انهيار الليرة اللبنانية يقلب حياة الموظفين والعسكريين رأساً على عقب

40 % من الموازنة اللبنانية رواتب للقوى العسكرية (تويتر)
40 % من الموازنة اللبنانية رواتب للقوى العسكرية (تويتر)
TT

انهيار الليرة اللبنانية يقلب حياة الموظفين والعسكريين رأساً على عقب

40 % من الموازنة اللبنانية رواتب للقوى العسكرية (تويتر)
40 % من الموازنة اللبنانية رواتب للقوى العسكرية (تويتر)

قبل سنة كان حلم كثير من الشباب اللبنانيين، خصوصاً أبناء القرى والأرياف، أن يلتحقوا بواحد من الأسلاك العسكرية؛ وإنْ برتبة جندي، وإن كان كثير منهم يحملون شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) أو بدأوا سنوات الدراسة الجامعية. فالجندي كان يبدأ براتب شهري يبلغ نحو 800 دولار، ناهيك بما ينتظره مستقبلاً من رتب وتعويض يحتسب على أساس السنة 3 سنوات، وتقاعد يستمر عشرات السنين؛ إذ ينتقل من المستفيد إلى أرملته وابنته العزباء أو المطلقة من دون أبناء ذكور حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وهذه المغريات لم يكن يحظى بها كثير من موظفي القطاع الحكومي الذين يتخذون صفة التعاقد اليومي وبالحد الأدنى للأجور الذي كان لا يبلغ 500 دولار، وحال القطاع الخاص لم تكن أفضل. إلا إن الناس كانوا يعرفون كيف يتدبرون أمورهم بما يتقاضونه، عندما كان الدولار يساوي 1500 ليرة.
كل هذه الأمور انقلبت رأساً على عقب منذ أن بدأ الدولار يرتفع سعره حتى بلغ في السوق السوداء 8000 ليرة، ولم يعد الحد الأدنى يساوي 50 دولاراً، وغرق أكثر من نصف اللبنانيين في الفقر، والحبل على الجرار، فيما يئن الجميع من الحالة الاقتصادية الصعبة والانهيار المالي غير المسبوق، ولم يعد هناك ما يغري، وأصبح الجميع؛ بمن فيهم العسكريون، يدورون في حلقة مفرغة. فالراتب الذي يتقاضاه العنصر لم يعد يكفيه لمصاريفه ودفع ديونه للمصارف، مما يرسم شكوكاً حول قدرة العناصر على تأمين منازل للسكن وشراء أثاث منزل، فيما تتفاقم الأزمة المعيشية وتتدنى القدرة الشرائية للموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، وبات معظم الشباب اللبناني يبحث عن وظيفة تؤمن له راتباً بالدولار.
ويبلغ عديد القوى الأمنية والعسكرية 123 ألفاً، وهو يعد، بحسب الباحث في «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، كبيراً جداً وبمثابة فائض، لافتاً إلى أنهم موزعون على الشكل التالي: 83 ألفاً في الجيش، و27 ألفاً في قوى الأمن الداخلي، و8 آلاف في الأمن العام، و4 آلاف في أمن الدولة، و450 في شرطة مجلس النواب. ويشير شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «وجود أكثر من 11 ألف عنصر مفروزين مرافقين لعسكريين أو سياسيين، كما أن هناك كثيراً منهم في مخافر لا تحتاج أعداداً كبيرة ويمكن خفضهم لأقل من النصف، خصوصاً أن تكلفتهم عالية جداً».
وتخصص 40 في المائة من موازنة موظفي القطاع العام لرواتب العسكريين والقوى الأمنية الموجودين في الخدمة الفعلية أو في صفوف المتقاعدين. وبلغت تكلفة رواتب قوى الأمن الداخلي مثلاً نحو 800 مليار ليرة (530 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي) في عام 2020، ورواتب الجيش 2000 مليار ليرة (1.3 مليار دولار على سعر الصرف الرسمي)، ورواتب الأمن العام 207 مليار ليرة (138 مليون دولار)، وأمن الدولة 75 ملياراً (50 مليون دولار)، وفق أرقام «الدولية للمعلومات».
ومنذ عام 2017 اتخذ قرار بوقف التوظيفات في القطاع العام. وبحسب وزير الداخلية محمد فهمي، فإن عدد عناصر قوى الأمن الداخلي ينقص في حدود الألف سنوياً، مما ينعكس سلباً على المؤسسة، نتيجة وقف التطوع.
ويوضح وزير الداخلية الأسبق مروان شربل أنه منذ تسعينات القرن الماضي لم يتجاوز عديد قوى الأمن الداخلي 30 ألفاً، علماً بأنه بعد مرور كل هذه السنوات باتت الحاجات أكبر وتصل اليوم إلى حدود 50 ألفاً، داعياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى إعادة النظر في سن التقاعد الذي يبلغ 58 عاماً، نظراً لصعوبة التطويع في هذه المرحلة وتكلفته المرتفعة.
ولا يبدو، بحسب الخبراء الماليين والاقتصاديين، أن هناك أي توجه لإعادة النظر في رواتب موظفي القطاع العام في المدى المنظور، خصوصاً أن المخاوف تتركز حالياً حول قدرة الدولة على تأمين الرواتب الحالية.
وتشير الدكتورة منى فياض، الأستاذة في علم النفس بالجامعة اللبنانية، إلى وجود أنواع من العناصر الأمنيين، لافتة إلى أنه «رغم انتماء بعضهم لأجهزة أمنية رسمية، فإنهم يكونون تابعين لأحزاب وفئات متمكنة في الدولة، تمنحهم سلطة أكبر على الأرض إضافة لمعاش شهري يضاف للراتب الذي يتقاضونه مباشرة من الدولة، وهؤلاء لن يتأثروا كثيراً بالوضع الاقتصادي الحالي». وتضيف فياض لـ«الشرق الأوسط»: «أما النوع الثاني من العناصر الذين يعيشون في مناطق بعيدة، فسيفضلون البقاء في قراهم والعيش من الزراعة وتربية مواشي»، لافتة إلى وجود «أكثرية ستتمسك بعملها وبنزاهة؛ لأنها تعي أن ترك الوظيفة أو الطرد منها سيعني البقاء من دون عمل في ظل الأوضاع الحالية».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.