اتهامات يمنية للحوثيين باستغلال المعاقين ونهب جمعياتهم ومؤسساتهم

الجماعة الانقلابية سخرت الدعم الإنساني لإعادة تأهيل جرحاها

يمني يجرب طرفاً صناعياً في صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يجرب طرفاً صناعياً في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

اتهامات يمنية للحوثيين باستغلال المعاقين ونهب جمعياتهم ومؤسساتهم

يمني يجرب طرفاً صناعياً في صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يجرب طرفاً صناعياً في صنعاء (إ.ب.أ)

أفادت تقارير يمنية بأن انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية وتفجير الجماعة للحرب رفع أعداد المعاقين في البلاد إلى أكثر من 4 ملايين معاق، فيما سخرت الجماعة أغلب الدعم الإنساني لإعادة تأهيل جرحاها، مع تجاهل الآلاف من ذوي الإعاقة من بقية الفئات اليمنية.
وفي السياق نفسه، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن الميليشيات الانقلابية صعدت خلال الفترة الماضية من حجم انتهاكاتها وتعسفها وفسادها بحق الصناديق والجمعيات والمؤسسات الخاصة بذوي الإعاقة في صنعاء العاصمة، فيما اتهمت تقارير محلية الجماعة بمواصلة استغلالها للمعاقين بمختلف المناسبات، من خلال حشدهم للمشاركة بمسيرات مؤيدة لها أو عبر إحياء فعاليات تعبوية تنظمها بين الحين والآخر.
وأشارت المصادر إلى أن انتهاكات الجماعة بحق تلك الشريحة الأشد ضعفاً في اليمن تنوعت بين الحرمان من الرعاية والمساعدات وإغلاق العشرات من الجمعيات، واستبدال أخرى حوثية بها، وإقصاء قيادات من إدارة بعض الصناديق والمؤسسات، وإحلال أخرى من سلالة زعيم الجماعة مكانها.
وكشف عاملون بصندوق رعاية وتأهيل المعاقين بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن نهب مسلحي الجماعة قبل 6 أسابيع لأموال وكراسي متحركة كانت قد قدمتها منظمات في صورة مساعدات للمعاقين، وقاموا بتوزيعها على جرحى الميليشيات العائدين من جبهات القتال.
وأشار العاملون الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، لاعتبارات تتعلق بسلامتهم، إلى أن قادة الجماعة المعينين في الصندوق استمروا في إصدار توجيهات بصرف أموال من ميزانية الصندوق لصالح المجهود الحربي، في وقت يحرم فيه المئات من المعاقين من الحصول على أبسط حقوقهم.
ووصلت درجة التمييز بين أنصار الجماعة وبقية اليمنيين إلى قيام عناصر الميليشيات بتحويل أموال المعاقين لشراء قوافل غذائية للمقاتلين في الجبهات، بحسب المصادر نفسها.
وفي الوقت الذي يحتفي فيه العالم في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) من كل عام باليوم العالمي للمعاقين، في تعبير عن التضامن مع تلك الشريحة من المجتمع، وتشجيع لها على مواصلة الحياة والتغلب على الظروف الصعبة، واصلت الجماعة الحوثية إغلاق العشرات من الجمعيات المحلية التي تقدم العون والرعاية لتلك الشريحة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر الميليشيات قاموا منذ مطلع العام الحالي بإغلاق أكثر من 60 منظمة ومؤسسة وجمعية مدنية وخيرية كانت تقدم الدعم والرعاية والخدمات للمعاقين، وتعمل بنطاق عدد من القرى والمديريات والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الجماعة.
وعملت الجماعة خلال الفترة نفسها على استحداث ما يقرب من 80 جمعية حوثية في مجال الرعاية وتأهيل المعاقين، ووفرت لها كل الإمكانات بغية السيطرة على المساعدات المقدمة في هذا الجانب.
ويأتي على رأس تلك الجمعيات الحوثية المستحدثة ما يسمى مؤسسة «الإمام الصادق»، وجمعية «مستقبل اليمن» لرعية وتأهيل المعاقين، وجمعية الرعاية الصحية للمجتمعات المتضررة، وغيرها، حيت أكدت المصادر أن تلك الجمعيات استحوذت على ما نسبته 95 في المائة من العمل في مجال رعاية وتأهيل المعاقين بمناطق سيطرة الجماعة.
