تونس.. ولادة «الجمهورية الثانية»

توقيع الدستور.. هل يخرج البلاد من «عنق الزجاجة» ويوقف «حوار الطرشان»؟

الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)
الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)
TT

تونس.. ولادة «الجمهورية الثانية»

الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)
الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)

يوم 26 يناير (كانون الثاني) يرمز في تونس لتلك الانتفاضة الاجتماعية السياسية التي وقعت فصولها في عام 1978، وهي ذكرى المواجهات الدامية بين قوات الجيش والأمن التونسيين مع الجماهير الغاضبة والنقابات العمالية، مما تسبب في سقوط أكثر من ألف قتيل وآلاف الجرحى. لكنه سيرمز مستقبلا إلى يوم «ميلاد الجمهورية الثانية» بعد المصادقة على نص الدستور الجديد بحضور شخصيات عربية ودولية ووسط ترحيب عالمي بـ«المعجزة السياسية التونسية». وأشاد غالبية رؤساء الدول والحكومات في أوروبا وأميركا بمسار «الانتقال السلمي للسلطة» في تونس التي «فجرت الربيع العربي» قبل ثلاث سنوات.
وكانت تونس التي تتميز بقوة نخبها العلمانية والليبرالية واليسارية شهدت خلال الأشهر الماضية أزمات سياسية وأمنية حادة ومواجهات بين تلك النخب والأغلبية الجديدة، التي أفرزتها انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011 بزعامة حركة النهضة الإسلامية.
لكن خلافا لكل التوقعات لم تسفر تلك الأزمات والمواجهات عن «منعرج عسكري أمني» بل عن «توافق شبه كامل حول نص الدستور» بين مختلف الفرقاء.. الأمر الذي فاجأ جل المراقبين، إذ تجاوزت نسبة التصويت لفائدته 92 في المائة.
هل خرجت تونس نهائيا من «عنق الزجاجة» بعد إقرار «دستور الجمهورية الثانية» منذ «القراءة الأولى» ودون اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي عليه؟ أم أن تناقضات جديدة ستنفجر في المرحلة المقبلة رغم الإعلان عن «التوافق الشامل» حوله وحول «حكومة التكنوقراط» التي ستعوض فريق «الترويكا» بزعامة علي العريض ورفاقه في حزب النهضة الإسلامي؟
لعل من أبرز ما ينبغي تسجيله أولا أن «الأقلية» التي اعترضت على الصيغة النهائية للدستور التونسي الجديد (12 عضوا) أو تلك التي تحفظت عليه (8 أعضاء) لا تضم بينها الزعامات اليسارية والإسلامية «المثيرة للجدل» التي خطفت الأضواء طوال السنتين الماضيتين وتميزت بإعلان معارضتها الشديدة لمشروع الدستور الجديد.

* «الانقلابيون» صوتوا للتوافق مع النهضة
* وسيسجل التاريخ أن البرلمانيين من «أقصى اليسار»، مثل المنجي الرحوي ومراد العمدوني، الذين عارضوا مشروع الدستور طوال أشهر في وسائل الإعلام التونسية والعالمية ووصفوه بـ«الدستور الإسلامي» كانوا من أبرز من صوت عليه ودافع عنه.. بعد «التعديلات والتوافقات» في جلسات ماراثونية خلال الأسابيع والأيام القليلة التي سبقت موعد المصادقة.
وقد سار في هذا التوجه زعماء «المعارضة اليسارية المعتدلة» مثل السادة أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي وعصام الشابي (الحزب الجمهوري) ومحمد الحامدي وسمير الطيب وأحمد إبراهيم (حزب المسار - الحزب الشيوعي سابقا)، رغم سلسلة انسحاباتهم السابقة من الجلسات العامة وجلسات اللجان في المجلس التأسيسي، احتجاجا على ما وصفوه بـ«تغول أنصار تيار الإسلام السياسي بين نشطاء حركة النهضة الإسلامية وحلفائها». وقد تسببت انسحاباتهم في شل عمل المجلس الوطني التأسيسي لمدة خمسة أشهر توقع خلالها كثير من المراقبين للشأن التونسي أن تسفر عن «تدخل الجيش» وعن انتصار «الانقلابيين على الشرعية».
لكن تطورات الأحداث وماراثون المفاوضات والوساطات دفعت إلى «تنازلات سياسية متبادلة» جعلت «الانقلابيين» يتوافقون مع قيادة حركة النهضة وشركائها العلمانيين.. مما أدى إلى انهيار مشاريع «جبهة الإنقاذ» و«حركة تمرد» التونسيتين المتأثرتين بمسار فصائل من المعارضة المصرية قبل «حركة 30 يونيو (حزيران) 2013».

