مخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات في لبنان

سياسيون يحيطون تنقلاتهم بالسرية... والحريري يتكتم على توقيت زيارته عون لدواعٍ أمنية

جانب من اجتماع المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون (دالاتي ونهرا)
جانب من اجتماع المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون (دالاتي ونهرا)
TT

مخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات في لبنان

جانب من اجتماع المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون (دالاتي ونهرا)
جانب من اجتماع المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون (دالاتي ونهرا)

أدى تخوف اللبنانيين من عودة مسلسل الاغتيالات إلى اضطرار القيادات السياسية لإقامة جبرية وعدم مغادرة المنازل إلا للضرورة القصوى، رغم أن منسوب التأزّم السياسي يتصاعد بسبب تعذُّر تشكيل الحكومة الجديدة بانتظار الخطوة المرتقبة لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الذي سيسعى قريباً إلى فتح ثغرة في جدار عراقيل ولادة الحكومة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن الحريري، وإن كان يحتفظ لدواعٍ أمنية بالتوقيت الذي سيختاره للتوجُّه إلى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في محاولة لإعادة الروح إلى مشاورات التأليف المتوقّفة منذ أكثر من 20 يوماً، فإن لقاءهما «بات حتمياً لأنه من غير الجائز بقاء الأبواب مقفلة بوجه تشكيل الحكومة، في ضوء المتغيرات التي تشهدها المنطقة من جهة وارتفاع منسوب التأزُّم بين إيران وبين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده».
ولفتت المصادر إلى أن الحريري «بات على قناعة بأن لا مصلحة له في الإبقاء على الوضع المتأزّم، وأن البلد في حاجة إلى قيام حكومة مهمة لأنه لم يعد يحتمل المزيد من الانهيار، وهذا يتطلب منه إعداده للدخول في مرحلة جديدة من التعافي ومن موقعه المسؤول الذي يحتّم عليه عدم الاستسلام لحملات الضغوط والتهويل وصولاً إلى ابتزازه».
وقالت إن الحريري «لن يحيد قيد أنملة عن المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون والتقيُّد بها كأساس لتشكيل الحكومة؛ لأن البلد في حاجة إلى تحصينه بشبكة أمان اجتماعية لتدعيم الاستقرار والاستجابة لحاجات اللبنانيين». ورأت أن «لا مجال للدخول في مزايدات شعبوية أو مهاترات تؤخر ولادة الحكومة».
وأكدت أن هذا الأسبوع «سيشهد تحولاً في مسار تأليف الحكومة بالتشاور مع عون لأن البدائل المطروحة تأخذ البلد إلى المجهول»، وتوقفت أمام المخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات إلى الساحة اللبنانية، وقالت إنها «تبقى مشروعة وتتطلب من الجميع أن يأخذوا الحيطة والحذر، وإن كانت القيادات تفضّل عدم الدخول في تفاصيل الأسباب التي تدعوها إلى الحذر والتيقّظ في الوقت الضائع وما إذا كانت تلقت معلومات من جهات دولية أو إقليمية فرضت عليها اللجوء إلى الحجر السياسي».
وكشفت المصادر أن «معظم القيادات السياسية تتخوف من عودة مسلسل الاغتيالات وبادرت إلى ترتيب أوضاعها بدءاً بفرض الحظر على تحركاتها وتنقلاتها من دون أن تبوح بما لديها من مخاوف، إلى أن جاء الإعلان عنها بشكل رسمي من خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون».
وفي هذا السياق، قالت المصادر إن عون بادر في مستهل الاجتماع إلى الطلب من القيادات العسكرية والأمنية المدعوّة لحضوره الإدلاء بما لديها من معلومات أو معطيات حول احتمال التفلُّت الأمني الذي يمكن أن يهدد الاستقرار في ظل التأزّم السياسي. وأكدت أن رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب سرعان ما انضم إلى طلبه، علماً أن عون كان تحدث أيضاً عن تفعيل العمل الحكومي عبر التوسُّع قليلاً في تصريف الأعمال إلى حين تشكل الحكومة.
وأضافت أن قائد الجيش العماد جوزيف عون كان أول المتحدثين وعرض تقريراً مفصلاً عن واقع الحال الأمني والجهود التي تقوم بها القوى الأمنية والعسكرية للحفاظ على الاستقرار، رغم أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للغالبية الساحقة من اللبنانيين في تأزُّم مستمر، من دون أن يتطرق في مداخلته إلى احتمال عودة الاغتيالات.
وتابعت أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء الركن عماد عثمان تحدث في السياق نفسه عارضاً للجهود التي تقوم بها القوى الأمنية والعسكرية لحفظ الأمن وحماية الاستقرار من دون أن يأتي على ذكر وجود مخطط لاستئناف الاغتيالات.
لذلك، فإن التطابق في وجهتي النظر بين العماد عون واللواء عثمان كان حاضراً، خصوصاً في تركيزهما على جاهزية القوى الأمنية والعسكرية للتصدي للمحاولات الرامية إلى الإخلال بالأمن وتهديد الاستقرار، فيما حذّر المدير العام للأمن العام اللواء المتقاعد عباس إبراهيم من احتمال عودة الاغتيالات إلى الساحة اللبنانية واستند في تحذيره إلى تلقّيه معلومات من جهات خارجية من دون أن يفصح عن هويتها تتقاطع مع تقديرات وتحليلات سياسية لدى الأمن العام.
بدوره، تبنّى رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا حرفية ما عرضه اللواء إبراهيم مع أن كليهما لم يفصح عن المصدر الخارجي الذي زوّدهما بهذه المعلومات.
وعليه فإن المراجع الأمنية، كما تقول المصادر، ترى أن المخاوف من عودة الاغتيالات تبقى في محلها، وأن التحذيرات التي أملت على القيادات السياسية وتحديداً من الصف الأول اتخاذ التدابير الوقائية مشروعة ولا جدال فيها واضطرت للاقتداء بالتباعد السياسي حتى إشعار آخر ونادراً ما تغادر مقرات إقامتها الدائمة إلا للضرورة وبعيداً عن الأضواء ووسط إجراءات أمنية مشددة للغاية وبسرية تامة.
لكن التباعد السياسي لاعتبارات أمنية وقائية يجب ألا ينسحب، بحسب المصادر، على المشاورات لتشكيل الحكومة التي يفترض أن يبادر الحريري في أية لحظة إلى محاولة قد لا تكون الأخيرة لإخراج الملف من الجمود القاتل الذي يسيطر عليه، رغم أن «البلد يعيش حالياً في مرحلة موت سريري تتطلب إنعاشه بتشكيل حكومة مَهمة بدلاً من التوسُّع قليلاً في تصريف الأعمال الذي سيزيد من الاحتقان المذهبي والطائفي في حال تقرّر تمديده إلى أجل غير محدود».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.