وفيما يتعلق بتسخير الجماعة لجل المعونات المقدمة لمعاقي اليمن لصالح جرحاها عبر تلك الجمعيات، تحدث مصدر بجمعية رعاية وتأهيل المعاقين حركياً بصنعاء عن أن معظم الفعاليات الاحتفالية والتكريمية وغيرها التي تشهدها صنعاء ومدن يمنية أخرى بات يقتصر تنظيمها على الجمعيات والمؤسسات الحوثية.
وأرجع المصدر أسباب ذلك إلى استحواذ الجماعة، باتفاق مسبق مع بعض المنظمات الدولية، على المساعدات التي كانت تقدم للمعاقين عن طريق منظمات مدنية محلية، والتي كانت تصل إلى كل معاق ومعاقة يمنية.
وأبدى المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» سخريته من تسلم جمعية رعاية وتأهيل المعاقين حركياً (تأسست عام 1988) قبل فترة من مؤسسة الإمام الصادق الحوثية (مضى على تأسيسها بضعة أشهر) نحو 40 زوجاً من العكازات بهدف توزيعها ليس على المعاقين اليمنيين بشكل عام، وإنما لمعاقي وجرحى الميليشيات.
وأوضح المصدر أن لدى الجماعة حالياً عدداً كبيراً من المنظمات التي تعمل في المناطق الواقعة تحت سيطرتها كافة. وقال إن جمعية مستقبل اليمن لرعاية وتأهيل المعاقين، ومؤسسة الإمام الصادق، الحوثيتين تأتيان في مقدمة تلك المؤسسات التي سخرت الجماعة لها جل الدعم والإمكانات لتهتم بجرحاها. وكانت جمعية «مستقبل اليمن لرعاية وتأهيل المعاقين» قد قامت، بالتعاون مع هيئة الزكاة التابعة للجماعة، بتقديم مبالغ مالية وجوائز عينية لأكثر من 60 معاقاً من جرحى الميليشيات، دون غيرهم من معاقي اليمن، عقب برنامج تدريبي قالت الجماعة إنه خاص بالتمكين في مجال التوجيه والإرشاد.
وفي أواخر أبريل (نيسان) الماضي، دشنت هيئة الزكاة الحوثية مشروع توزيع الهدايا العينية والنقدية للمعاقين من جرحى الجماعة في مختلف المحافظات، بالشراكة مع جمعية مستقبل اليمن لرعاية وتأهيل المعاقين الحوثية، حيث أنفقت عليهم 118 مليون ريال (الدولار نحو 600 ريال).
وقبل ذلك بفترة وجيزة، نظم ما يسمى «شعبة المعاقين» التابعة للجماعة، بالتعاون مع الجمعية ذاتها بصنعاء، حفل تخرج لدفعة أطلقت عليها تسمية «الوفاء للشهداء»، البالغ عددها 85 شخصاً من الجرحى، عقب تأهيلهم للقيام بأدوار التعبئة والاستقطاب.
ورغم اعتبار ذوي الإعاقة من بين أكثر الفئات اليمنية التي دفعت أثماناً باهظة بسبب الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات على مدار سنوات الانقلاب، قدرت تقارير حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة لا يقل عن 4 ملايين ونصف المليون نسمة؛ أي نحو 15 في المائة من عدد السكان.
وأشار تحالف «رصد» (تحالف حقوقي يمني) إلى أن أعداد ذوي الإعاقة في اليمن في تزايد بسبب ألغام الميليشيات التي تزرعها بكل منطقة، والتي تصل إلى أكثر من مليوني لغم على أقل تقدير.
وكان تقرير حقوقي آخر قد اتهم في وقت سابق الانقلابيين بمواصلة استغلالهم للمعاقين في مختلف المناسبات، من خلال حشدهم للمشاركة في مسيرات مؤيدة للجماعة أو في إحياء فعاليات ذات صبغة طائفية تنظمها الميليشيات بين الحين والآخر.
وأشار تقرير مركز الإعلام الإنساني إلى أن عدد المصابين بإعاقات مختلفة قد بلغ بسبب الحرب نحو 92 ألف شخص، لينضموا إلى أكثر من 3 ملايين معاق سُجلوا خلال الأعوام التي سبقت الحرب والانقلاب، حيث كانت نسبة المعاقين قبل الحرب تتراوح بين 10 و13 في المائة من إجمالي عدد السكان، بحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين، ومنظمات محلية ودولية. وبحسب التقرير، فإن 90 في المائة من إجمالي عدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في اليمن باتوا يعيشون تحت خط الفقر، إضافة إلى أن عدداً كبيراً منهم كانوا يتلقون قبل الانقلاب والحرب رعاية صحية وتعليمية ونفسية عن طريق جمعيات خيرية، ومنظمات محلية ودولية، وجهات رسمية، كصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، لكن ذلك الصندوق الحكومي توقف عن دعم مراكز العلاج الطبيعي والمستشفيات الخاصة بذوي الإعاقة، وتم إيقاف حسابه في تلك المستشفيات، بسبب نهب الجماعة الحوثية لإيراداته.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.