* «دستور ولد ميتا»
* كما سيسجل التاريخ أن أبرز «الصقور» في حركة النهضة، مثل رئيسيها الأسبقين الصادق شورو والداعية الحبيب اللوز، كانا من بين من صوت لفائدة الدستور.. وبرزوا في البرلمان التونسي في صورة تذكارية جماعية مع زعيم الحركة راشد الغنوشي، رغم انتقاداتهم السابقة له ولـ«تنازلاته» عن الفصول الخاصة باعتماد الشريعة الإسلامية وبتجريم النيل من المقدسات الإسلامية. ورغم استعمالهما مع آخرين من «الصقور» لصيغة «هذا الدستور ولد ميتا وهو مخالف للإسلام».
ورغم تسجيل استقالات في قيادة حركة النهضة، بينها رياض الشعيبي الذي لوح بتأسيس حزب جديد، وفي كتلتها البرلمانية، فقد صوت ضد الصيغة التوافقية الختامية للدستور قيادي واحد في حركة النهضة هو النائب نجيب مراد ممثل محافظة المنستير موطن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، الذي عرف بتصريحاته «النارية» المعارضة لسيناريو ما وصفه بـ«تقديم التنازلات المجانية للشيوعيين ورموز النظام السابق والعلمانيين المتطرفين».
وبذلك وجد النائب نجيب مراد نفسه في حلف مع مجموعة من نواب حزب «تيار المحبة» الذي يتزعمه التونسي المقيم في لندن محمد الهاشمي الحامدي. وهي مجموعة تقدم منذ سنتين انتقادات لحركة النهضة ونوابها في البرلمان الانتقالي من منطلقات دينية، بل ذهب الدكتور محمد الهاشمي الحامدي إلى حد تشبيه وثيقة الدستور التونسي الجديد بعد تنازل النهضة عن الفصل الخاص بـ«الشريعة الإسلامية» بمن يتنازل عن «شرط الوضوء قبل الصلاة».

* تنازل الإسلاميين عن الشريعة
* وقد صدرت انتقادات مماثلة للنهضة بسبب هذه «التنازلات عن أسس شرعية» من مجموعات إسلامية سلفية ومن قيادة حزب التحرير الإسلامي بتونس، لا سيما زعيمه رضا بلحاج، الذي اتهم قيادة النهضة بالمشاركة في صياغة دستور «ليست له مرجعيات عقائدية إسلامية وشرعية».
لكن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي رد على تلك الاتهامات وأورد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «اكتفينا بالفصل الأول من دستور 1959 الذي تبناه الدستور الجديد لأنه ينص بوضوح على أن تونس دولة مستقلة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.. ونحن لا نريد أن نقسم تونس بين أنصار الهوية الإسلامية للدولة والداعين إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يخلط غالبية ساسته ونخبه بين الشريعة ومقاصد التشريع الإسلامي من جهة وتطبيق القضاء للحدود الشرعية مثل قطع أيدي السارق وجلد الزاني».
الجدير بالذكر هو تمسك «صقور» حركة النهضة، مثل الصادق شورو، وحلفائهم من «تيار الهوية»، بكون الدستور الحالي «يتضمن بعض النقائص من ناحية تجذير المرجعية الإسلامية، لكن فيه الكثير من نقاط القوة، مثل أن الحريات هي من الإسلام، والفصل الأول يعد مرجعية إسلامية».

