الحكومة الإثيوبية تقر بإطلاق قواتها النار على فريق للأمم المتحدة في تيغراي

لاجئون إثيوبيون فروا من الصراع في إقليم تيغراي إلى السودان (أ.ف.ب)
لاجئون إثيوبيون فروا من الصراع في إقليم تيغراي إلى السودان (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإثيوبية تقر بإطلاق قواتها النار على فريق للأمم المتحدة في تيغراي

لاجئون إثيوبيون فروا من الصراع في إقليم تيغراي إلى السودان (أ.ف.ب)
لاجئون إثيوبيون فروا من الصراع في إقليم تيغراي إلى السودان (أ.ف.ب)

أكد متحدث حكومي إثيوبي، اليوم الثلاثاء، أن قوات بلاده أطلقت النار على فريق للأمم المتحدة لأن أفراده كما قال تجاهلوا تعليمات وخرقوا نقاط تفتيش للحكومة في إقليم تيغراي بشمال البلاد.
ويأتي إطلاق النار في وقت تواصل فيه الأمم المتحدة ووكالات إغاثة السعي للوصول إلى شمال إثيوبيا، بعد أكثر من أسبوع على إعلان وقف المعارك هناك في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال المتحدث رضوان حسين: «تم توقيف عدد من موظفي الأمم المتحدة وأُطلق النار على بعضهم... لقد تجاوزوا نقطتي تفتيش للتوجه إلى مناطق لا يُفترض بهم التوجه إليها، وتم إبلاغهم بعدم الذهاب... وعندما كانوا بصدد تجاوز نقطة التفتيش الثالثة أطلقت عليهم النار وتم توقيفهم»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وشدد رضوان في مؤتمر صحافي في العاصمة أديس أبابا على أن موظفي الأمم المتحدة هم من يتحملون المسؤولية في الحادثة التي وقعت (الأحد) على مقربة من بلدة شيري، وقال: إنهم «انخرطوا في مغامرة استكشافية ما».
وقال: «هذا البلد ليس أرضاً مهجورة... لديه حكومة». وأضاف «إذ أُبلغ أحدهم بعدم الذهاب، فعليه التقيد... لا يمكن تجاهل تحذير حكومي ثم السعي لتجاوز الجميع».
وقُتل آلاف في المعارك التي اندلعت في 4 نوفمبر بين القوات الحكومية والقوات الموالية لقيادة «جبهة تحرير شعب تيغراي». وفر نحو 50 ألف شخص إلى السودان فيما يعيش نحو 600 ألف في منطقة تيغراي على مساعدات غذائية حتى قبل اندلاع المعارك.
والأسبوع الماضي قالت الأمم المتحدة إنها وقعت اتفاقية مع الحكومة الإثيوبية تضمن «دخولاً غير مشروط للمساعدة الإنسانية». غير أن رضوان ناقض ذلك اليوم، وقال: «الاتفاقية التي أبرمناها هي على أساس الاعتقاد أن الأمم المتحدة ستتعاون معنا، والحكومة لها الكلمة النهائية، لذا نحن ننسق ونقود لكن نحتاج لمساعدة ولشريك».
وأضاف «بعض الشركاء لا يُسمح لهم بالقيادة المنفردة والتحرك المنفرد... لا يوجد شيء اسمه الوصول من دون قيود إلى كل زاوية من إثيوبيا».
في سياق موازٍ، أعلن المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بابار بالوش (الثلاثاء) أن الأزمة الإنسانية في منطقة تيغراي حيث يحول الوضع الأمني دون إغاثة السكان «تزداد تأزماً».
وقال من جنيف خلال المؤتمر الصحافي نصف الأسبوعي للأمم المتحدة: «من المهم أن تكون المنظمات الإنسانية قادرة على مساعدة الأفراد بسرعة بالتوافق مع القواعد العالمية للإنسانية والحياد وعدم الانحياز والاستقلالية».
وأضاف «للأسف حتى الآن لم يتأمن هذا الممر»، وأن المنظمة لم تتمكن منذ شهر من الوصول إلى اللاجئين الإريتريين الـ96 ألفاً في تيغراي.
والاثنين، أكدت أديس أبابا التي أعلنت في 28 نوفمبر السيطرة على عاصمة الإقليم ميكيلي، أن العملية العسكرية التي أطلقها رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ضد «جبهة تحرير تيغراي»، الحزب الذي يدير هذه المنطقة شمال البلاد ويتحدى سلطته منذ أشهر، «انتهت».



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».