انتهاك تدابير الإغلاق «شر لا بد منه» لعاملي الاقتصاد الموازي في اليونان

خلال مرحلة الإغلاق تشجع الحكومة اليونانية على العمل عن بعد وفي حال تعذر ذلك، يتعين على العاملين الحصول على ترخيص من صاحب العمل من أجل التجول (أ.ف.ب)
خلال مرحلة الإغلاق تشجع الحكومة اليونانية على العمل عن بعد وفي حال تعذر ذلك، يتعين على العاملين الحصول على ترخيص من صاحب العمل من أجل التجول (أ.ف.ب)
TT

انتهاك تدابير الإغلاق «شر لا بد منه» لعاملي الاقتصاد الموازي في اليونان

خلال مرحلة الإغلاق تشجع الحكومة اليونانية على العمل عن بعد وفي حال تعذر ذلك، يتعين على العاملين الحصول على ترخيص من صاحب العمل من أجل التجول (أ.ف.ب)
خلال مرحلة الإغلاق تشجع الحكومة اليونانية على العمل عن بعد وفي حال تعذر ذلك، يتعين على العاملين الحصول على ترخيص من صاحب العمل من أجل التجول (أ.ف.ب)

يجد كثيرون من العاملين بصورة غير قانونية في اليونان أنفسهم «مضطرين إلى انتهاك» تدابير الإغلاق ومواجهة خطر دفع غرامات، في ظل تعذر التحصل على ترخيص من صاحب العمل للتجول في البلاد، حيث تشكّل سوق العمل السرية أكثر من ربع الدخل المحلي.
ويتساءل فاغيليس، وهو سبّاك يعمل في السر في ضاحية أثينا الشمالية الشرقية، عن الجدوى من «البقاء في المنزل في ظل القلق من عدم تحقيق أي مورد مالي خلال شهر»، في ظل الإغلاق العام المفروض في اليونان منذ السابع من نوفمبر (تشرين الثاني).
ويقول الأربعيني، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم كشف كامل هويته: «أفضل المجازفة، على الأقل في استطاعتي كسب 50 يورو يومياً ودفع قيمة الإيجار والتبضع من السوبر ماركت (...) وفي حال فُرضت علي غرامة، سأدفعها لاحقاً».
وخلال مرحلة الإغلاق الحالية، كما في الفترة الأولى خلال الربيع، تشجع الحكومة اليونانية على العمل عن بعد. وفي حال تعذر ذلك، يتعين على العاملين الاستحصال على ترخيص من صاحب العمل من أجل التجول، تحت طائلة دفع غرامة قدرها 300 يورو في حال ضبطتهم الشرطة.
ويمكن للعاملين المستقلين تقديم شهادة تبيّن رقمهم الضريبي. غير أن عاملين كثيرين في أنشطة سرية لا يدخلون ضمن أي من هذه الفئات في اليونان حيث يمثل هذا الاقتصاد السري ما يقرب من 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ويضيف فاغيليس: «أنا مضطر لانتهاك القانون، إنها مسألة بقاء».
القلق عينه يساور إليزا وهي مصففة شعر في المنازل طلبت أيضاً عدم كشف كامل هويتها. وهي تقول: «أكتب شهادة بخط اليد أفيد فيها أني أخرج للتبضع وأركّز عملي خصوصاً على الحي حيث أعيش» تفادياً «للمجازفة بالتوجه إلى وسط المدينة حيث تجري (الشرطة) عمليات تدقيق أكثر».
وتعمل إليزا البالغة 32 عاماً في السرّ منذ أربع سنوات إثر إغلاق صالون الحلاقة حيث كانت تعمل خلال الأزمة المالية اليونانية (2010 - 2018)، على غرار مئات الآلاف من الشركات الصغرى في البلاد.
وتوضح الشابة المقيمة في شمال أثينا لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا ما كانت لدي زبونة ثانية خلال النهار، أملأ شهادة جديدة مع تغيير التوقيت. أحرص دائما على حمل كيس مع بعض المشتريات في سيارتي في حال أوقفتني الشرطة للتدقيق».