* «أول دستور تقدمي» عربيا
* إلا أن رموز تيار «الحداثة» وزعامات «اليسار» داخل البرلمان الانتقالي الذي صاغ هذا الدستور، مثل أحمد نجيب الشابي، والمنجي الرحوي، وسمير الطيب، فقد قالوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «النخب التونسية الحاكمة والمعارضة والمستقلة نجحت، عبر الصيغة النهائية التي جرت المصادقة عليها، في أن تقدم للوطن العربي وللعالم (أول دستور تقدمي) في كامل المنطقة العربية.. لا سيما بعد استبعاد التنصيص على الشريعة والموافقة على الفصل السادس الذي أقر مجموعة من القيم الكونية منصوصا عليها في دساتير الدول المتقدمة، مثل حرية الضمير.. بما يعني منع الدولة والحكومات المقبلة من التدخل في الخصوصيات الشخصية، سواء كانت سلوكية أو عقائدية أو فكرية».
وقد عد ممثل «أقصى اليسار» (الجبهة الشعبية) في المجلس التأسيسي، المنجي الرحوي، «الدستور الجديد لا يخلو من النقائص، لكنه في مجمله كرس مبادئ الديمقراطية والحريات والانفتاح».

* تناقضات وأجندات جديدة
* هل سيعني التوافق الذي يشبه الإجماع «تجميد كل التناقضات السياسية» حتى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يرجح أن تنظم مطلع الخريف المقبل؟ هذا ما يرجحه سياسيون وإعلاميون وكتاب مستقلون، مثل خالد حداد الإعلامي في صحيفة «الشروق» اليومية، الذي لفت النظر إلى «تأثير الورقة الدولية فيما يجري في تونس وبقية بلدان الربيع العربي». وسجل أن بعض السفراء الأوروبيين والغربيين لعبوا دورا في دفع قيادات الأحزاب السياسية نحو التوافق حول الدستور وحول الحكومة «غير الحزبية» بزعامة المهندس المستقل المهدي جمعة.
في المقابل حذر المحلل السياسي والإعلامي محسن بن عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «سيناريوهات تفجير سياسيين أجانب لتناقضات جديدة داخل الطبقة السياسية بهدف إجهاض المسار الانتقالي السلمي والتأثير في الانتخابات المقبلة.. بعد أن نجحت الضغوط الخارجية في إقناع قيادات النهضة وحلفائها بالاستقالة من الحكومة ومن مواقع مهمة في الدولة.

* جبهة الإنقاذ المقبلة
* في هذا السياق أعرب السيد حمه الهمامي زعيم «حزب العمال الشيوعي» و«الجبهة الشعبية» (التي ينتمي إليها شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذان اغتيلا أخيرا) عن أن المصادقة على الدستور «لن تؤدي إلى تنازل المعارضة عن مطالبها بمحاسبة قيادات النهضة وحلفائها».
وبعد أن أسندت «استطلاعات الرأي» إلى «الجبهة الشعبية» نحو عشرة في المائة من أصوات الناخبين بدا زعيمها أكثر تفاؤلا بأجندة «الثوريين المعادين للمتجرين بالدين». وقال إن الصراع المقبل سيحسم لصالح كتلته السياسية، وأورد أن «لا حزب يعلو على جبهة الإنقاذ؛ فهي الإطار الأوسع ومصير البلاد مرتبط بها». واتهم حمه الهمامي زعامات تيار الإسلام السياسي بالتحايل، وتعهد بمتابعة النضال ضدهم، مشيرا إلى أن «الإسلام أكبر من هذا التحايل.. هم يتاجرون بالإسلام ولا يدافعون عنه، فشلوا في كل المجالات ولم يبق لهم إلا المتاجرة بالدين».

* جبهة المستقلين والمجتمع المدني
* لكن هل يؤدي التصويت على الدستور وعلى «حكومة المستقلين» إلى إخراج تونس نهائيا من عنق الزجاجة بعد ثلاث سنوات من «إضاعة الوقت» في الصراعات الثانوية حول قضايا دستورية وقانونية وسياسية؟
الدكتور كمال الغربي رئيس شبكة العدالة الانتقالية وعدد من منظمات المجتمع المدني أورد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه يتابع انتقادات المتشددين من أقصى اليمين وأقصى اليسار، لكنه يعتقد أن «المسار الذي تمر به تونس إيجابي جدا في مجمله».. وأن تونس ستدخل «مرحلة تتويج حصيلة سنتين من الحوار العقلاني بين الفرقاء العقائديين والسياسيين». وأضاف: «أعتقد أن المسارين الدستوري والحكومي ماضيان، وأن الانتخابات المقبلة ستنظم على الأرجح في ظرف تسعة أشهر». وعد كمال الغربي دستور 1959 كان يعبر عن «توافق وطني معين في تلك الفترة.. لكن التعديلات التي طرأت عليه فيما بعد شوهت نسخته الأولى وأصبح غير ممكن اعتماده الآن. وقد أنجز الدستور الجديد بفضل تفاعل البرلمان الانتقالي مع اقتراحات المستقلين والخبراء ونشطاء المجتمع المدني، خاصة في ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسة وحقوق الجيل الثالث التي لم تكن مضمنة في الدستور السابق».

