استيعاب الأسرى في كادر وزارات وأجهزة أمنية فلسطينية

لإضفاء صفة «شرعية» على رواتبهم التي تحتج عليها إسرائيل

نصب حواجز تفتيش إسرائيلية على مداخل مدينة الخليل (وفا)
نصب حواجز تفتيش إسرائيلية على مداخل مدينة الخليل (وفا)
TT

استيعاب الأسرى في كادر وزارات وأجهزة أمنية فلسطينية

نصب حواجز تفتيش إسرائيلية على مداخل مدينة الخليل (وفا)
نصب حواجز تفتيش إسرائيلية على مداخل مدينة الخليل (وفا)

بدأ الأسرى المحررون الذين يتقاضون رواتب من السلطة الفلسطينية تعبئة نموذج يؤهلهم للالتحاق بالوزارات والهيئات والأجهزة التابعة للسلطة، لضمان استمرار رواتبهم، في خطوة تهدف إلى إنهاء الخلافات مع إسرائيل والإدارة الأميركية حول هذه الرواتب.
وقال المسؤول في وزارة شؤون الأسرى حسن عبد ربه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأسرى بدأوا تعبئة نماذج استمارة تشمل بيانات شخصية ومؤهلاتهم العلمية ووضعهم الصحي، في عملية قد تكون طويلة، من أجل استيعابهم في مؤسسات السلطة». وأضاف المستشار الإعلامي للوزارة: «سيجري توظيفهم وإحالة بعضهم للتقاعد. هذا يعتمد على الرغبة والمؤهل العلمي والوضع الصحي والعمر كذلك».
وتهدف الخطوة لسحب البساط من الإسرائيليين الذين يتخذون من هذه الرواتب شماعة لاتهام السلطة بدعم «الإرهاب»، وهي حجة اقتنعت بها الإدارة الأميركية. وقال عبد ربه: «نريد حل القضية عبر ضمان حقهم كمناضلين في مواجهة الاستهداف الإسرائيلي لهم». وأضاف: «الفكرة ليست جديدة. لقد دعم الاتحاد الأوروبي ومول برامج سابقة لتأهيل الأسرى المحررين من أجل استيعابهم في وظائف. لقد جرى بالفعل توظيف العديد منهم».
ويدور الحديث عن نحو 7400 أسير محرر قضوا أكثر من 5 سنوات في السجون الإسرائيلية ويتقاضون رواتب من السلطة. يقابلهم نحو 5000 في السجون الإسرائيلية، يتقاضون رواتب كذلك بحسب سنوات سجنهم. وتدفع السلطة مخصصات تبدأ من 2000 شيقل للمحررين، وتزيد بحسب سنوات السجن، فيما تدفع مخصصات تبدأ من 4000 شيقل للمعتقلين وتتراوح بين 8000 و12000 شيقل لمن أمضوا أكثر من 20 عاماً في السجون، وعددهم قليل للغاية.
وبتحويل الأسرى إلى موظفين في السلطة، ستأخذ رواتبهم صفة رسمية، وأمام المجتمع الدولي أو الذين تبنوا موقف إسرائيل، ستأخذ صفة «الشرعية».
أما ما يخص عوائل الأسرى الموجودين فعلاً في السجون والذين يتقاضون رواتب عن أبنائهم، فلم تُحسم المسألة. وقال عبد ربه إنه لا يوجد تغيير على وضعهم في الوقت الحالي، لكن مصادر رجحت لـ«الشرق الأوسط» أن تُحول الأموال لذويهم عبر اعتماد أهاليهم في برامج خاصة بوزارات تهتم بالشؤون الاجتماعية. ورفض عبد ربه الفكرة وقال إن إسرائيل تسعى إلى تحويلهم إلى قضية اجتماعية، «لكنهم مناضلون ومقاتلون من أجل حرية شعبهم».
وتريد السلطة في كل الظروف إنهاء الاتهامات بحقها، مع الاحتفاظ بالوفاء للأسرى وعائلات مقاتلين، كما تريد منع إسرائيل من خصم أموال من العوائد الضريبية. وقبل أيام قرر المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي اقتطاع نحو 600 مليون شيقل (181 مليون دولار) من أموال السلطة، لكن السلطة احتجت وقالت إنها تتابع مع الجانب الإسرائيلي وتعمل على تسوية الأمر قبل أن تحول إسرائيل الأموال كاملة. ويعتقد أن تبدأ إسرائيل خصم هذا المبلغ بشكل جزئي كل شهر بداية من العام المقبل.
والتعديلات التي بدأت السلطة إدخالها على مخصّصات الأسرى تأتي في جزء من تغيير في السياسات قبل وصول الإدارة الأميركيّة الجديدة.
وقالت مصادر إسرائيلية إن من بين التعديلات التي تعمل السلطة عليها منح عوائل الأسرى مخصصات بناءً على أوضاعهم الاجتماعية، وليس على طول مدة بقائهم في السجن، كما هو معمول به حالياً، وذلك «لتجديد صورتها أمام الإدارة الأميركيّة الجديدة».
وتأتي التعديلات المقرّرة بحسب المصادر الإسرائيلية «عملاً بنصائح ديمقراطيين متعاطفين حذّروا مراراً من أنه دون وقف هذه المخصّصات، فسيكون مستحيلاً على الإدارة الجديدة القيام بأي خطوة وازنة تجاههم».
ومن غير المعروف كيف سيتم التعامل شعبياً مع التعديلات المقررة، لكن ذلك سيكون رهناً بطبيعة الوظائف وما إذا كان سيتم المسّ بالراتب، وهل سيتم تحويل جزء من الأسرى إلى حالات اجتماعية بالفعل.
وأعلنت السلطة الشهر الماضي إعادة العلاقات مع إسرائيل بعد نحو 6 أشهر من وقفها، وشمل ذلك إعادة التنسيق الأمني والمدني في هذه المرحلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».