مع ذلك، باتت الشرطة «أكثر تساهلاً خلال الإغلاق الثاني» وفق فاغيليس الذي تراجعت إيراداته إلى أقل من النصف خلال الإغلاق العام الأول.
ويضيف: «نحن لسنا بسارقين. الجميع يعرف طبيعة الاقتصاد في اليونان، يجب أن يبقى المال في التداول، أكثرية عمّال التوصيل لا يحظون بأي تغطية من الضمان الاجتماعي والشرطة تتغاضى عن ذلك».
وتشير تقديرات إلى أن نسبة التنقل، وهي من المؤشرات غير المباشرة لتقويم حجم الاقتصاد غير الرسمي، «ارتفعت بنسبة 35 في المائة خلال الإغلاق العام الثاني مقارنة مع الأول»، وفق أستاذ الاقتصاد في جامعة أثينا بانايوتيس بتراكيس.
ويوضح بتراكيس، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، أن «الخسائر في إجمالي الناتج المحلي قاربت 2.5 مليار يورو خلال الإغلاق الأول، لكنها تناهز حالياً نصف» هذا المبلغ.
ولا يزال الاقتصاد اليوناني في طور التعافي بعد الأزمة المالية التي فقدت البلاد خلالها ربع إجمالي ناتجها المحلي. ويبقى معدل البطالة الذي ارتفع بدرجة كبيرة، من بين الأعلى في منطقة اليورو (18.9 في المائة في 2020 وفق الحكومة).
وتتوقع اليونان تراجعاً بنسبة 10.5 في المائة في إجمالي الناتج المحلي سنة 2020 قبل ارتفاع متوقع بـ4 في المائة خلال العام المقبل.
وقد ضرب الشلل الاقتصادي الناجم عن الإغلاق قطاع السياحة، أحد المحركات الأساسية للاقتصاد اليوناني، إضافة إلى قطاعات الخدمات الشخصية والترفيه التي ينتشر فيها العمل غير الرسمي على نطاق واسع.
وبحسب الخبراء، سيطاول التراجع خصوصاً الفئات الأكثر ضعفاً ممن لا يفيدون من المساعدات الحكومية والمحرومون من «شبكة الأمان الاجتماعي والقانوني»، وهم ذوو المداخيل المنخفضة والعاطلون من العمل وغير الحائزين أوراق إقامة قانونية.
تعيش آنا «قلقا دائما من التوقيف»، فهذه العاملة المنزلية المتحدرة من جورجيا تعيش منذ أكثر من عشر سنوات في اليونان لكنها لا تزال من دون أوراق إقامة قانونية.
وبهدف التنقل في أثينا، تملأ هذه المرأة على الاستمارة الخاصة لهذه الغاية، الخانة المخصصة للأشخاص الراغبين في «مساعدة الأشخاص الضعفاء». لكنها تقول إنها «فقدت الكثير من الزبائن، خصوصاً من المسنين، بسبب خوفهم» من فتح أبوابهم لها نظراً إلى أنها تتنقل بوسائل النقل العامة، ما يزيد خطر إصابتها بفيروس كورونا المستجد.


مقالات ذات صلة

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
TT

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع تراجع التضخم.

وأكد البنك في تقرير الاستقرار المالي للربع الثالث من العام أنه «في واقع الأمر، مع مساهمة الإطار الاحترازي الكلي الذي قمنا بتعزيزه، يتحرك نمو الائتمان بما يتماشى مع تراجع التضخم».

وأضاف التقرير، الذي أعلنه البنك، الجمعة، أنه بينما يتم تعزيز آلية التحويل النقدي، يتم تشكيل التسعير في الأسواق المالية بما يتماشى مع سياسة سعر الفائدة والتوقعات.

وفي تقييمه للسياسة الاقتصادية الحالية، قال رئيس البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان في التقرير، إن «أسعار الفائدة على الودائع ستبقى عند مستويات داعمة لمدخرات الليرة التركية».

وأضاف كاراهان أن «استمرار عملية خفض التضخم يزيد من الاهتمام والثقة في أصول الليرة التركية، وأن الزيادة المطردة في حصة ودائع الليرة التركية مستمرة، وأدى الانخفاض الكبير في رصيد الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى تعزيز قوة العملة التركية».

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان (موقع البنك)

وتابع كاراهان أن «مزيج السياسات الحالي يدعم تحسين تصور المخاطر تجاه الاقتصاد التركي وانخفاض علاوة المخاطر، وانعكاساً لذلك؛ تعززت قدرة الاقتراض الأجنبي للشركات والبنوك».

وأوضح أنه بمساهمة انخفاض مستوى ديون الشركات، كان انعكاس تشديد الأوضاع المالية على مؤشرات جودة الأصول محدوداً، بالإضافة إلى التدابير الحكيمة وسياسات توفير البنوك والاحتياطيات القوية لرأس المال والسيولة بقيت المخاطر عند مستوى يمكن التحكم فيه.

كان كاراهان أكد، في كلمة خلال الاجتماع العادي لجمعية غرفة صناعة إسطنبول، الخميس، أهمية سياسات البنك المركزي بالنسبة للصناعة والإنتاج والاستقرار المالي، مشيراً إلى أن القدرة على التنبؤ ستزداد فيما يتعلق باستمرار عملية تباطؤ التضخم وما يتبعها من استقرار الأسعار.

وأضاف: «وبالتالي، يمكن اتخاذ قرارات الاستثمار والإنتاج والاستهلاك من منظور طويل الأجل».

وفي معرض تأكيده على أن عملية خفض التضخم مستمرة، قال كاراهان: «انخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 48.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو انخفاض كبير مقارنة بذروته في مايو (أيار)، ونتوقع أن ينخفض ​إلى 44 في المائة في نهاية العام.

وأضاف أن الاتجاه الرئيس للتضخم يتحسن التضخم، على الرغم من أنه أبطأ مما توقعنا في أشهر الصيف، وسيستمر التضخم، الذي انخفض بسرعة بسبب التأثير الأساسي، في الانخفاض مع تحسن التضخم الشهري في الفترة المقبلة، ونهدف إلى خفض التضخم إلى 21 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

مسار التضخم الأساسي وتوقعاته تدفع «المركزي التركي» للحفاظ على سياسته النقدية المتشددة (إعلام تركي)

وتابع: «موقفنا الحازم في سياستنا النقدية سيستمر في خفض الاتجاه الرئيس للتضخم الشهري من خلال موازنة الطلب المحلي، وارتفاع قيمة الليرة التركية الحقيقية، وتحسن توقعات التضخم، لقد حافظنا على سعر الفائدة الذي رفعناه إلى 50 في المائة في مارس (آذار)، ثابتاً لمدة 8 أشهر، وسنواصل موقف سياستنا النقدية المتشددة حتى يتحقق الانخفاض وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع على المدى المتوسط (5 في المائة)».

بالتوازي، أعلن معهد الإحصاء التركي أن اقتصاد تركيا سجَّل نمواً بنسبة 2.1 في المائة في الربع الثالث من العام على أساس سنوي.

وكان اقتصاد تركيا سجل نمواً في الربع الأول من العام بنسبة 5.3 في المائة، وفي الربع الثاني بنسبة 2.4 في المائة.

وظلت توقعات النمو للعام الحالي ثابتة عند 3.1 في المائة، بحسب نتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي نشره البنك المركزي التركي، الأربعاء، في حين تراجعت التوقعات من 3.3 في المائة إلى 3.2 في المائة لعام 2025.