دعوة إلى تعليق أعمال البرلمان التونسي

إثر توتر شديد بين النواب أدى إلى تبادل العنف الجسدي

رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي يخاطب البرلمان في جلسة سابقة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي يخاطب البرلمان في جلسة سابقة (إ.ب.أ)
TT

دعوة إلى تعليق أعمال البرلمان التونسي

رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي يخاطب البرلمان في جلسة سابقة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي يخاطب البرلمان في جلسة سابقة (إ.ب.أ)

دعا وليد الجلاد النائب البرلماني عن حزب التيار الديمقراطي المعارض إلى تعليق أنشطة البرلمان التونسي بعد أن بلغت العلاقات بداخله «مرحلة خطيرة جدا من ناحية التجاذبات مما سيؤثر على عمل المجلس خلال المرحلة المقبلة».
وأشار خلال جلسة برلمانية أمس خصص جزء منها لإدانة العنف المسلط على عدد من أعضاء البرلمان إثر تبادل عنف بين نواب من «ائتلاف الكرامة» الحليف الرئيسي لحركة «النهضة»، ونواب من الكتلة الديمقراطية التي تقود المعارضة التونسية، إلى أن هذه الحادثة غير مسبوقة في تاريخ البرلمان، قائلا إن العنف تطور بشكل بات يمثل معه عبئا على الدولة.
أجمع نواب البرلمان التونسي في مداخلاتهم خلال جلسة عامة عقدت أمس، على نبذ العنف بجميع أشكاله، وعبر نواب حركة «النهضة» عن استيائهم من العنف الذي واجهه النائب أسامة الصغير خلال الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان، منددين بالاتهامات المتكررة الموجهة إليهم من قبل الحزب الدستوري الحر بدعم الإرهاب، والتي بدورها تؤدي إلى العنف، على حد قولهم. واقترح خالد الكريشي القيادي في حركة الشعب المعارضة، على عبير موسي رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، أن تصوغ مدونة سلوك تطبق على جميع النواب، في إشارة منه إلى أحداث العنف المتكررة داخل البرلمان، على اعتبار أن موسى مكلفة بشؤون النواب وهذا من صميم صلاحياتها.
وفي السياق ذاته، كشف أسامة الصغير، القيادي في حركة النهضة عن تعرضه أمس للعنف اللفظي وتكسير بلور سيارته خلال مروره بوقفة احتجاجية نظمتها منظمات حقوقية نسائية لإدانة العنف المسلط على النساء. وقال الصغير إن ناشطات في جمعية النساء الديمقراطيات (يسارية) قد نعتنه بـ «الإرهابي والداعشي»، قائلا إن من يتظاهرن ضد العنف قد مارسن ضده العنف دون سبب.
وكان حزب الوطنيين الديمقراطي الموحد (الوطد) الحزب الذي أسسه شكري بلعيد القيادي اليساري الذي اغتيل في السادس من فبراير (شباط) 2013 والممثل بعضو واحد في البرلمان التونسي، قد ذهب إلى حد المطالبة بحل البرلمان التونسي الذي يتزعمه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وأكد هذا الحزب على تحميل المسؤولية إلى رئيس المجلس (الغنوشي)، متهما بعض الأطراف السياسية بالسعي لخلق استقطاب ثنائي لتجاوز المأزق السياسي الذي تعيشه.
وكانت ثماني منظمات وجمعيات حقوقية تونسية، قد أدانت العنف الجسدي المتبادل في بهو البرلمان التونسي وما رافقه من خطاب تحريضي لا يرقى لمسؤوليتهم الدستورية في تمثيل عموم التونسيين. ومن المنتظر أن تنظم وقفة احتجاجية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان، غداً، وذلك للاحتجاج ضد العنف والتنديد بمناخ التوتر والكراهية الذي يسود البرلمان التونسي.
وحملت هذه الجمعيات ومن بينها الرابطة التونسية لحقوق الانسان، «مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من شلل لأداء المجلس وانسداد أفق العمل البرلماني لمكتب المجلس عامة ولرئيسه راشد الغنوشي خاصة». وكانت هذه المنظمات قد شنت حملة قوية ضد «ائتلاف الكرامة» الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف إثر وصف أحد نواب كتلته «الأمهات العازبات» اللاتي ينجبن خارج إطار الزواج بـ«العاهرات»، وهو ما خلف نقاشات حادة تحت قبة البرلمان وخارجه.
وسعى الرئيس التونسي قيس سعيد إلى تلطيف الأجواء البرلمانية المتوترة من خلال استقباله مجموعة من نواب الكتلة البرلمانية المعارضة التي ادعت تعرضها للعنف اللفظي والجسدي من قبل نواب «ائتلاف الكرامة». وأكد سعيد رفضه لكل أشكال العنف حيثما كان خاصة داخل مؤسسات الدولة، وشدد على «احترام الشرعية والقانون، والتصدي بكل الوسائل القانونية المتاحة لكل من يحاول إسقاط الدولة». غير أن مخلوف اتهم الرئيس التونسي بالانحياز إلى شق من التونسيين على حساب شق آخر، وكتب يقول: «قيس سعيد ...بانحيازك المفضوح لبعض التونسيين ضد البعض، وبتكرار تهديداتك وإنذاراتك الوهمية وبمردوديتك الهزيلة وبمواقفك المهزوزة، لم تعد تحظى باحترامنا».
ومن ناحيته، أدان راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي العنف داخل المجلس، واعتبر أن التجاوزات التي وقعت أول من أمس «ليست سابقة فقد سبق أن وقعت حوادث أخرى على غرار ما أقدمت عليه كتلة الدستوري الحر التي احتلت المنصة لأيام وعطلت إصدار قانون المحكمة الدستورية كما عطلت عمل مكاتب المجلس أكثر من مرة بسبب الفوضى».
واستدرك موضحا «لكن المجلس لم يعطل ولن يعطل وسيقوم بدوره التشريعي والرقابي بانتظام، كما اعتبر الغنوشي أن القوى التي تدفع نحو حل البرلمان هي قوى فوضوية وأعداء للثورة تريد الانتقاص من منجزات تونس». وفي السياق ذاته، اتهم حزب حركة النهضة في بيان له الحزب الدستوري الحر (المعارض) بتعطيل عمل البرلمان التونسي ومحاولة ترذيله، ودعا جميع النواب والأحزاب السياسية إلى حماية الدستور ومؤسسات الجمهورية.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.