توجه خليجي للحفاظ على منظومة الشركات العائلية ومساهمتها في الاقتصاد

من خلال تشريعات وخريطة طريق لتحقيق الاستدامة

ما يتجاوز 80 % من القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط عائلي ويساهم بنحو 60 % من سوق العمل (الشرق الأوسط)
ما يتجاوز 80 % من القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط عائلي ويساهم بنحو 60 % من سوق العمل (الشرق الأوسط)
TT

توجه خليجي للحفاظ على منظومة الشركات العائلية ومساهمتها في الاقتصاد

ما يتجاوز 80 % من القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط عائلي ويساهم بنحو 60 % من سوق العمل (الشرق الأوسط)
ما يتجاوز 80 % من القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط عائلي ويساهم بنحو 60 % من سوق العمل (الشرق الأوسط)

تعد الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عصباً حيوياً للعمل التجاري والاستقرار الاجتماعي، حيث تساهم بجزءٍ كبيرٍ من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وبتشغيل اليد العاملة، إلا أن استمرار هذه الشركات غالباً ما يكون معرضاً لخطر الاندثار السريع بسبب الخلافات العائلية.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن 7 شركاتٍ من أصل 10 تفشل بالوصول إلى الجيل الثاني (الأبناء)، في حين تنجح شركة عائلية واحدة فقط من أصل 10 بالوصول للجيل الثالث (أولاد العم)، في حين أن هذه التحديات العالمية لاستمرار الشركات العائلية تتفاقم في دول الخليج والمنطقة العربية.
ويعود ذلك إلى عددٍ من العوامل، منها الحداثة النسبية للشطر الأعظم من شركات المنطقة التي ما زالت في جيلها الأول (المؤسسين)، وضعف أنظمة الحوكمة فيها، وغياب الوعي لجهة مخاطر تفتت الملك لدى انتقاله بين الأجيال، وذلك وفقاً لحديث فادي حمادة، المستشار في شؤون الشركات العائلية.
يقول حمادة: «ندرة سوابق التوريث الناجحة السابقة الذي يترافق مع غياب السوابق القضائية والتشريعات الداعمة لاستقرار الشركات العائلية كان غالباً ما يدفع بملاكها إلى ترك أحكام المواريث في قوانين الأحوال الشخصية تأخذ مجراها، بما قد يترتب على ذلك من تشرذم الملكية بين الورثة، وتصفية هذه الشركات فعلياً قبل حلول أوانها».
وأضاف: «عليه، فإنه ما لم يتم التخطيط لانتقال الشركة العائلية ضمن إطارٍ قانوني تنظيمي مناسب، بإشراف الملاك في أثناء حياتهم أو بالتوافق بين ورثتهم بعد وفاتهم، فإن الشركة العائلية سوف تكون غالباً معرضة للنزاعات القضائية بين الورثة حول أحقية الإدارة وآلية اتخاذ القرارات، وما يستتبع ذلك من نزاعاتٍ قضائية وشللٍ إداري غالباً ما يؤدي إلى تقويض دعائم العمل التجاري، وتهديد السلم العائلي».
- غياب التخطيط
يؤدي غياب التخطيط، بحسب فادي حمادة، إلى التفريط في أصول الشركة العائلية، وتعريضها للضياع، وذلك في حال لم تتوافر للورثة الحصافة والنضج الكافيين للحفاظ على الإرث الذي تركه لهم آباؤهم، مما يهدد معه أيضاً بضياع حقوق العمال والشركاء التجاريين والبنوك والموردين، وغيرها من الجهات المستفيدة من استمرار أعمال الشركات العائلية، وما لذلك كله من تأثيراتٍ سلبية محتملة على الاقتصادات الوطنية.
وكانت إمارة دبي، ودولة الإمارات، على مدار العقد المنصرم، قد شهدت طفرة تشريعية كبيرة سعت لتنظيم إدارة الأصول فيها، بدءاً بالقوانين التي صدرت في المراكز المالية الحرة في دبي وأبوظبي من ترست وفاوندشان ووصايا لغير المسلمين، انتهاء بالقوانين الوقفية التي توجت بصدور قانون الأوقاف الاتحادي الذي تضمن لأول مرة في تاريخ تشريعات الوقف أحكاماً خاصة بأوقاف الشركات العائلية.
وبالعودة إلى فادي حمادة، فإنه يقول: «رغم صدور هذه القوانين على اختلافها، فإن تردد الشركات العائلية في اعتماد آليات قانونية واضحة لانتقالها ما زال هو السمة الغالبة، حيث نجد هناك ضعفاً كبيراً في أعداد الشركات العائلية الجاهزة للانتقال بسلاسة بين الأجيال، وذلك لأسبابٍ كثيرة، منها ما يتمثل بغياب ثقافة التخطيط المسبق للانتقال في أثناء حياة الملاك، وغياب الوعي بوجود هذه التشريعات وأهدافها وطرق الاستفادة منها، وكذلك التردد في الاعتماد عليها بسبب حداثتها، وضعف السوابق العملية والقضائية، وقلة ثقة مؤسسي الشركات العائلية أحياناً في نجاعتها وقدرتها على تحقيق أهدافهم».
- قانون دبي
وحول آلية عمل قانون الشركات العائلية في دبي، وهل يعد ذلك تدخلاً من الحكومة في القطاع الخاص، رغم العمل في سوق عمل يمنح حرية مزاولة الأعمال، قال المستشار العام لمجموعة الفطيم الإماراتية: «ربما يكون من المناسب إلقاء بعض الضوء على خلفية هذا القانون، وكيف ظهر للوجود: فكرة القانون ولدت عام 2013، من رحم حاجة الشركات العائلية في دبي -والمنطقة عموماً- إلى تشريعات تساعدها على الاستمرار عبر الأجيال المتعاقبة، وتحصنها من مخاطر النزاعات الداخلية والتشرذم واحتمالات الاندثار».
وأوضح أن القانون لم يتم فرضه على الشركات العائلية، بل جاء ثمرة لتعاون ورؤية مشتركة مع الحكومة، مشيراً إلى أن تطبيق قانون الملكية العائلية، واعتماد الشركات العائلية للحلول التي تضمنها من أجل تنظيم ملكيتها وإدارتها، هو أمر اختياري لهذه الشركات بنص القانون.
وقال: «القانون ليس إجبارياً، وتطبيقه على أرض الواقع هو أمر عائد للسلطة التقديرية لملاك ومديري الشركات العائلية، إن أرادوا ذلك، دون تدخل أو قسر من أحد».
ولفت إلى أن نظام الملكية العائلية الذي نص عليه القانون الجديد هو مستوحى أصلاً من أحكام ملكية الأسرة التي هي نظامٌ قانوني ظهر للوجود بداية القرن العشرين في التشريعين السويسري والإيطالي، واستقاه منهما المشرع المصري في منتصف القرن العشرين، ومنه المشرع الإماراتي بشكل مبتسر في قانون المعاملات المدنية لسنة 1985. وولد نظام ملكية الأسرة من الحاجة إلى نظامٍ اتفاقي يسمح بالاستفادة من أحكام الشيوع في الملكية والوكالة في الإدارة من أجل الحفاظ على الوحدة الاقتصادية لأموال الأسرة، بما يساعد على تحقيق المصلحة المشتركة للعائلة.
- التحديات
وحول العوامل التي تساعد الشركات العائلية على النمو، والتحديات التي من الممكن أن تواجهها، قال حمادة: «الشركات العائلية تختلف عن غيرها من الشركات، خاصة المساهمة منها، من حيث أنها بيئة ديناميكية تؤثر وتتأثر بعوامل داخلية وخارجية معاً، وتتفاعل من خلالها 3 مؤثرات، وهي: الملاك والمديرون وأفراد العائلة».
وأضاف: «في هذا السياق، غالباً ما تؤثر العواطف العائلية على القرارات التجارية، وبالعكس: نتائج الأعمال أيضاً غالباً ما تؤثر -سلباً أو إيجاباً- على الوشائج العائلية. وإذ تعتمد الشركات العائلية -مثل غيرها- على عوامل نمو ونجاح خارجية، مثل توافر التمويل وكفاءة العمالة وسلامة التخطيط واستقرار الأسواق، فإنها بحاجة أيضاً إلى ترتيب أوراق بيتها الداخلي، من خلال الفصل بين العائلة والأعمال، ووضع قواعد حوكمة سليمة لتنظيم كل منهما، وكذلك تبني آليات ملكية ملائمة تساعدها على التعامل مع تحديات الانتقال بين الأجيال».
وتابع: «أخيراً، جاء إصدار هذا القانون بمثابة ضربة الفرشاة الأخيرة من اللوحة التشريعية التي قامت إمارة دبي ودولة الإمارات برسمها على مدار العقد الماضي من أجل دعم الشركات العائلية فيها، وتسهيل عملية انتقال الملك والإدارة بين أجيالها المتعاقبة بيسرٍ وسلاسة، بعيداً ما أمكن عن النزاعات والخلافات، لما في ذلك من أهمية لاستقرار الاقتصاد الوطني».
- دورها في تعزيز التنافسية
وكان عبد الله بن طوق، وزير الاقتصاد الإماراتي، قال إن نموذج الشركات العائلية يمثل أحد ركائز استقرار ونمو الاقتصاد الوطني في بلاده ودول المنطقة، وأكد أن هذه الشركات تؤدي دوراً رئيسياً في تعزيز تنافسية بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في الدولة، ولها مساهمة كبيرة في توليد فرص العمل، وتنمية الكفاءات والاستثمار في رأس المال البشري، وتحفيز الابتكار والتكنولوجيا والبحث والتطوير في قطاع الأعمال، وهذه عوامل رئيسية في بناء اقتصاد معرفي متنوع مرن مستدام.
واعتمد وزير الاقتصاد تشكيل فريق عمل مشترك مع مجلس الشركات العائلية الخليجية، لتطوير منظومة متكاملة من الضوابط والتشريعات والسياسات الداعمة لنمو وتنافسية تلك الشركات، وضمان استمرارية أعمالها على مدى عدة أجيال من الأبناء، على أن تشمل الضوابط والسياسات الجديدة كلاً من الشركات العائلية الوطنية بدولة الإمارات، والشركات العائلية الخليجية والأجنبية التي تأسست أو تعمل في أسواق الدولة، ووضع خطة عمل للفترة المقبلة.
وبحسب إحصائيات غير رسمية، تساهم الشركات العائلية بنحو 70 في المائة من إجمالي الناتج العالمي، وتستحوذ على 60 في المائة من سوق العمل، وتشير الإحصائيات العالمية إلى وجود تحدٍ كبيرٍ يواجه تلك الشركات في استمرارية أعمالها بعد وفاة المؤسس، إذ تنجح 30 في المائة فقط من الشركات العائلية في مواصلة أعمالها مع الجيل الثاني، وتقل النسبة إلى 12 في المائة مع انتقالها إلى الجيل الثالث. وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، فإن أكثر من 80 في المائة من القطاع الخاص «عائلي»، ويساهم بنحو 60 في المائة من سوق العمل.



الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
TT

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء، مدفوعاً بزيادة إنفاق المستهلكين وارتفاع الصادرات.

وأفادت وزارة التجارة بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي - الذي يعكس قيمة السلع والخدمات المنتجة في البلاد - قد تباطأ مقارنةً بالربع الثاني الذي سجل نمواً بنسبة 3 في المائة. ومع ذلك، أظهر التقرير أن الاقتصاد الأميركي، الذي يعد الأكبر في العالم، ما يزال يثبت قدرته على الصمود بشكل أكبر مما كان متوقعاً. فقد تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 2 في المائة في ثمانية من آخر تسعة أرباع، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ورغم هذه النتائج الإيجابية، كان الناخبون الأميركيون، الذين يشعرون بالاستياء بسبب ارتفاع الأسعار، غير راضين عن النمو الثابت، فاختاروا في هذا الشهر إعادة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بهدف تعديل السياسات الاقتصادية للبلاد. كما سيحظى ترمب بدعم أغلبية جمهورية في مجلسي النواب والشيوخ.

وفي ما يتعلق بإنفاق المستهلكين، الذي يمثل نحو 70 في المائة من النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، فقد تسارع إلى 3.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث، مقارنة بـ 2.8 في المائة في الربع الثاني، وهو أسرع نمو منذ الربع الأول من عام 2023. كما ساهمت الصادرات بشكل كبير في نمو الاقتصاد، حيث ارتفعت بنسبة 7.5 في المائة، وهو أعلى معدل خلال عامين. ومع ذلك، كان نمو إنفاق المستهلكين والصادرات في الربع الثالث أقل من التقديرات الأولية لوزارة التجارة.

وعلى الرغم من التحسن في الإنفاق، فقد شهد نمو استثمار الأعمال تباطؤاً ملحوظاً، بسبب انخفاض الاستثمار في قطاع الإسكان والمباني غير السكنية مثل المكاتب والمستودعات. في المقابل، شهد الإنفاق على المعدات قفزة ملحوظة.

وعند توليه منصب الرئاسة في الشهر المقبل، سيرث الرئيس المنتخب ترمب اقتصاداً يتمتع بمؤشرات إيجابية عامة. فالنمو الاقتصادي مستمر، ومعدل البطالة منخفض عند 4.1 في المائة. كما تراجع التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى له في 40 عاماً بنسبة 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) 2022، إلى 2.6 في المائة. وعلى الرغم من أن هذا الرقم لا يزال يتجاوز الهدف الذي حدده من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» والبالغ 2 في المائة، فإن البنك المركزي يشعر بالرضا عن التقدم الذي تم إحرازه في مكافحة التضخم، الأمر الذي دفعه إلى خفض سعر الفائدة الأساسي في سبتمبر (أيلول) ثم مرة أخرى هذا الشهر. ويتوقع العديد من متداولي «وول ستريت» أن يقوم «الاحتياطي الفيدرالي» بتخفيض آخر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول).

إلا أن الجمهور لا يزال يشعر بوطأة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 20 في المائة عن مستواها في فبراير (شباط) 2021، قبل أن يبدأ التضخم في الارتفاع.

من جهة أخرى، وعد ترمب بإجراء تغييرات اقتصادية كبيرة. ففي يوم الاثنين، تعهد بفرض ضرائب جديدة على واردات السلع من الصين والمكسيك وكندا. ويرى الاقتصاديون الرئيسيون أن هذه الضرائب أو التعريفات الجمركية قد تزيد من التضخم، حيث يقوم المستوردون الأميركيون بتحمل تكاليف هذه الضرائب ثم يسعون إلى نقلها إلى المستهلكين في صورة أسعار أعلى.

وكان تقرير الأربعاء هو الثاني من ثلاث مراجعات للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث. ومن المقرر أن يصدر التقرير النهائي من وزارة التجارة في 19 ديسمبر.