دعا سياسيون وخبراء في القانون الدستوري، الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى التدخل واستخدام صلاحياته الرئاسية التي تسمح له باللجوء إلى «إجراءات استثنائية»، هدفها إنقاذ تونس من «خطر الفوضى والانقسام»، وعدم انتظار نتائج المبادرات التي قدمها أكثر من طرف سياسي واجتماعي، والهادفة بدورها إلى إيجاد حل للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد. ويقتضي المرور إلى «حالة الاستثناء» استشارة رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية (ملف إنشائها عالق حالياً)، وبعد ذلك إعلان تلك التدابير في بيان إلى الشعب التونسي.
وفي هذا السياق، شدد كل من لطفي المرايحي، رئيس حزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري»، ومحمد عبو، القيادي في حزب «التيار الديمقراطي»، وهيكل المكي، القيادي في «حركة الشعب»، علاوة على الصادق شعبان الوزير السابق في نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، والمنضم إلى حركة «مشروع تونس»، على ضرورة تفعيل الفصل 80 من الدستور التونسي الذي يتيح مجموعة من الإجراءات الاستثنائية لـ«تعذر السير العادي لدواليب الدولة»، ويخول رئيس الجمهورية اتخاذ كل التدابير لإنقاذ البلاد من حالة الفوضى والتسيب، نتيجة ارتفاع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية، وتوسع دائرة المطالبين بالتنمية والتشغيل، وما رافق ذلك من «تعطيل متعمد» لمرافق الإنتاج واضطراب تزويد العائلات التونسية بالمواد الاستهلاكية الضرورية.
وقال الصادق شعبان، وزير العدل السابق في نظام بن علي، إن تونس باتت تواجه خطراً داهماً، لأن الحكومة الحالية أصبحت عاجزة عن احتواء موجة الاحتقان الاجتماعي. غير أن الرئيس التونسي قيس سعيد، المختص في القانون الدستوري، كان له رأي مختلف. ورغم تصريحه السابق بأنه لن يسمح بتهاوي مؤسسات الدولة، وتأكيده أن «كرسي الرئاسة ليس شاغراً، وأن محاولات الاستدراج إلى المستنقعات ستبوء بالفشل»، فقد عاد ليقول إن «المرحلة الحالية خطيرة وعلى الجميع أن يتحملوا المسؤولية كاملة». غير أنه لم يصرح بإمكانية اللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية التي يخولها له الدستور التونسي.
وفي تعليق على مدى خطورة هذه الإجراءات الاستثنائية في حال تنفيذها، قالت سلسبيل القليبي، أستاذة القانون الدستوري، إن هذه الخطوة تمكن رئيس الجمهورية من تجاوز صلاحيات رئيس الحكومة، وبالتالي يتم ولفترة زمنية معينة تعليق العمل بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التي ستُجمع بين يديه. وأشارت إلى أن غياب المحكمة الدستورية وإمكانية انفراد الرئيس التونسي بالسلطة، قد يمثلان تهديداً للنظام السياسي الحالي وانتقالاً إجبارياً من النظام البرلماني المعدل إلى النظام الرئاسي، على حد تعبيرها.
على صعيد متصل، دعا المنجي الرحوي، القيادي اليساري، إلى إسقاط البرلمان التونسي الذي يرأسه راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»، قائلاً إنه لا يمثل إرادة الشعب التونسي، حسب رأيه. أما أنور الشاهد، القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» المعارض، فطالب، من جهته، بإيقاف عمل البرلمان التونسي إلى حين تجاوز الإشكاليات والخلافات وكل أشكال التوتر، وأكد أن نحو 70 في المائة من النقاشات التي تدور تحت قبة البرلمان لا تعبر عن مشاغل التونسيين وتطلعاتهم.
في غضون ذلك، أكد الصحبي عتيق، القيادي في «حركة النهضة»، أن الحكومة التونسية الحالية لا تحمل رؤية واضحة. وقال إن تونس تعيش وضعاً استثنائياً في الوقت الراهن نتيجة «عدم تحقيق مطالب الثورة».
وأضاف أن البلاد في حاجة ماسة إلى انتقال اجتماعي واقتصادي حقيقي يلبي المطالب، ويأخذ بعين الاعتبار الانتظارات والآمال الكثيرة للتونسيين. وأشار إلى أن «حكومة الكفاءات» تأخرت كثيراً في تنفيذ الإصلاحات، وتغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي لمعظم الفئات الاجتماعية، مضيفاً أنها قدمت الكثير من الوعود دون أن تكون لها قدرات فعلية على تحقيقها.
سياسيون يطالبون الرئيس التونسي بإعلان «حالة الاستثناء»
تسمح له باتخاذ إجراءات لمواجهة «خطر الفوضى والانقسام»

الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير خلال مراسم اعتماد حنان التاجوري سفيرة لتونس لدى ألمانيا في قصر بلفيو في برلين أمس (أ.ب)
سياسيون يطالبون الرئيس التونسي بإعلان «حالة الاستثناء»

الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير خلال مراسم اعتماد حنان التاجوري سفيرة لتونس لدى ألمانيا في قصر بلفيو في برلين أمس (أ.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة