جولة متخفية في أعماق «الإنترنت المظلم»

استئجار قتلة وخدمات غير سوية لقاء عملات رقمية مشفرة

يقوم كثير من الأشخاص بتصوير أمور غير طبيعية وبثها عبر الإنترنت لقاء مبلغ مالي
يقوم كثير من الأشخاص بتصوير أمور غير طبيعية وبثها عبر الإنترنت لقاء مبلغ مالي
TT

جولة متخفية في أعماق «الإنترنت المظلم»

يقوم كثير من الأشخاص بتصوير أمور غير طبيعية وبثها عبر الإنترنت لقاء مبلغ مالي
يقوم كثير من الأشخاص بتصوير أمور غير طبيعية وبثها عبر الإنترنت لقاء مبلغ مالي

ألقت قوات الأمن الأسترالية القبض على شاب عمره 26 عاماً كان يبيع المخدرات عبر «الإنترنت المظلم» بعد تأسيس منظمة خاصة به، وبعد جمعه أكثر من 17 مليون دولار.
ما «الإنترنت المظلم»، وما الذي يقدمه، وما الفرق بينه وبين «الإنترنت العميق»؟ وهل يقتصر الأمر على بيع المخدرات والأسلحة وتسريب البيانات الشخصية للمستخدمين؛ أم توجد أمور مخيفة أكثر تُرعب القلوب عندما تستخدم النفوس المريضة التقنية؟
الإنترنت «العميق» و«المظلم»
> «الإنترنت العميق (Deep Web)»: هو مجموعة من المواقع المخفية عن محركات البحث لا يمكن الوصول إليها بالطرق التقليدية أو باستخدام المتصفحات المعروفة، ولا تجري أرشفة هذه المواقع في محركات البحث، وهي تشكل ما نسبته 84 في المائة من بيانات الإنترنت بأكملها. وتتميز مواقع «الإنترنت العميق» بوجود صفحات يتيمة (صفحات لا توجد روابط إليها في صفحات أخرى)، ووجود صفحات ذات وصول محدود (صفحات تمنع برمجيات البحث من الوصول إلى المحتوى)، مع وجود صفحات غير نصية (الصفحات غير القابلة للفهرسة تحتوي على ملفات غير نصية، مثل عروض الفيديو والصور، وغيرها من الامتدادات غير القابلة للأرشفة)، إلى جانب استضافة الصفحات عبر بروتوكول «ftp» (مواقع تستخدم بروتوكولات ونطاقات خاصة موجودة بشكل كبير ويصعب تعقبها أو التجسس عليها نظراً لأن البروتوكول القياسي للصفحات هو «http»).
* «الإنترنت المظلم (Dark web)»: هو مجموعة من المواقع التي تقع في «الإنترنت العميق»، ولكنها تحتوي على أنشطة غير قانونية؛ قد تشمل تجارة المخدرات أو السلاح أو التجارة بالبشر. الشرط الرئيسي لاستخدام «الإنترنت المظلم» هو تشفير هوية المستخدم، وهي تشمل ما نسبته 3 في المائة من الإنترنت.
ويستخدم «الإنترنت العميق» العملات الرقمية في تعاملات مستخدميه، مع اعتماد «الإنترنت المظلم» على عملة «Bitcoin» اللامركزية الأكثر انتشاراً، وذلك بهدف الحفاظ على سرية التعاملات. ويتم استخدام «الإنترنت العميق»، (بشقيه العادي والمظلم) لتسريب البيانات المسروقة مثل تسريبات «ويكيليكس»، أو الإجرامية لابتزاز السياسيين والمشاهير، وقد يصل الحد إلى تقديم خدمات غير قانونية تشمل استئجار القتلة، وبيع الأسلحة والمخدرات، والتجارة بالبشر، وبيع المنتجات المسروقة، والذي تعمل من خلاله المجموعات الإجرامية.
خدمات مخيفة
وكما ذكر في حالة الشاب الأسترالي، فيمكن بيع المخدرات عبر «الإنترنت المظلم»، ومنها موقع «طريق الحرير (Silk Road)» الذي حصد من عمليات بيع المخدرات ما يزيد على 1.5 مليون دولار، قبل أن تغلقه السلطات الأمنية. وتسمح مواقع «الإنترنت المظلم» بمشاركة بيانات المستخدمين. وفي عام 2018، رُصد 3 ملايين و900 ألف رقم لبطاقة مصرفية مسروقة في «الإنترنت العميق»، بينما جرى تسريب 4 مليارات حساب تتضمن بيانات 1.2 مليار مستخدم في عام 2019 لانتحال القراصنة شخصية مستخدمي الإنترنت عبر «فيسبوك» و«لينكد إن» والبريد الإلكتروني وأرقام هواتف جوالة. ويقدم موقع «DoxBin» القدرة على تبادل المعلومات الحساسة جداً لمستخدمي الإنترنت التي تشمل عناوين السكن وأرقام الهواتف ومعلومات بطاقات الائتمان، وغيرها. وإذا أراد المستخدم معرفة معلومات تتعلق بأي شخص، فيكفي أن يراسل الموقع ويحدد معهم الثمن ليحصل على ما يريد. وجرى إغلاق الموقع في عام 2014، ولكن جرت معاودة إطلاقه بنطاق آخر.
