اتساع نطاق الاحتجاجات في إقليم كردستان... وارتفاع حصيلة القتلى والجرحى

أحزاب السلطة تسعى لإيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية بالتفاوض مع بغداد

مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني في ضواحي السليمانية بعد مهاجمته من قبل محتجين أمس (رويترز)
مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني في ضواحي السليمانية بعد مهاجمته من قبل محتجين أمس (رويترز)
TT

اتساع نطاق الاحتجاجات في إقليم كردستان... وارتفاع حصيلة القتلى والجرحى

مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني في ضواحي السليمانية بعد مهاجمته من قبل محتجين أمس (رويترز)
مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني في ضواحي السليمانية بعد مهاجمته من قبل محتجين أمس (رويترز)

استمرت المظاهرات الاحتجاجية في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق أمس، لليوم الثاني على التوالي، واتسعت لتشمل معظم الأقضية والنواحي التابعة للمحافظة، وارتفشعت حصيلة قتلى وجرحى المواجهات بين المحتجين على تأخر صرف الرواتب وقوات الأمن.
مصدر رسمي في مديرية صحة السليمانية قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «4 أشخاص قتلوا، وأصيب 50 آخرون بجروح، خلال الاحتجاجات، الثلاثاء، في أقضية ونواحي المحافظة»، وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «مديرية الصحة ليست لديها أرقام دقيقة، لأن الاحتجاجات تجري في مناطق متفرقة».
من جهتهم، قال ناشطون مدنيون إن 5 أشخاص قتلوا، وأصيب أكثر من 50 شخصاً، في المواجهات أمس. وقال الصحافي والناشط المدني من محافظة السليمانية، عزيز رؤوف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ناحية تكية شهدت احتجاجات غاضبة أمام مقر (الاتحاد الوطني الكردستاني)، وعلى أثرها قام عناصر أمن المقر بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ما تسبب في مقتل أحد المتظاهرين وإصابة أكثر من 5. وفي قضاء (سيد صادق) قامت قوات الأمن التي دخلت إلى مركز القضاء ظهر الثلاثاء، بإطلاق النار على المتظاهرين، ما تسبب في مقتل أحد المتظاهرين وإصابة عدد آخر منهم، وتوفي أحد المصابين بعد ذلك متأثراً بجراحه».
وقال مصدر في «الاتحاد الوطني الكردستاني» بناحية تكية إن «المتظاهرين هاجموا مقر لجنة (الاتحاد الوطني الكردستاني) في الناحية، وحاولوا إضرام النار بالمبنى بعدما طوقوه، مما دفع بعناصر أمن المقر إلى إطلاق النار في الهواء لتفريقهم ومنعهم من حرق المبنى، وأثناء ذلك تمكن المحتجون من الهجوم على أحد عناصر أمن المقر والاعتداء عليه بالضرب العنيف ما تسبب في وفاته، كما أصيب 3 آخرون من حراس المقر بجروح».
من جهته، قال مدير ناحية تكية، مامد رشيد، في تصريح إعلامي، إن «المتظاهرين أحرقوا مقر (الاتحاد الوطني الكردستاني) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني) في الناحية، وهاجموا مقر مديرية الناحية، وتمكنوا من إحراق جزء من المبنى». رشيد أكد أن «إدارة الناحية منذ يوم الاثنين تحاول التواصل مع المحتجين من خلال منابر الجوامع لمعرفة من يمثلهم أو منظمي المظاهرات لتتفاوض معهم على مطالبهم، والمحافظة على أمن واستقرار الناحية».
الناشط المدني سركوت حسن، من قضاء كلار، أكد بدوره لـ«الشرق الأوسط» أن «متظاهراً قتل، وأصيب 3 آخرون بجروح، في ناحية كفري بعد صدامات مع قوات الأمن فيها».
وفي قضاء جمجمال؛ عاد المتظاهرون إلى الاحتشاد أمام مقار الأحزاب السياسية والدوائر الحكومية ظهر الثلاثاء، في محاولة لاقتحامها، وقامت قوات الأمن بتفريقهم بإطلاق النار الذي تسبب «في مقتل أحد المتظاهرين وإصابة اثنين بجروح» بحسب الناشط المدني فواد جمال.
وبالتزامن مع المظاهرات الاحتجاجية، تحاول أحزاب السلطة إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية التي تعصف بالإقليم، وأعلنوا في بيان مشترك بعد اجتماع تشاوري عقد في أربيل أمس، عن إرسال وفد سياسي رفيع المستوى مع الوفد الحكومي إلى بغداد للتفاوض من أجل حلحلة القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، «ويبدو أن هناك تقارباً في وجهات النظر بين الطرفين». وقال مصدر رفيع المستوى مطلع على تفاصيل اجتماع أحزاب السلطة في الإقليم، لـ«الشرق الأوسط» إن «اجتماع الأحزاب تمخض عن ضرورة العمل على ملف الميزانية من جانبين؛ الأول سياسي، والثاني حكومي فني»، مبيناً أن «موافقة حكومة الإقليم على مسودة قانون الموازنة ليست حلاً نهائياً ما لم يتم التصويت على مسودة الميزانية في مجلس النواب العراقي، لذلك قررت الأحزاب إرسال وفد سياسي يقوم بالتفاوض مع الكتل السياسية للتوصل إلى تفاهمات يمكن بموجبها ضمان التصويت على مسودة قانون الموازنة بالشكل الذي وافقت عليه حكومة الإقليم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.