مخاوف ليبية من سيطرة «الإخوان» على رئاسة مجلس النواب

اتهامات للمشاركين في اجتماع غدامس بالسعي لإزاحة صالح وحفتر

رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أ.ب)
رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أ.ب)
TT

مخاوف ليبية من سيطرة «الإخوان» على رئاسة مجلس النواب

رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أ.ب)
رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أ.ب)

تواصلت المنازعات النيابية في ليبيا أمس. ففي الوقت الذي تستعد فيه مجموعة من أعضاء البرلمان لعقد لقاء لهم في مدينة غدامس الحدودية غرب البلاد على الحدود مع الجزائر غداً (الاثنين)، أعلن رئيس البرلمان عقيلة صالح عن الدعوة لاجتماع آخر في مدينة بنغازي بشرق البلاد، وسط اتهامات يطلقها الفريق الداعم للرئيس الحالي بحق مناوئيه بـ«السعي لاختيار رئيس موالٍ لجماعة الإخوان».
ويستعد أعضاء بمجلس النواب لعقد جلسة حاسمة لهم بمدينة غدامس، وأكدت وكالة الأنباء الليبية الموالية لحكومة «الوفاق الوطني» وصول 118 نائباً للمشاركة في الجلسة الرسمية التي سيعقدها المجلس بنصاب كامل، بينما يُنتظر وصول نواب آخرين للانضمام إليهم أيضاً. ويقدر عدد مقاعد المجلس بمائتي عضو.
ويجادل بعض أعضاء المجلس بأن رئيسه عقيلة صالح هو المخول له فقط مع هيئة الرئاسة بدعوة المجلس للانعقاد. ويعتبر هؤلاء أن دعوته لعقد جلسة للمجلس في مدينة بنغازي باعتبارها مقره الرئيسي والدستوري، استهدفت «قطع الطريق قانونياً أمام أي محاولات لنقل الانعقاد إلى غدامس».
وفي تأكيد على أنها تتولى «تأمين جلسة غدامس»، وزعت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق صوراً لجهود إدارة شؤون المرور والتراخيص في دعم ومساندة الأجهزة الأمنية في تأمين خط السير لأعضاء مجلس النواب بغدامس.
ووصف ميلود الأسود، عضو مجلس النواب الليبي، اتهام اجتماع غدامس بالسعي لاختيار رئيس «إخواني» للبرلمان بأنه «محاولة لإفشال الاجتماع»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «عدد (الإخوان) بالبرلمان وبالجلسة التي ستعقد بغدامس ربما لا يزيد على 15 نائباً، كما أننا اتفقنا باجتماعاتنا التشاورية السابقة أن تؤول رئاسة البرلمان لشخصية من الشرق الليبي».
وكان أكثر من مائة من نواب البرلمان الليبي عقدوا الأسبوع الماضي اجتماعاً تشاورياً بمدينة طنجة المغربية، وأسفر الاجتماع عن الاتفاق على عقد جلسة نيابية موحدة في مدينة غدامس، وفيما توجه عدد غير قليل من المشاركين باجتماع طنجة مباشرة لهذه المدينة، عاد بعضهم لمدينة بنغازي معلناً انسحابه، وهو ما أثار الشكوك حول إمكانية عدم انعقاد الجلسة.
وفي تفسيره لانسحاب بعض النواب من الاجتماع، قال رئيس كتلة «تجمع الوسط النيابي» بالبرلمان إن «بعضهم أدرك مبكراً انتفاء حظوظه في أن يكون في رئاسة المجلس ولجانه، وسمعنا أيضا بتعرض بعض النواب لضغوط وتهديدات شخصية وهؤلاء عاد بعضهم لبنغازي».
بالمقابل، أوضح عضو مجلس النواب بطبرق، سعيد أمغيب، أن «التوجس من القرارات التي قد تتخذ حال انعقاد جلسة بغدامس، وما سوف يتخذ بعدها» هو ما دفعه للانسحاب والعودة من لبنغازي، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستبعد أن تتم الاستعانة بشخصية غير إخوانية لرئاسة البرلمان حال إقالة صالح ولكنها وبلا جدال ستكون على توافق كامل مع (الإخوان)».
لكن عضو مجلس النواب الليبي بطبرق، جبريل أوحيدة، دافع عن أهداف الاجتماع قائلاً إن «الأسماء التي ترددت لتولي لرئاسة البرلمان خلال أحاديث ومشاورات النواب في طنجة أو بغدامس ليس من بينها أسماء إخوانية». أوحيدة وهو من النواب المتوقع مشاركتهم بجلسة غدامس، أضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لو نجحنا في استكمال التفاهمات وإيجاد مخرج قانوني لعقد الجلسة فالأمور ستسير بشكل يدعم استقرار ليبيا والبرلمان عبر تفعيل نشاطه وآلياته».
ويعتقد المحلل السياسي الليبي خالد الترجمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر برمته مخطط إخواني يستهدف بالأساس إقالة قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر»، معتبراً أن «الهدف المؤقت هو إقالة صالح، والاستيلاء على رئاسة البرلمان، أما الهدف الحقيقي فهو إقالة حفتر الذي عينه البرلمان في عام 2015 قائداً عاماً للجيش الوطني».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.