تسوية تاريخية لمديونيات الطاقة الداخلية في مصر

وزيرا البترول وقطاع الأعمال يشهدان توقيع برتوكول التسوية بينهما (الشرق الأوسط)
وزيرا البترول وقطاع الأعمال يشهدان توقيع برتوكول التسوية بينهما (الشرق الأوسط)
TT

تسوية تاريخية لمديونيات الطاقة الداخلية في مصر

وزيرا البترول وقطاع الأعمال يشهدان توقيع برتوكول التسوية بينهما (الشرق الأوسط)
وزيرا البترول وقطاع الأعمال يشهدان توقيع برتوكول التسوية بينهما (الشرق الأوسط)

وقعت وزارة البترول المصرية أمس الإثنين، تسوية مديونيات شركات قطاع الأعمال العام المتراكمة، نتيجة مسحوبات الغاز من خلال المبادلة بقطع أراض، وذلك بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إيجاس مع 3 شركات قابضة تتبع قطاع الأعمال العام.
شهد التوقيع طارق الملا وزير البترول وهشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، ووقع العقود المهندس عابد عز الرجال الرئيس التنفيذى لهيئة البترول والدكتور مجدي جلال رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» والدكتور وسيم وهدان رئيس شركة الخدمات التجارية البترولية «بتروتريد» من جانب قطاع البترول، ومن جانب قطاع الأعمال المهندس محمد السعداوي رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية والمهندس عماد مصطفى رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية والدكتور أحمد مصطفى رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج.
وقال الملا إن «توقيع تسوية مديونيات شركات قطاع الأعمال العام من خلال المبادلة بقطع أراض يأتي تنفيذاً للتوجيهات الرئاسية والحكومية بفض التشابك بين الوزارات بما يمكنها من تحسين أدائها وزيادة كفاءة الاقتصاد المصري، بالتخلص من التشوهات العالقة بهذا الملف لسنوات طويلة.
وتم توقيع بروتوكول التعاون بين الوزارتين والشركات التابعة لهما بشأن آلية السداد وجدولة المديونيات المستحقة لقطاع البترول لدى شركات قطاع الأعمال العام عن قيمة مسحوباتها من الغاز الطبيعي من خلال مبادلة بعض أصولها في إطار السداد العيني بالعقارات والأراضي، وحظي البروتوكول بموافقة مجلس الوزراء.
وأشار الملا إلى أن «هذه التسوية تأتي من خلال اتفاق يحدد على نحو واضح مسؤوليات وقدرات كل جهة، وما هو المطلوب من كل منها فى إطار من وضوح الرؤية، إلى جانب الحرص على عدم تكرار حدوث أي مشكلات مستقبلية، من خلال وجود التزامات وإطار محدد لتلك التعاملات تم التوافق عليه وفق هذا البروتوكول، والذي يؤكد على سداد المستحقات الشهرية على الشركات لقطاع البترول مقابل مسحوبات الغاز بصفة دورية ومستمرة، بما يضمن تجنب حدوث أي تراكمات مالية، أو متأخرات جديدة».
وأكد الوزيران على أن سداد المستحقات المتأخرة وفقاً للبروتوكول الذي تم توقيعه له أثر إيجابي على الطرفين من حيث تحسين كفاءة الأداء داخل الشركات، والتخلص من معوقات عرقلت الأداء الاقتصادي للشركات لفترات طويلة، ودعم خطط التحديث والتطوير والتحول للأداء الاقتصادي الاحترافي التي تنفذها الوزارتان، كما تسهم في الاستغلال الأمثل لتلك الأصول.
على صعيد آخر، أعلن وزير البترول المصري، إطلاق برنامج لبناء القدرات في مجال تحسين كفاءة الطاقة، وذلك بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، مؤكداً ما تحظى به أنشطة تحسين كفاءة استخدام الطاقة وترشيد استهلاكها من أهمية قصوى في النشاط البترولي، خاصة وأن لها تأثيرا مباشرا في خفض تكلفة التشغيل وتحسين اقتصادات الشركات، علاوة على دورها الهام في خفض الانبعاثات البيئية ومكافحة التغيرات المناخية.
جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقاها وزير البترول والثروة المعدنية عبر تقنية الفيديوكونفرنس خلال ندوة «بناء القدرات في مجال كفاءة الطاقة للعاملين بقطاع البترول» بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والتي عُقدت أمس ضمن فعاليات مشروع «دعم الاستدامة الفنية والمالية للطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة».
وأضاف الملا أن بناء قدرات العاملين بقطاع البترول في مجال كفاءة الطاقة يأتي في إطار برنامج الوزارة لتطوير ورفع كفاءة الإدارة المتوسطة لاستدامة تحسين أداء القطاع والاقتصاد القومي، وأن إطلاق البرنامج الجديد يأتي وفقاً لرؤية التنمية المستدامة مصر 2030واستراتيجية مصر لتحسين كفاءة الطاقة 2035.
وأشار إلى أن التعاون مع البنك الأوروبي يدعم مشروع مصر للتحول لمركز إقليمي للطاقة من خلال استراتيجيات لخفض الكربون بالتوافق مع اتفاقية باريس للمناخ.


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.