مفاوضات حثيثة في الكونغرس لتمرير مشروع الحصانة السيادية للسودان

الكونغرس الأميركي محور اتصالات مكثفة لإقرار مشروع الحصانة السيادية للسودان (أ.ف.ب)
الكونغرس الأميركي محور اتصالات مكثفة لإقرار مشروع الحصانة السيادية للسودان (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات حثيثة في الكونغرس لتمرير مشروع الحصانة السيادية للسودان

الكونغرس الأميركي محور اتصالات مكثفة لإقرار مشروع الحصانة السيادية للسودان (أ.ف.ب)
الكونغرس الأميركي محور اتصالات مكثفة لإقرار مشروع الحصانة السيادية للسودان (أ.ف.ب)

تنقضي هذا الأسبوع مهلة الـ45 يوماً التي بدأت منذ أن أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الكونغرس بنيته رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في الثالث والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفي وقت يتوقع فيه أن يعلن ترمب رسمياً رفع السودان من اللائحة، تتوجه الأنظار إلى الكونغرس الأميركي الذي لم يمرر بعد مشروع الحصانة السيادية الذي يوفر للسودان الحماية ضد الدعاوى القضائية في الولايات المتحدة.
ففي ظل معارضة السيناتورين بوب مننديز عن ولاية نيو جرسي، وتشاك شومر عن ولاية نيويورك، لأي مشروع لا يتضمن حماية أي تعويضات محتملة لضحايا الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، لا تزال المساعي جارية للتوصل إلى تسوية مع المشرعين في هذا الملف.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مفاوضات حثيثة تجري بشكل شبه يومي بين وزارة الخارجية من جهة والمعارضين من جهة أخرى، في محاولة لتخطي العقبات وتمرير المشروع قبل رفع الكونغرس رسمياً لجلساته في 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. فكل الأطراف تعلم جيداً أهمية تمرير المشروع الضروري للإفراج عن التعويضات التي قدمها السودان لضحايا الهجمات الإرهابية على السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا في عام 1998 والمدمرة الأميركية كول في عام 2000، والبالغة 355 مليون دولار. كما أن الحصانة السيادية ضرورية للحؤول دون مطالبة السودان بدفع مزيد من التعويضات في حال رفع دعاوى إضافية ضده في الولايات المتحدة. أضف إلى ذلك أن الاتفاق الثنائي بين البلدين تضمن تعهداً أميركياً بإقرار مشروع الحصانة السيادية.
وفي ظل تردد تقارير مفادها أن السودان هدد بسحب التزامه بالتطبيع مع إسرائيل بعد الاتفاق الثنائي مع الولايات المتحدة في حال عدم تمرير مشروع الحصانة السيادية، دفعت إسرائيل مجموعات الضغط التابعة لها في واشنطن لزيارة المشرعين والضغط عليهم لتمرير المشروع.
ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الدبلوماسيين الإسرائيليين في واشنطن بدأوا بحث أعضاء الكونغرس للموافقة على المشروع، وإلا فإن مصير اتفاقات التطبيع مع السودان ودول عربية أخرى سيكون مهدداً. ونُقل عنه القول: «منذ أن قرر السودان تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أصبحت لإسرائيل مصلحة في حل مشاكل السودان في واشنطن. وهذا سيشجع بلداناً أخرى على تطبيع العلاقات مع إسرائيل كذلك».
وقالت مصادر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حلحلة في مواقف المشرعين المعارضين، لأنهما «يعلمان مدى أهمية الموضوع»، لكن لم يتم حل كل القضايا العالقة حتى الساعة.
وفي حال رفع الكونغرس جلساته في 18 ديسمبر (كانون الأول) من دون تمرير المشروع، يمكن للكونغرس الجديد الذي سيتسلم أعماله رسمياً في الثالث من يناير (كانون الثاني) أن ينظر في إقراره.
فأموال التعويضات التي حولها السودان، والموجودة في حساب معلق بانتظار إقرار المشروع، ستبقى في ذلك الحساب حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لكن كل المؤشرات التي أرسلها السودان تدل على أنه في حال عدم تمرير المشروع قريباً فإنه سينسحب من الاتفاق.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً