«القوات» يلوّح بتصعيد «جريمة المرفأ» إلى «الجنائية الدولية»

«حزب الله» يلاحق من يتهمونه بالمسؤولية عن التفجير

وقفة لمجموعة من عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتسريع التحقيقات (إ.ب.أ)
وقفة لمجموعة من عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتسريع التحقيقات (إ.ب.أ)
TT

«القوات» يلوّح بتصعيد «جريمة المرفأ» إلى «الجنائية الدولية»

وقفة لمجموعة من عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتسريع التحقيقات (إ.ب.أ)
وقفة لمجموعة من عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتسريع التحقيقات (إ.ب.أ)

لوّح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمس، بخيار اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية كخيار جدي لمقاضاة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الماضي.
وقال جعجع في تصريح: «إذا لم يؤد التحقيق المحلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت إلى نتائج واضحة حقيقية مقنعة فإننا حكماً سنحاول بكل ما أوتينا من قوة الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية من أجل كشف الحقيقة وملابسات هذه الجريمة».
وأوضحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط» أن اللجوء إلى هذا الخيار جدي، في حال لم تتحقق أي نتائج في التحقيق المحلي، قائلة إن «ما حصل في 4 أغسطس جريمة كبرى أدت إلى تدمير جزء كبير من العاصمة ومجزرة وقعت بحق اللبنانيين، ولغاية اللحظة لم يتبين أي أثر للتحقيق ولم تظهر أي نتائج لما قامت به السلطات اللبنانية». وأضافت: «إنصافاً لمن سقط وإحقاقاً للحق، ندرس كل الملابسات والإجراءات المطلوبة للوصول للحقيقة... وهناك إجراءات يجب أن نأخذها بعين الاعتبار للوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وجاء هذا الموقف فيما يمضي «حزب الله» بسياسة مواجهة خصومه ومن يحملونه المسؤولية عن انفجار مرفأ بيروت، إذ توعد بملاحقتهم، وأعلن أنه يستعد لتقديم عدد من الدعاوى القضائية ضد سياسيين ووسائل إعلام وضيوفها، استكمالاً للخطوة التي بدأها يوم الجمعة الماضي.
ويعد تفعيل الحزب سياسة الدعاوى القضائية خطوة نادرة في مسيرته، فغالباً ما كان يعتمد سياسة تجاهل الرد على منتقديه، أو الاكتفاء بالرد ببيانات إعلامية أو تصريحات لمسؤوليه. ولم يسجل خلال السنوات الخمس الماضية إلا دعوى قضائية واحدة تقدم بها الحزب ضد المذيعة ديما صادق في 2015.
لكن الحزب بدّل سياسة الردود التي يتبعها في ملف المرفأ، إذ تقدم يوم الجمعة الماضي بدعويين قضائيتين ضد النائب السابق فارس سعيد وموقع «القوات اللبنانية» الإلكتروني «لاتهامهما الحزب بمسؤولية ما عن انفجار المرفأ».
كما يتحضر الحزب لتقديم دعوى ثالثة ضد رجل الأعمال بهاء الحريري، نجل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، الذي أدين قيادي في الحزب باغتياله في 2005. وقال عضو كتلة الحزب النيابية «الوفاء للمقاومة» النائب إبراهيم الموسوي، من أمام قصر العدل في بيروت، إن «دعاوى أخرى ستسجل قريباً تحضر ملفاتها مستندة إلى مواد قانونية تدين من يحاولون زرع الفتنة».
وقالت مصادر مطلعة على موقف الحزب لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستعد لمقاضاة سياسيين ووسائل إعلام وضيوف ظهروا على وسائل الإعلام في تلك الفترة، واتهموا الحزب بالمسؤولية عن تفجير المرفأ، لناحية تخزين مادة نترات الأمونيوم التي تسببت بالانفجار.
وأضافت أن الدعاوى «ستتوسع وسيتم تقديمها ريثما ينتهي الحزب من استكمال تحضير ملفاتها من الزاوية القانونية»، معتبرة أن الشخصيات الملاحقة «وجهت اتهامات باطلة إلى الحزب في ملف تفجير المرفأ».
وعزت المصادر تغيير الحزب سياسة التعامل مع الاتهامات له، إلى أن «ما جرى يتخطى كونه حملة تشهير... هناك اتهامات صريحة للحزب بالتسبب بقتل 200 شخص وسقوط آلاف الجرحى ودمار جزء كبير من العاصمة، رغم نفي الحزب على لسان أمينه العام أي علاقة له بنترات الأمونيوم أو بالمرفأ».
وأضافت أن الحزب قلق من «خطورة» تداعيات اتهامه بالتسبب بالانفجار، خصوصاً أن «جزءاً كبيراً من اللبنانيين، خصوصاً المسيحيين، ارتكزت الاتهامات في عقول قسم كبير منهم، وهو ما دفع الحزب إلى اللجوء إلى القضاء لدفع الاتهامات عنه، وتحميل من يتهمونه مسؤولية كلامهم أمام القضاء».
ورحب حزب «القوات اللبنانية»، الذي طالت إحدى دعاوى الحزب موقعه الإلكتروني، بأن يكون القضاء هو الفيصل بين اللبنانيين، لكنه شدد على وجوب أن تكون الخطوة «مقدمة لتسليم الحزب سلاحه، وأن يكون تحت سقف المؤسسات اللبنانية».
واعتبر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، أن «لجوء (حزب الله) إلى القضاء هو أمر مطلوب من كل الأحزاب والقوى السياسية، شرط أن تكون كل القوى السياسية تحت سقف المؤسسات».
وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «(حزب الله) يريد اليوم اللجوء إلى القضاء، ومن زاوية أخرى هو فوق المؤسسات بحيازته السلاح... المطلوب أن يسلم الحزب سلاحه ويلجأ إلى المؤسسات، لأنه عندما يلجأ إلى القضاء وهو ما زال يستخدم هذا السلاح، فيمكن أن يؤثر هذا السلاح على القضاء، باعتباره الحزب اللبناني الوحيد الذي يحمل سلاحاً واستخدمه في مرات سابقة».



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.