دعا كثير من القادة الأفارقة إلى تقديم مساعدة مالية دائمة لعمليات السلام التي يُنفّذها الاتّحاد الأفريقي في القارّة، والتي تتحفظ عليها باستمرار الولايات المتحدة. وجاءت المطالبات الأفريقية تزامناً مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب معظم قوات بلاده من الصومال، الأمر الذي أثار حالة استياء في الصومال، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة من القتال ضد حركة الشباب وشبكتها الإرهابية. وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا: «نشدّد على ضرورة أن تُسرّع الأمم المتحدة والاتّحاد الأفريقي مداولاتهما حتى يتم تمويل عمليات دعم السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي وسمَحَ بها مجلس الأمن، من خلال مساهمات إجبارية» من أعضاء الأمم المتحدة. وأضاف رامابوزا الذي ترأس بلاده حالياً كلاً من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي، أنّ «الاتحاد الأفريقي مصمّم على إسكات البنادق في القارّة». ومنذ 2018 جرى التفاوض على مشروع قرار بين المنظّمتَين يمهّد الطريق لتمويل الأمم المتحدة عمليّات السلام التي يقودها الاتّحاد الأفريقي في القارّة، من دون أن يتمّ حتّى اليوم تبنّيه. وحتى الآن، ترفض واشنطن أن تُموّل الأمم المتحدة هذه القوّة المناهضة للحركات المسلحة.
أما ممثل الولايات المتحدة المساهم المالي الأول للأمم المتحدة، الدبلوماسي الأميركي رودني هنتر، فلم يتطرق في كلمته إلى قضية تمويل العمليات الأفريقية. وشدد في المقابل على انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها جنود خلال مهمات تُنفّذ في هذه القارّة. وقال: «إننا نشعر بقلق بالغ إزاء المعلومات المستمرة ضد جنود حفظ السلام في أفريقيا الوسطى. من الضروري أن يُنشئ الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة آليات فعالة ضد التعديات والسلوك السيئ»، داعياً «جميع الدول المساهمة بقوات وأفراد إلى أن تُطبّق بصرامة سياسات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي».
وعبّر صوماليون عن استيائهم وناشدوا الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن التراجع عن هذا القرار. وقال أيوب إسماعيل يوسف عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الصومالي في بيان لـ«رويترز»: «القرار الأميركي بسحب القوات من الصومال في هذه المرحلة الحرجة من القتال الناجح ضد (حركة) الشباب وشبكتها الإرهابية العالمية مؤسف للغاية». وأضاف: «قدمت القوات الأميركية مساهمة ضخمة، وكان لها أثر كبير في التدريب والكفاءة القتالية للجنود الصوماليين». وفي تغريدة على «تويتر» لانتقاد القرار، أشار يوسف إلى حساب بايدن على الموقع. ولم يتسنَّ التواصل مع الحكومة الصومالية في وقت مبكر أمس (السبت)، للتعقيب على القرار الأميركي المعلن بسحب تقريباً كل القوات الأميركية من الصومال، وقوامها 700 جندي، بحلول 15 يناير (كانون الثاني). ومن المقرر أن تجري الحكومة الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي انتخابات برلمانية هذا الشهر وانتخابات عامة في مطلع فبراير (شباط)، وهو ما يسبق خفضاً مزمعاً لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي وقوامها 17 ألفاً. وتدعم القوات الأميركية في الصومال القوات الخاصة الصومالية المعروفة باسم «دنب» في عملياتها ضد حركة الشباب التي أسفرت هجماتها في بلدان مثل كينيا وأوغندا عن مقتل مئات المدنيين ومنهم أميركيون. وقال العقيد أحمد عبد الله شيخ الذي شغل منصب قائد «دنب» لثلاثة أعوام حتى 2019، إنه في حالة كان الانسحاب الأميركي دائماً «فستكون لذلك تداعيات هائلة على جهود مكافحة الإرهاب». وأضاف أن القوات الأميركية والصومالية تعارض سحب القوات. وأشار إلى أن البرنامج الأميركي لزيادة عدد قوات «دنب» إلى ثلاثة آلاف فرد كان يتعين استمراره حتى عام 2027، لكن مصيره أصبح غير واضح الآن.
لكنّ الإدارة الديمقراطية المقبلة برئاسة جو بايدن التي رشحت سفيرة في الأمم المتحدة متخصصة في شؤون أفريقيا هي ليندا توماس غرينفيلد، يُمكن أن تُكون أكثر مرونة حيال قوة دول الساحل الخمس ومشروع القرار الذي يتم التفاوض بشأنه. ودعم الرئيس التونسي قيس سعيد موقف نظيريه الجنوب أفريقي والنيجري، داعياً بدوره إلى «تقديم مزيد من الدعم المالي واللوجيستي لعمليات السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي».
وقال رئيس النيجر محمدو إيسوفو إنّ «ما يصل إلى 70 في المائة من عمليات السلام يتعلقّ بالدول الأفريقيّة التي تدعو إلى تنسيق مناسب «بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي». وأضاف أنه يجب «إنشاء آلية تمويل مستدام لعمليات حفظ السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي أو منظمات شبه إقليمية». وتابع الرئيس النيجري: «يجب على الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة توحيد جهودهما لإيجاد حل تمويلي مستدام للقوة المشتركة لمجموعة الساحل الخمس».
أفريقيا تطالب بتمويل من الأمم المتحدة لعمليات السلام
تزامناً مع قرار سحب معظم القوات الأميركية من الصومال
أفريقيا تطالب بتمويل من الأمم المتحدة لعمليات السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة