئاً فشيئاً يبدأ هذا الهاجس بالتشكّل والتحول إلى موضوع محدد يصبح البوصلة التي تضبط كل التفاصيل الأخرى. قد تتغير القصة، وقد يتبدّل مسار الفيلم، لكن الفكرة الجوهرية، ذلك السؤال الملحّ، تبقى العنصر الثابت الذي يجب بلوغه في النهاية.

وتسترجع نادين لحظة ولادة فيلم «هلّأ لوين؟»، فتعود إلى حرب 2008، حين كانت مع طفلها في شوارع بدت كأنها على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة. وتروي كيف تسلّل إليها الخوف عندما تخيّلت ابنها شاباً يحمل السلاح، وكيف تحوّلت تلك اللحظة إلى بذرة فيلم كامل.

نادين لبكي خلال «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وفي «كفرناحوم» حدث شيء مشابه، إذ تقول إنها كانت ترى الأطفال في الشوارع، وتنصت إلى قصصهم، وتراقب نظرتهم إلى العالم وإلى الناس الذين يمرّون أمامهم كأنهم عابرون بلا أثر. من هنا بدأت الفكرة، ثم امتدّ المشروع إلى 5 سنوات من البحث الميداني، أمضت خلالها ساعات طويلة في محاولة فهم القوانين، والحياة اليومية، والدوافع الإنسانية التي تحكم هذه البقع المهمَّشة.

وتؤكد نادين أن مرحلة الكتابة ليست مجرد صياغة نص، بل لحظة مشاركة وتجربة مشتركة، فالعلاقة بين فريق الكتابة بالنسبة إليها أساسية. وتشير إلى أنها تحب العمل مع أشخاص يتقاسمون معها الرؤية والمبادئ نفسها. أحياناً يكتبون أسبوعين متواصلين، ثم يتوقفون شهوراً قبل أن يعودوا للعمل من جديد، بلا مواعيد نهائية صارمة، لأن القصة، كما تقول، هي التي تحدد إيقاعها وزمنها، لا العكس.

وعندما تنتقل إلى الحديث عن اختيار الممثلين، تكشف أن العملية تستغرق وقتاً طويلاً، لأن أغلب أبطال أفلامها ليسوا محترفين. ففي «كفرناحوم» مثلاً، كان من المستحيل بالنسبة إليها أن تطلب من ممثل محترف أن ينقل ذلك القدر من الألم الحقيقي، لذلك اتجهت إلى أشخاص عاشوا التجارب نفسها أو عايشوا مَن مرّ بها. وتؤكد أنها مفتونة بالطبيعة الإنسانية، وأن فهم الناس ودوافعهم هو بوابة الإبداع لديها؛ فهي لا تفكر في النتيجة في أثناء التصوير، بل في التجربة نفسها، وفي اللحظة التي يُصنع فيها المشهد.

نادين لبكي عقب الجلسة الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

وتتوقف نادين أيضاً عند تجربتها التمثيلية في فيلم «وحشتيني»، كاشفة أنه من أكثر الأعمال التي أثّرت فيها على مستوى شخصي، وأنها سعدت بالعمل مع النجمة الفرنسية فاني أردان. وترى أن التمثيل هذه المرة جعلها تعيش السينما من زاوية مختلفة، فهي تؤمن ـ كما تقول ـ بنُبل السينما وقدرتها على تغيير الإنسان وطريقة تفكيره ونظرته إلى الأشياء، وهو ما يشجعها على الاستمرار في خوض تجارب سينمائية تركّز على السلوك الإنساني، مع سعي دائم لفهم الدوافع غير المتوقعة للأفراد أحياناً.

وتشير إلى أن المدرسة الإيرانية في إدارة الممثلين كانت ذات تأثير كبير في تكوينها الفني. ورغم غياب صناعة سينمائية حقيقية في لبنان عندما بدأت مسيرتها الإخراجية، فإنها تعلّمت عبر الإعلانات والفيديو كليبات، وصنعت طريقها بنفسها من عمل إلى آخر، لعدم وجود فرصة الوقوف إلى جانب مخرجين كبار. وقد عدت ذلك واحداً من أصعب التحديات التي واجهتها.

وأكدت أن فيلمها الجديد، الذي تعمل عليه حالياً، مرتبط بفكرة مركزية، وسيُصوَّر في أكثر من بلد، ويأتي ضمن هاجسها الأكبر، قصة المرأة وتجاربها. ولأن أفكارها تولد غالباً من معايشة ممتدة لقضايا تحيط بها يومياً، تقول: «نعيش زمناً تختلط فيه المفاهيم بين الصواب والخطأ، ولا نجد مرجعاً سوى مبادئنا الشخصية»، مؤكدة أنها تستند في اختياراتها الفنية إلى ما تؤمن به فقط.

وفي ختام حديثها، تتوقف عند شراكتها مع زوجها الموسيقي خالد مزنَّر، وتصفها بأنها واحدة من أهم ركائز تجربتها، موضحة أن رحلتهما في العمل على الموسيقى تبدأ منذ لحظة ولادة الفكرة. وأحياناً يختلفان بشدة، ويتجادلان حول الموسيقى أو الإيقاع أو الإحساس المطلوب، لكنهما يصلان في النهاية إلى صيغة فنية تجمع رؤيتهما، وترى نفسها محظوظة بأنها ترافق شخصاً موهوباً فنياً وإنسانياً.


تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)

أدّى تسرب مياه الشهر الماضي إلى إتلاف مئات الكتب في قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ما يسلط الضوء على الحالة المتدهورة للمتحف الأكثر زيارة في العالم، بعد أسابيع فقط من عملية سطو جريئة لسرقة مجوهرات كشفت عن ثغرات أمنية.

وذكر موقع «لا تريبين دو لار» المتخصص في الفن التاريخي والتراث الغربي أن نحو 400 من الكتب النادرة لحقت بها أضرار ملقياً باللوم على سوء حالة الأنابيب. وأضاف أن الإدارة سعت منذ فترة طويلة للحصول على تمويل لحماية المجموعة من مثل هذه المخاطر، لكن دون جدوى.

وقال نائب مدير متحف اللوفر، فرانسيس شتاينبوك، لقناة «بي إف إم» التلفزيونية، اليوم (الأحد)، إن تسرب أنابيب المياه يتعلق بإحدى الغرف الثلاث في مكتبة قسم الآثار المصرية.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «حددنا ما بين 300 و400 عمل، والحصر مستمر»، وتابع أن الكتب المفقودة هي «تلك التي اطلع عليها علماء المصريات، لكن ليست الكتب القيمة».

وأقرّ بأن المشكلة معروفة منذ سنوات، وقال إن الإصلاحات كان من المزمع إجراؤها في سبتمبر (أيلول) 2026.

وسرق 4 لصوص في وضح النهار مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، ما كشف عن ثغرات أمنية واسعة في المتحف.

وأدّت الثغرات الهيكلية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إغلاق جزئي لقاعة عرض، تضم مزهريات يونانية ومكاتب.