الجيش الروسي ينشئ قاعدة في عين عيسى

TT

الجيش الروسي ينشئ قاعدة في عين عيسى

انتشرت الشرطة الروسية بمواقع عسكرية جديدة في بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي على طول نقاط التماس الفاصلة بين الجيش التركي والفصائل السورية الموالية، و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) العربية - الكردية، وإنشاء قاعدة عسكرية داخل مركز البلدة وسط وصول تعزيزات للقوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد.
وأمهلت موسكو قيادة «قسد» يومين لإخراج قواتها العسكرية من محيط الطريق الدولي السريع (M4)، كما طلبت سحب قواتها من بلدة عين عيسى وإخلاءها لصالح القوات الحكومية، والإبقاء على مربع أمني يضم مؤسسات الإدارة ومكاتبها وإدارة البلدة مدنياً، وقال قيادي رفيع من «المجلس العسكري لعين عيسى» المنضوي تحت قيادة «قسد» إنهم رفضوا المهلة الروسية وتسليم المنطقة عسكرياً للقوات الحكومية.
وقال مسؤول من الإدارة المدينة في عين عيسى، إن الروس طلبوا إنشاء قاعدة عسكرية ونشر قواتهم على طول نقاط الاحتكاك، سيما في القرى والمناطق التي تتعرض للقصف منذ بداية الشهر الحالي، «طلبوا إخلاء المنطقة عسكرية مقابل انتشار الجيش السوري في مواقع القوات، لمنع الهجوم والتهديدات التركية»، وكان الروس قد طلبوا مراراً رفع العلم السوري وإعادة افتتاح مؤسسات الدولة وإنشاء نقطة عسكرية داخل البلدة.
ووصلت تعزيزات عسكرية روسية إلى قاعدتها في قرية تل السمن بالريف الشمالي للرقة، وشملت التعزيزات آليات محملة بالعتاد العسكري والجنود وأسلحة ثقيلة، وتأتي هذه التحركات غداة مطالبات تركية بتسليم المنطقة لفصائلها السورية الموالية.
وتتعرض عين عيسى منذ أيام لهجوم عنيف من قبل الجيش التركي والفصائل الموالية لها، ونقل سكان المنطقة أن البلدة استهدفت بقذائف المدفعية حيث سقطت على قريتي معلك وصيدا ومخيم عين عيسى وأطراف البلدة، على بعد عشرات الأمتار من الطريق الدولي السريع كما نقل شهود وسكان محليون أن الأهالي نزحوا نحو مدينة الرقة وبلدة الطبقة المجاورة.
وشدد المسؤول المدني: «حتى اليوم لا يوجد اتفاق نهائي بخصوص التطورات المتسارعة في العين، الروس يضغطون بحجة أن تركيا ستنفذ تهديداتها، لكن في حال انتشرت القوات الحكومية ستنتشر على غرار بلدتي العريمة وتل رفعت بريف حلب، ومربعي النظام بالقامشلي والحسكة».
وقالت مصادر إن قيادة «قسد» عقدت اجتماعاً قبل يومين مع القوات الأميركية في بلدة منبج، وبحثت في التحركات العسكرية التركية وقصفها للحدود الفاصلة بين الجهات المتحاربة غربي نهر الفرات، دون التطرق إلى تطورات عين عيسى وريف الرقة الشمالي، ورجحت المصادر أن واشنطن وموسكو لديهما اتفاقيات ثنائية وتقاسم مناطق النفوذ شمال شرقي سوريا لذلك لن تتدخلا في عين عيسى. ونصت الاتفاقيات بين تركيا وروسيا من جهة، وتركيا والولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية، على انسحاب قوات «قسد» بعمق 32 كلم، غير أن القيادي العسكري أشار إلى أن عين عيسى تبعد عن الحدود التركية نحو 38 كلم
وعين عيسى ناحية تتبع إدارياً لمحافظة الرقة شمالي سوريا، تتالت جهات عسكرية عدة على حكمها، ومنذ نهاية 2015 تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» عليها وانتزعتها من قبضة جهاديي تنظيم «داعش» بعد القضاء على سيطرته الجغرافية والعسكرية ربيع العام الماضي. وتعد عين عيسى الشريان الرئيسي لوصل مناطق الإدارة الذاتية شرقي نهر الفرات وغربه، ومطلة على الطريق السريع الذي يربط محافظات حلب والحسكة والرقة شمال شرقي البلاد، كما تتحكم بشبكة طرق رئيسية توصل مدن وبلدات عين العرب «كوباني» ومنبج والعريمة بريف حلب الشرقي، وتوصل محافظة حلب غرباً بمدينة القامشلي إلى بوابة اليعربية وسيمالكا شرقاً.
وتنتشر قوات «قسد» في مناطق متداخلة مع الجيش السوري النظامي في بلدتي منبج والعريمة شرقي محافظة حلب، وفي منطقة الشهباء وبلدة تل رفعت شمال غربي حلب، وتبسط السيطرة على أحياء الأشرفية وشيخ مقصود داخل حلب، في وقت تحتفظ القوات الحكومية بمربعين أمنيين في محافظة الحسكة ومدينة القامشلي الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.