* العلاقة بين الرئيس والحكومة والمؤسسات الأمنية

* لكن بين المتفائلين بالدستور الجديد والمتشائمين من انفجار «ألغام سياسية وأمنية جديدة» بسبب نقائص النص الذي وقعت المصادقة عليه، يتوقف بعض كبار خبراء العلوم القانونية والدستورية والسياسية، مثل الصادق بلعيد وأمين محفوظ، عند «مخاطر انفجار أزمة جديدة فور انطلاق مرحلة صياغة القانون الانتخابي المقبل من قبل المجلس التأسيسي».
في المقابل قدم الخبير الأمني والقانوني الدكتور هيكل بن محفوظ في حديث لـ«الشرق الأوسط» انتقادات بالجملة لما وصفه بـ«نقائص فادحة في الدستور فيما يتعلق بالحوكمة الرشيدة وطريقة إصلاح مؤسسات الأمن والجيش الوطنيين وتنظيم العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والعلاقة بين رئيسي الدولة والحكومة، والتناقضات بين تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية والبرلمان والفصل الخاص بإمكانية إطاحة البرلمان برئيس الدولة». وتساءل د. هيكل بن محفوظ في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لماذا وقع ربط الحوكمة الرشيدة وحصرها في التنافس السياسي واختزالها في هذا الجانب المتعلق بالتنافس السياسي، في حين أنها أساس إصلاح سائر مؤسسات الدولة، بما فيها العسكرية والأمنية، ونظام التصرف فيها بشكل فعال بما يضمن جودة جميع المرافق العمومية وحسن أدائها، وفي مقدمتها مرفق عام الأمن؛ إذ الأمن خدمة قبل أن يكون وظيفة».

* المسار طويل.. والحكماء
* بين هؤلاء وأولئك تتقاطع المصالح والمواقف وتتباين التقييمات لدستور الجمهورية الثانية وانعكاساته على مستقبل المشهد السياسي والحزب المقبلين.. لا سيما بعد استطلاعات الرأي التي أكدت أن «أكثر من ثلثي التونسيين والتونسيات أصبحوا يراهنون أكثر على المستقلين وعلى الخبراء والشباب غير المنتمي للأحزاب والجماعات العقائدية».
لكل ذلك يعتقد المحامي عبد الفتاح مورو المحامي وأحد رموز التيار الإسلامي المعتدل أن «المصادقة على الدستور وعلى حكومة المستقلين وعلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنجاز تاريخي وعظيم، لكنه منقوص؛ لأن كل الأحزاب والأطراف النقابية والسياسية في حاجة إلى أن تقوم بنقدها الذاتي وأن تراجع في هدوء أولوياتها، ثم تتبنى استراتيجية جديدة تكرس التعايش الحقيقي بين المجتمع التونسي بكل مكوناته، وإعلان مسار وطني للمصالحة؛ لأن السنوات الثلاث الماضية أثبتت أنه لا يمكن إقصاء أي طرف، وأنه لا يمكن لأي حزب مهما كانت قوته أن ينفرد بتسيير البلد وحده، بل لا بد من التعايش بين الأقلية والأغلبية».
في هذا السياق أورد الجامعي هيكل بن محفوظ أن «الدستور يتضمن مبادئ سامية، لكن لا بد أن تكرسها قوانين وسياسات توافقية، ينبغي التمهيد لها بإعلان مسار وطني للإنصاف والمصلحة تأجل إقراره أكثر من اللازم بسبب المزايدات بين «الثورجيين» وبعض الأحزاب.

