الأوروبيون يتجهون لمزيد من التشدد إزاء تركيا

TT

الأوروبيون يتجهون لمزيد من التشدد إزاء تركيا

عاملان رئيسيان تنظر إليهما باريس بكثير من الارتياح فيما يخص الملف التركي، وأخيراً إمكانية فرض عقوبات على أنقره بعد شهور من التسويف والانتظار. الأول «تنامي الوعي» لدى الأطراف الأوروبية إزاء «المخاطر» التي تشكلها السياسة التركية واستفزازاتها في مياه المتوسط الشرقي وفي ليبيا وقبرص، وأخيراً في الحرب الآذرية الأرمنية في ناغورني قره باغ. وقالت مصادر رئاسية فرنسية، أمس، في معرض تقديمها للقمة الأوروبية يومي الأربعاء والخميس، إن الرئيس إيمانويل ماكرون «لعب دوراً» في إيقاظ الأوروبيين والوصول إلى نوع من التوافق حول هذا الملف المتفجر الذي عنوانه تواصل الاستفزازات التركية، رغم التحذيرات الأوروبية. أما العامل الثاني، وفق باريس، فعنوانه رحيل الرئيس ترمب عن البيت الأبيض، ووصول الديمقراطي جو بايدن إلى الرئاسة. وفي هذه الخصوص تشير مصادر أخرى إلى أنه مع انتهاء ولاية ترمب، يخسر الرئيس التركي «حليفاً أساسياً كان متساهلاً» مع سياساته المختلفة، بل كان معجباً به. كذلك، فإن أنطوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي القادم، ينهج خطاً متشدداً إزاء سياسات إردوغان، وعبر عن ذلك في أكثر من مناسبة. لكن السؤال المطروح تُمكن صياغته كالتالي؛ هل هذان العاملان كافيان من أجل أن يتخلى القادة الأوروبيون عن سياسة التأجيل وإعطاء الفرص، والإقدام على خطوة كانوا يتهيبون تجاهها منذ الصيف الماضي، علماً بأنهم كلفوا «وزير» خارجية الاتحاد جوزيب بوريل إعداد قائمة بالعقوبات التي يمكن إقرارها بحق تركيا. لا يبدو من كلام المصادر الرئاسية، أمس، أن ملف العقوبات قد حسم. ورغم أنها رأت أن مبدأه قد حسم وأنه «لا شك أنه سيتم النظر به»، فإنها بالمقابل وصفته بـ«الحساس». ويمكن فهم هذا الكلام على ضوء استمرار وجود خلافات داخل الاتحاد لجهة فرض العقوبات التي لوح بها قادته ووزراء خارجيتهم مراراً من غير الإقدام عليها. وتشير المصادر الفرنسية إلى أن الأوروبيين منحوا تركيا حتى نهاية العام، حتى تبين أنها تخلت عن سياسة الاستفزاز، وقناعتهم اليوم أنها لم تفعل، بل استمرت في ذلك. والجديد أن غالبية الأوروبيين فقدوا ثقتهم بأنقرة وبما تفعله. من هنا، دعوة شارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، أنقرة إلى التوقف عن ممارسة «لعبة القط والفأر» حيث تستبق القمم الأوروبية ببادرات تهدئة لتنسفها ببادرات أخرى بعد انتهائها. لكن يبدو أن العقبة الرئيسية، حتى اليوم، التي تمنع اجتياز عتبة العقوبات، ما زالت الموقف الألماني، رغم تصريحات وزير الخارجية هايكو ماس.
وأشارت المصادر الفرنسية إلى معارضة مالطا، الجزيرة الصغيرة، لمبدأ العقوبات، لكن يتعين إضافة المجر إليها، وأيضاً رومانيا، وربما دولة أخرى من بلدان شرق أوروبا، التي يحرص إردوغان على نسج أفضل العلاقات معها. وفي السياق عينه، جاءت لافتة تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، الذي دعا، أمس، إلى أن الإشارات التي سترسل إلى أنقرة «يجب أن تكون واضحة».
وقالت كونتي ما حرفيته: «من الضروري أن يتحدث الاتحاد الأوروبي بصوت واحد، وبشكل مقنع، وأن تكون الإشارات التي سيتم إرسالها إلى أنقرة واضحة، ولا ينبغي أن تؤدي إلى ديناميكيات تزيد من التوتر الذي لا نريده». وبحسب المسؤول الإيطالي، فإنه يتعني على الأوروبيين أن يبقوا نافذة الفرصة مفتوحة لتعزيز الأجندة الإيجابية، «للتعاون مع تركيا».
بين هذين الحدين، تنداح المواقف الأوروبية بين داعٍ إلى الكف عن التساهل مع أنقرة، ومن يدعو إلى استمرار الحوار، ولذا سيكون مفاجئاً أن يعتمد القادة الأوروبيون في قمتهم على فرض العقوبات، والمرجح أن يوجهوا مجدداً رسائل يمكن أن توصف بـ«القوية» إلى تركيا لعلها تستمع أخيراً لدعواتهم، بعد أن فقدت حليفاً كبيراً في البيت الأبيض، وبعد أن فاقمت نقمة الأوروبيين ضدها.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».