ومن الأمور المزعجة الموجودة في «الإنترنت المظلم» تقديم معرض صور ضخم اسمه «People in Coffins» يضم عدداً كبيراً من الصور لموتى داخل قبورهم، حيث يجب دفع المال لمشاهدتهم. الأمر اللافت للنظر أن عدد زوار هذا المعرض كبير، مع وجود من يشعرون بلذة ومتعة أثناء مشاهدة هذا النوع من الصور، مع مشاركتهم ذلك في تعليقاتهم. ويعاد إطلاق الموقع في كل مرة يُغلق فيها. يضاف إلى ذلك منتدى «كابوس الحيوانات (Animal Nightmare)» ذو الشعبية الكبيرة، حيث يجري داخله تبادل عروض فيديو وصور لحيوانات تُعذب بمختلف الطرق. وأغلقت السلطات هذا الموقع، ليعود باسم نطاق جديد.
ولا يقتصر وجود القتلة المأجورين على الأفلام والمسلسلات فقط، حيث يمكن البحث عن القتلة وتوكيل المهام إليهم لتعذيب الأشخاص وإشعال الحرائق في المنازل، وغيرها من التصرفات الإجرامية الأخرى. ويكفي طلب الخدمة ومشاركة اسم وعنوان الضحية ودفع المبلغ. ومن المواقع المختصة: «Torminator» و«Hitman Pro» و«»Slayers Assassination. وقدم موقع «Daisy’s Destruction» موقعاً لتعذيب الأطفال بأشد الأساليب، لتقوم السلطات باعتقال صاحب الموقع البالغ من العمر 51 عاماً. وقدم موقع «Candy Palace» إباحيات للأطفال عبر عدد من غرف الدردشة التي عادة ما يعرض المستخدمون فيها أطفالاً للاستئجار، وكثيراً من الصور وعروض الفيديو الشنيعة التي تتم مشاركتها بينهم (كانت «تاسا» إحدى أشهر الضحايا في هذا الموقع الذي قدم أكثر من 80 فيلماً إباحياً للطفلة التي لا تتجاوز 9 أعوام من عمرها).
ويقدم بعض المواقع القدرة على شراء الأجنة من أمهات يقمن ببيعها بأسعار مرتفعة. ويعود سبب انتشار هذه المواقع إلى ثقافات شعوب بعض البلدان (مثل تايلاند) التي تؤمن بأن الجنين يزيل السحر. وكان موقع «Cyber Cannibal» يجمع من يتناول لحوم البشر في غرف للدردشة، ويتناقش أعضاء الموقع (من بينهم مستهلكون لهذا النوع من اللحوم ومجرمون مختصون بذبح البشر وطهيهم) ويقومون بالتخطيط وتوزيع المهام بينهم واختيار مكان الطهي، إلى جانب وجود أشخاص يعرضون أجزاء من أجسامهم ويبيعونها لأعلى سعر.
ومن الأشياء التي لا تصدر إلا عن شخص غير سوي بيع مساحات من جسد شخص ما لوشم كلمة يريدها المشتري لقاء مبلغ يُتفق عليه مسبقاً. ويختلف السعر وفقاً لموقع الوشم في الجسم وعدد الكلمات. ويمكن كذلك شراء أقنعة سليكون بالغة الدقة في التفاصيل لشخصيات تلفزيونية وسينمائية معروفة. ويمكن أيضاً شراء رمال من شواطئ معينة، حيث يقوم بعض الأشخاص ببيع غرامات عدة من أي شاطئ يرغبه المستخدم في العالم مقابل مبلغ محدد. ونذكر أخيراً تقديم خدمة تناول بعض الأشخاص أطعمة غريبة مقابل مبلغ من المال، مثل تناول الصراصير والحشرات والقمامة وأوساخ الحيوانات، وتسجيل ذلك في عرض فيديو وإرسالها إلى المشتري.
كما يقدم بعض المواقع (مثل «The Human Experiment») تجارب على البشر قد تكون قاتلة، مثل الصوم عن المياه أو الطعام لأسابيع، أو تحمل الآلام المبرحة، أو تجربة المخدرات، أو حتى تعريض الأطفال حديثي الولادة للأشعة السينية أو الحرارة أو الضغط. ولم يُحدّث الموقع منذ عام 2011.


مقالات ذات صلة

بعد قرار تشاد وتصريحات السنغال... هل يُغير الفرنسيون تحالفاتهم الأفريقية؟

تحليل إخباري الرئيس الفرنسي ونظيره النيجيري في باريس قبل أيام (رويترز)

بعد قرار تشاد وتصريحات السنغال... هل يُغير الفرنسيون تحالفاتهم الأفريقية؟

طُرد الجنود الفرنسيون في السنوات الأخيرة من مالي ثم بوركينا فاسو والنيجر، وأخيراً من تشاد.