* فصول دار حولها جدل طويل في دستور تونس الجديد
* الفصل 1
تونس دولة حرة مستقلة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها. (لا يجوز تعديل هذا الفصل)
* الفصل 2
تونس دولة مدنية تقوم على إرادة الشعب وعلوية القانون. (لا يجوز تعديل هذا الفصل)
* الفصل 3
الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين أو عبر الاستفتاء.
* الفصل 6
الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي.
تلتزم الدولة بنشر قيم الاعتدال والتسامح وبحماية المقدسات ومنع النيل منها، كما تلتزم بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف وبالتصدي لها.
* الفصل 73
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ الولادة، دينه الإسلام.
يشترط في المترشح يوم تقديم ترشحه أن يكون غير حامل لجنسية أخرى وبالغا من العمر أربعين سنة على الأقل وخمسا وسبعين سنة على الأكثر.
تشترط تزكية المترشح من قبل عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب أو رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو الناخبين المرسمين حسبما يضبطه القانون الانتخابي.
* الفصل 86
يتمتع رئيس الجمهورية بحصانة قضائية طيلة توليه الرئاسة، وتعلق في حقه كافة آجال التقادم والسقوط، ويمكن استئناف الإجراءات بعد انتهاء مهامه.
لا يُسأل رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه.
* الفصل 87
يمكن لأغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب المبادرة بلائحة معللة لإعفاء رئيس الجمهورية من أجل الخرق الجسيم للدستور ويوافق عليها المجلس بأغلبية الثلثين من أعضائه، وفي هذه الصورة تقع الإحالة إلى المحكمة الدستورية للبت في ذلك. ولا يمكن للمحكمة الدستورية أن تحكم في صورة الإدانة إلا بالعزل. ولا يعفي ذلك من التتبعات الجزائية عند الاقتضاء. ويترتب على الحكم بالعزل فقدانه لحق الترشح لأي انتخابات أخرى.
* الفصل 88
تتكون الحكومة من رئيس ووزراء وكتاب دولة يختارهم رئيس الحكومة وبالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتي الخارجية والدفاع.
في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها.
عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.
تعرض الحكومة موجز برنامج عملها على مجلس نواب الشعب لنيل ثقة المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضائه. عند نيل الحكومة ثقة المجلس يتولى رئيس الجمهورية فورا تسمية رئيس الحكومة وأعضائها.
يؤدي رئيس الحكومة وأعضاؤها أمام رئيس الجمهورية اليمين التالية:
«أقسم بالله العظيم أن أعمل بإخلاص لخير تونس، وأن أحترم دستورها وتشريعها، وأن أرعى مصالحها، وأن ألتزم بالولاء لها».



خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)
TT

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار والطروحات «التخريبية» التي حملها برنامجه وباشر بتطبيقها منذ توليه المنصب في مثل هذه الأيام من العام الفائت. حالة لم يتح لها الوقت الكافي بعد كي تفجّر كل «مواهبها» ومفاجآتها التي لا يوفّر ميلي مناسبة ليتوعّد بها، خاصة بعد نيله «بركة» مثاله الأعلى، دونالد ترمب، الذي يستعد للعودة قريباً إلى البيت الأبيض.

في مقابلة أجرتها معه مجلة «الإيكونوميست» نهاية الشهر الماضي، قال ميلي إنه يشعر بازدراء لا نهاية له تجاه الدولة، مؤكداً أنه سيفعل كل ما بوسعه للقضاء على تدخل الدولة في شؤون المواطنين وتنظيم حياتهم «لأن ذلك يشكّل أسرع الطرق إلى الاشتراكية». لكن اللافت أن «الإيكونوميست»، الموصوفة برصانتها، تعتبر أن ما يقوم به هذا «المخرّب الأكبر» - كما يحلو له أن يطلق على نفسه – يجب أن يكون قدوة للولايات المتحدة وحكومتها الجديدة التي يبدو أنها مستعدة لتحذو حذو الرئيس الأرجنتيني وتكليف هذه المهمة إلى الملياردير إيلون ماسك.

تدلّ كل المؤشرات على أن الهدف الأساسي من وصول ميلي إلى الحكم، أواخر العام الفائت، هو «تدمير» الدولة من الداخل. ألغى 13 وزارة، وسرّح ما يزيد على ثلاثين ألفاً من الموظفين العموميين، وخفّض بنسب وصلت إلى 74% مخصصات الرواتب التقاعدية والتعليم والصحة والعلوم والثقافة والتنمية الاجتماعية. وعلى هذه الخلفية، سارعت أسواق المال للاحتفاء بالفائض المالي وتراجع التضخم الذي ليس سوى ثمرة واحدة من أكبر الجراحات المالية في التاريخ. لكن الوجه الآخر لهذه العملة البرّاقة كان انضمام 5 ملايين أرجنتيني إلى قافلة الفقراء الذين يعيش معظمهم على المعونة الغذائية في واحد من أغنى البلدان الزراعية والغذائية في العالم، وانكماشا اقتصاديا... من غير أن تتراجع شعبية ميلي الذي يفاخر بأنه الرئيس الأوسع شعبية على وجه الكرة الأرضية.

