لقاء بين عون والحريري يعيد الحرارة إلى تأليف الحكومة

تباحثا في الطرق الأنسب لتذليل العقبات... ويستكملان النقاش في الأسماء غداً

عون والحريري خلال لقائهما في بعبدا أمس (تويتر)
عون والحريري خلال لقائهما في بعبدا أمس (تويتر)
TT

لقاء بين عون والحريري يعيد الحرارة إلى تأليف الحكومة

عون والحريري خلال لقائهما في بعبدا أمس (تويتر)
عون والحريري خلال لقائهما في بعبدا أمس (تويتر)

أعادت زيارة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا أمس (الاثنين)، الحرارة إلى مباحثات تشكيل الحكومة بعد ثلاثة أسابيع من المراوحة لم تشهد لقاء مباشراً بينهما، إذ تشاورا في الملف، على أن يستكمل الحريري غداً الأربعاء مشاوراته في جلسة أخرى أعلن عنها لدى مغادرته القصر.
واستأنف الحريري أمس مباحثاته مع الرئيس عون، حول تأليف الحكومة بعد عشرين يوماً من غيابه عن الزيارات التشاورية إلى القصر الجمهوري، واكتفى الحريري بعد اللقاء بالقول: «تشرّفت بلقاء الرئيس عون وتشاورت معه»، مضيفاً: «سأعود الأربعاء وسيكون هناك لقاء نحدّد فيه الكثير من الأمور الأساسية». وقالت مصادر مواكبة لعملية التشكيل لـ«الشرق الأوسط» إن عون والحريري تناقشا في عملية التأليف وفي الأسباب التي أدت إلى تأخير إعلان ولادة الحكومة، والطرق الأنسب لتذليل العقبات من أمامها، مشيرة إلى أن النقاش سيتم استئنافه غداً الأربعاء بين الطرفين.
وكان يتوقع أن يسلم الحريري تشكيلة وزارية جاهزة تضم 18 اسماً، ومن ضمنها أسماء يقترحها «الثنائي الشيعي» المتمثل في «حزب الله» و«حركة أمل» لتمثل الثنائي في الحكومة العتيدة. وبدا واضحاً أن التشكيلة تفتقد إلى أسماء الوزراء الشيعة، إذ نقلت وكالة الأنباء «المركزية» عن مصادر الثنائي نفيها أن تكون قد سلمت أسماء وزراء للحقائب التي اختارها لهما، «لا بل هما ينتظران أن يتواصل معهما بعد أن يتفق مع رئيس الجمهورية».
ولم يتم الإعلان أمس عن تسليم لائحة مكتملة، وما إذا كان الحريري وعون تناقشا في أسماء ستتضمنها التشكيلة، علماً بأن عون «يفضل أن يتم النقاش في تشكيلة كاملة»، وهو ما سيتم بحثه غداً في اللقاء بين الطرفين.
وأفضى اللقاء إلى أجواء إيجابية لجهة إعادة تفعيل النقاش، بعد ثلاثة أسابيع من المراوحة، ما يشير إلى تحرك جديد تُستأنف فيه عملية التأليف. وتحدثت وسائل إعلام محلية عن أنه «لو لم يسجل أي تقدم في لقاء الاثنين لما تم تحديد الأربعاء موعدا جديدا»، وهو ما يفضي إلى «نوع من التوافق على إعادة تفعيل الملف الحكومي».
ويتزامن هذا اللقاء مع دعوات وضغوط محلية ودولية للإسراع بتأليف الحكومة والمباشرة بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بغية الحصول على دعم دولي يساعد لبنان على النهوض من أزماته الاقتصادية والمعيشية.
بالتوازي، اعتبرت «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، بعد الاجتماع الدوري لمكتبها السياسي، أن «حسم الملف الحكومي بات حاجة أكثر من ملحة وضرورية، وأي تأخير تتضاعف أثمانه على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وحتى الأمنية، وبالتالي لم يعد يمتلك أحد من اللبنانيين والمسؤولين ترف خسارة الوقت ومخاطره على الوطن والمواطن». وقالت إن «المطلوب من أصحاب الشأن بأن يكون هذا الأسبوع أسبوع الحسم الحكومي، وتبني البرنامج الإصلاحي الإنقاذي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.