الشيخ محمد (نواكشوط )
تكنولوجيا «سيبراني» التابعة لـ«أرامكو» الرقمية كشفت عن منتجات تطلق لأول مرة لحماية القطاعات الحساسة (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:27

لحماية الأنظمة محلياً ودولياً... «أرامكو» تطلق لأول مرة منتجات سيبرانية سعودية

أعلنت شركة «سيبراني» إحدى شركات «أرامكو» الرقمية عن إطلاق 4 منتجات سعودية مخصّصة لعوالم الأمن السيبراني.

غازي الحارثي (الرياض)
تكنولوجيا فعالية «بلاك هات 2024» تهدف لتمكين خبراء الأمن السيبراني عالمياً عبر ورش وتحديات تقنية مبتكرة (بلاك هات)

فعالية «بلاك هات» تعود في نسختها الثالثة بالرياض بجوائز تفوق مليوني ريال

بمشاركة عدد كبير من الشركات السعودية والعالمية والشخصيات الرائدة في المشهد السيبراني.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد الهجمات الإلكترونية تكلف الشركات 1.9 % من إيراداتها في المتوسط (رويترز)

الهجمات الإلكترونية تكلف الشركات البريطانية 55 مليار دولار في 5 سنوات

قالت شركة «هاودن» لوساطة التأمين، إن الهجمات الإلكترونية كلفت الشركات البريطانية نحو 44 مليار إسترليني (55.08 مليار دولار) في السنوات الخمس الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا حذّرت شركة «فورتينت» من تهديدات سيبرانية متزايدة استهدفت انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 (أدوبي)

تقرير استخباراتي: تزايد التهديدات السيبرانية خلال الانتخابات الأميركية

بيّن التقرير تسجيل أكثر من 1000 نطاق وهمي جديد يحمل محتوى انتخابياً منذ بداية عام 2024، يستهدف خداع الناخبين.

نسيم رمضان (لندن)

«جيميناي 2.0»... «غوغل» بدأت إتاحة نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي التوليدي

شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)
شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)
TT

«جيميناي 2.0»... «غوغل» بدأت إتاحة نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي التوليدي

شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)
شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)

أعلنت شركة «غوغل» اليوم (الأربعاء) بدء العمل بنموذجها الأكثر تطوراً إلى اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي «جيميناي 2.0» Gemini 2.0 الذي تسعى من خلاله إلى منافسة شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى في قطاع يشهد نمواً سريعاً، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتوقّع رئيس مجموعة «ألفابت» التي تضم «غوغل» سوندار بيشاي أن تفتح هذه النسخة الحديثة من البرنامج «عصراً جديداً» في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي القادر على أن يسهّل مباشرة الحياة اليومية للمستخدمين.

وأوضحت «غوغل» أن الصيغة الجديدة من «جيميناي» غير متاحة راهناً إلا لقلّة، أبرزهم المطوّرون، على أن تُوفَّر على نطاق أوسع في مطلع سنة 2025. وتعتزم الشركة دمج الأداة بعد ذلك في مختلف منتجاتها، وفي مقدّمها محركها الشهير للبحث، وبأكثر من لغة.

وشرح سوندار بيشاي ضمن مقال مدَوَّنة أعلن فيه عن «جيميناي 2.0» أن هذه الأداة توفّر «القدرة على جعل المعلومات أكثر فائدة، مشيراً إلى أن في وِسعها فهم سياق ما وتوقّع ما سيلي استباقياً واتخاذ القرارات المناسبة للمستخدم».

وتتنافس «غوغل» و«أوبن إيه آي» (التي ابتكرت تشات جي بي تي) و«ميتا» و«أمازون» على التوصل بسرعة فائقة إلى نماذج جديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي، رغم ضخامة ما تتطلبه من أكلاف، والتساؤلات في شأن منفعتها الفعلية للمجتمع في الوقت الراهن.

وبات ما تسعى إليه «غوغل» التوجه الجديد السائد في سيليكون فالي، ويتمثل في جعل برنامج الذكاء الاصطناعي بمثابة «خادم رقمي» للمستخدم وسكرتير مطّلع على كل ما يعنيه، ويمكن استخدامه في أي وقت، ويستطيع تنفيذ مهام عدة نيابة عن المستخدم.

ويؤكد المروجون لهذه الأدوات أن استخدامها يشكّل مرحلة كبرى جديدة في إتاحة الذكاء الاصطناعي للعامّة، بعدما حقق «تشات جي بي تي» تحوّلاً جذرياً في هذا المجال عام 2022.

وأشارت «غوغل» إلى أن ملايين المطوّرين يستخدمون أصلاً النسخ السابقة من «جيميناي».

وتُستخدَم في تدريب نموذج «جيميناي 2.0» وتشغيله شريحة تنتجها «غوغل» داخلياً، سُمّيت بـ«تريليوم». وتقوم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل أساسي على معدات تصنعها شركة «نفيديا» الأميركية العملاقة المتخصصة في رقائق وحدات معالجة الرسومات (GPUs).