لا يكفّ ميلي عن مخاطبة مواطنيه عبر وسائط التواصل التي لعبت دوراً أساسياً في وصوله إلى الرئاسة، ويقول إن «القوى السماوية» التي تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى».

رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر (أ.ب)

لا يعترف الرئيس الأرجنتيني بالتغيّر المناخي، ولا بالمساواة بين الرجل والمرأة، أو بالعدالة الاجتماعية، وينكر الذاكرة التاريخية لأنظمة الاستبداد التي تعاقبت على بلاده، ويعتبر أن كل ذلك ليس سوى بدع يسارية يتوعّد بالقضاء عليها في «حرب ثقافية» يتبّلها بكل أنواع الشتائم التي توقد الحماسة في صفوف أنصاره وتزرع الحيرة في أوساط المعارضة المشتتة.

الأغرب في كل ذلك هو أن ميلي لا تؤيده سوى أقلية في مجلسي الشيوخ والنواب، فضلاً عن أن جميع حكّام الولايات الذين يتمتعون بصلاحيات واسعة، ليسوا من حزبه «الحرية تتقدم». كما أنه اضطر للإبقاء على العديد من كبار موظفي الحكومة اليسارية السابقة في مناصبهم لعدم وجود كوادر مؤهلة كافية في حزبه. لكن رغم هذا العجر الهائل، تمكّن ميلي من إقرار حزمة قوانين يعتبرها أساسية لمشروع تفكيك الدولة ورفع القيود عن العجلة الاقتصادية، من غير أن يتضّح بعد إذا كانت هذه السنة الأولى من ولايته مدخلاً لإحكام سيطرته على الدولة، أو هي تمهيد لهيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي.

يعتمد ميلي على التأييد الشعبي الواسع الذي ما زال يلقاه، وعلى حاجة حكّام الولايات لموارد الدولة، وبشكل خاص على الحلف التشريعي الذي أقامه مع اليمين المعتدل ممثلاً بالحزب الذي يقوده رئيس الجمهورية الأسبق ماوريسيو ماكري. ومنذ نزوله المعترك السياسي، بعد أن كان ينشر أفكاره وطروحاته عبر البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها، استمد شعبيته وقوته ضد ما يسميه «السلالة»، أي الطبقة السياسية التقليدية. أما الاتفاقات أو الائتلافات التي سعى إليها، فهي لم تكن سوى تكتيكية، ولم يفاوض على برنامجه مع الأحزاب أو القوى التي تحالف معها، بل بقي تحالفه الأساسي مع القاعدة الشعبية التي ما زالت تدعمه، والتي يرجّح أن تكون هي أيضاً نقطة ضعفه الرئيسية التي ستؤدي إلى سقوطه عندما تتوقف عن دعمه بعد أن تفقد الأمل الضئيل الذي ما زال يحدوها في أن تتحسن الأوضاع المعيشية.

وصفة ميلي تحقق نتائجها

يقول المقربون من ميلي إن سر استمرار شعبيته التي توقع كثيرون أنها إلى زوال سريع، هو أنه ينفّذ كل الوعود التي قطعها في حملته الانتخابية، فيما بدأ بعض منتقديه يعترفون بأن «وصفته» تحقق النتائج التي وعد بها.

وقد شهدت الأشهر الأخيرة انشقاق بعض رموز الحزب البيروني واصطفافهم إلى جانب ميلي، مثل العضو البارز في مجلس الشيوخ كارلوس باغوتو، وهو قريب من الرئيس الأسبق كارلوس منعم. وقال باغوتو: «إن ميلي هو الشخص الذي تحتاجه الأرجنتين للتخلص من الموجة الشعبوية الاشتراكية التي حكمتها طيلة العقدين المنصرمين... كنا في حال من التحلل الاجتماعي الذي بلغ مستويات يصعب تصورها. وبعد أن أصبحت الدولة تتدخل في جميع مسالك الحياة، عاجزة عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لشريحة واسعة من المواطنين، وبعد أن أخفقت جميع المحاولات لضبط التضخم الهائل، أدركت الطبقات المتواضعة أن الخلاص لا يمكن أن يأتي من غير تضحيات... وكان ميلي».

"يقول ميلي إن «القوى السماوية» تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى»."

خدمة مصالح رجال الأعمال

لكن قراءة المعارضة للمشهد الاجتماعي تختلف كلياً، إذ يرى وزير الداخلية السابق إدواردو دي بيدرو المقرّب من الرئيسة السابقة كريستينا كيرشنر، أن ميلي قضى على حقوق وخدمات أساسية، مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بينما خدم، في المقابل، مصالح رجال الأعمال والمراكز المالية. ويضيف: «إن قرارات مثل قطع الأدوية عن مرضى السرطان في المراحل الأخيرة، أو الكف عن توفير التغطية العلاجية للمتقاعدين، أو إقفال المطاعم الشعبية التي كانت تؤمن وجبات أساسية لحوالي 19% من السكان يعيشون على المعونة الغذائية، هي دليل ساطع على قسوة هذه الحكومة وعدم إحساسها».

يردّ ميلي على هذه الانتقادات بوصفها من أفعال الشيوعيين المناهضين للحرية، ويكرر أنه يقود «أفضل حكومة في التاريخ»، مقتنعاً بأنه مكلّف مهمة سماوية، ويقترح حرباً نضالية عالمية تحت راية «اليمين الدولي» من أجل القضاء نهائياً على اليسار، يجوز فيها استخدام كل الوسائل، بما في ذلك العنف. كما أكّد مؤخراً في أحد المهرجانات السياسية: «لست في وارد اللياقة أو الوفاق. لن أتراجع أبداً، وسأواصل السير نحو النار، لأن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع. لسنا ملزمين بتبرير أفعالنا، وإذا فعلنا فسوف يعتبرون ذلك من باب الضعف. كلما تعرضنا لضربة من خصومنا، سنردّ الواحدة بثلاث».

تكيف وبراغماتية

الهجوم الدائم هو العلامة الفارقة في أسلوب الرئيس الأرجنتيني، لكن ميلي أظهر قدرة لافتة على التكيّف والبراغماتية التفاوضية كلّما وجد نفسه بحاجة إلى أصوات المعارضة، في مجلسي الشيوخ والنواب وبين حكام الولايات، خاصة عندما طرح «قانون الأساسات» الذي يتضمّن مئات المواد التي تعتبرها الحكومة ضرورية لتنفيذ برنامجها. يفعل ذلك وهو يدرك جيداً أن الأحزاب التقليدية فقدت شعبيتها، وهي في حال من الانهيار السريع الذي يمكن لحزبه أن يستفيد منه في الانتخابات العامة المرحلية في خريف العام المقبل ليقلب المعادلة البرلمانية الحالية التي تشكّل عائقاً كبيراً أمام مشروعه «التخريبي».

ستكون انتخابات العام المقبل حاسمة بالنسبة لميلي ليقلب المعادلة البرلمانية ويضمن الأغلبية التي تحرره من التفاوض مع المعارضة كلما أقدم على خطوة اشتراعية لتنفيذ برنامجه، خاصة أن التأييد الشعبي ليس مضموناً في المدى الطويل.

ويخشى معاونوه من أن جنوحه الشديد نحو التعصب والصدام العنيف مع خصومه السياسيين قد يبعده عن تحقيق هدفه الأساسي الذي كان وراء فوزه في الانتخابات الرئاسية، وهو معالجة الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تتخبط فيها البلاد منذ عقود. وينصحه المقربون بعدم التمادي في «الحروب الثقافية» مع حلفائه الغربيين الذين حصرهم منذ اليوم الأول بالولايات المتحدة وإسرائيل والدول «الحرة»، وسمّى الاشتراكيين واليساريين خصومه إلى الأبد.

لكن رغم خطابه الناري والتهديدي الذي لا يخلو أبداً من الألفاظ البذيئة، والذي بدأ مستشاروه يواجهون صعوبة في تبريره بالقول إن هذا هو أسلوبه والناس تعرف ذلك، بدأ ميلي يعطي مؤشرات على أنه ليس غريباً كلياً عن البراغماتية والواقعية. وهو اعترف قبل أيام أنه تعلّم الكثير في السياسة خلال هذه السنة الأولى من ولايته. وقال إنه لم يعد لديه أعداء سياسيون في الأرجنتين، بل خصوم يريدون الخير للبلاد. وبعد أن كان صرّح مراراً خلال الحملة الانتخابية بأن الصين هي في معسكر الأعداء وبأنه لن يتعامل مع «القتلة»، قال مؤخراً: «إن الصين شريك رائع لا يطلب شيئاً سوى التبادل التجاري الهادئ» وإن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان وصفه غير مرة بأنه «يساري فاسد»، لن يصبح صديقه، لكن مسؤوليته الدستورية تقتضي منه التعامل معه.

الأرقام الاقتصادية في نهاية العام الأول من ولاية ميلي تظهر أن الشركات الكبرى في قطاع المحروقات، وكبار المستثمرين في أسواق المال والمصارف، هم الذين حققوا أرباحاً استثنائية خلال هذه السنة، وأن الجائزة الكبرى كانت من نصيب المتهربين من دفع الضرائب الذين استفادوا من خطة «التبييض» التي وضعها، بما يزيد على 20 مليار دولار، أي نصف القرض الذي حصلت عليه الأرجنتين منذ سنوات من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار الاقتصادي التام وما زالت حتى اليوم عاجزة عن سداده أو حتى عن جدولته. أما في الجهة المقابلة فكان المتقاعدون والموظفون العموميون وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هم الأكثر تضرراً من النموذج الذي خفّض الإنفاق العام وألغى القيود على الواردات بهدف احتواء التضخم الجامح الذي يقضّ مضاجع ملايين الأسر منذ سنوات، فضلاً عن الفقراء (19% من السكان حسب الإحصاء الأخير) الذين حُرموا فجأة من المعونة الغذائية التي كانت تقدمها الدولة.

أرباح الشركات الكبرى في قطاع الطاقة بلغت أرقاماً قياسية هذا العام بفضل زيادة الإنتاج وتحرير الأسعار والتدابير الضريبية والجمركية والقانونية التي أعلنها ميلي الذي يريد لهذا القطاع أن يكون المحرك الأساسي لاقتصاد الأرجنتين في العقود الثلاثة المقبلة، انطلاقاً من منطقة «باتاغونيا» الشاسعة في أقصى الجنوب التي تختزن، بحسب تقديرات، ثاني أكبر احتياطي من الغاز ورابع احتياطي من النفط في العالم. وفي نهاية الشهر الماضي كانت أسعار أسهم شركة النفط الرسمية قد ارتفعت بنسبة 140% عن العام الفائت، فيما ارتفعت أسعار أسهم الشركات الخاصة 75%.

تمديد الإنفاق

في موازاة ذلك قرر ميلي تجميد الإنفاق على المشاريع العامة، بينما كان الاستهلاك يتراجع إلى أدنى مستوياته والصناعة الأرجنتينية تعاني على جبهات ثلاث: انخفاض المبيعات، وتدفق السلع المستوردة بأسعار تصعب منافستها، وتراجع الصادرات بسبب ارتفاع سعر البيزو مقابل الدولار الأميركي. إلى جانب ذلك، سحب ميلي جميع إجراءات الدعم التي كانت اتخذتها الحكومات السابقة لمساعدة الطبقات الفقيرة، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار النقل العام بنسبة 1000% وفواتير الغاز والكهرباء والتأمين الطبي والتعليم الخاص بنسب تزيد على 500%. وكانت الأشهر الستة الأولى من ولاية ميلي هي الأكثر صعوبة، إذ تزامنت مع نسبة تضخم قاربت 30% شهرياً بحيث تجاوزت نسبة المصنفين فقراء بين السكان 53%.

ستكون الأشهر الأولى من العام الثاني لولاية ميلي، حاسمة في تقدير عدد من المراقبين، لأنها ستبيّن مدى صمود شعبيته أمام انهيار الخدمات الأساسية والمساعدات التي تعيش نسبة عالية من السكان عليها، فيما يصرّ هو على رهانه بأن الفشل الذريع الذي تتخبط فيه القوى السياسية الأرجنتينية منذ عقود سيكون الخزان الذي سيغرف منه لترسيخ شعبيته حتى نهاية الولاية.