«ناسا» تحفز الشركات الناشئة على بيعها صخور القمر

مركبة فضائية صينية تجمع عينات من سطح القمر (إ.ب.أ)
مركبة فضائية صينية تجمع عينات من سطح القمر (إ.ب.أ)
TT

«ناسا» تحفز الشركات الناشئة على بيعها صخور القمر

مركبة فضائية صينية تجمع عينات من سطح القمر (إ.ب.أ)
مركبة فضائية صينية تجمع عينات من سطح القمر (إ.ب.أ)

تتراوح قيمة صخرة القمر الواحدة، وفقًا للعقود الجديدة التي تم توقيعها بين وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وأربع شركات ناشئة، بين 1 و15 ألف دولار، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وتعهدت ناسا في سبتمبر (أيلول) بشراء صخور القمر من الشركات التي يمكنها نقل مركبات روبوتية إلى سطح القمر وجمع عينات من التضاريس الترابية، وطلبت وكالة الفضاء من الشركات في جميع أنحاء العالم تقديم عروض.
وتم الكشف عن الفائزين يوم الخميس، وهم «ماستن» ومقرها كاليفورنيا، و«لونار أوت بوست» في كولورادو، وشركتان منفصلتان يطلق عليهما اسم «آي سبيس»، واحدة من اليابان والأخرى من لوكسمبورغ.
ويعد البرنامج، الذي تأمل ناسا أن يكتمل بحلول عام 2024، وهو نفس العام الذي تطمح فيه الوكالة إعادة رواد الفضاء إلى القمر، من بين أكثر البرامج الفريدة في تاريخ الولايات المتحدة. والهدف منه ليس جمع معلومات جديدة حول تكوين التربة القمرية أو دراسة كيفية استخدام الموارد القمرية المختلفة، بدلاً من ذلك، يكمن الهدف في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تطوير المركبات الجوالة.
وربما يكون الهدف الأساسي للمشروع هو توضيح لبقية العالم أن القمر ليس مجرد مكان للاستكشاف والبحث، إنه مكان للعمل وللقيام باستثمارات.
وقد تكون ناسا هي المنظمة الوحيدة الموجودة حاليًا في السوق لشراء صخور القمر من الشركات الخاصة، لكن وكالة الفضاء سمحت للشركات بتحديد أسعارها. وتعهدت «لونار أوت بوست» ببيع عينتها مقابل دولار واحد فقط، وهو أقل عرض حتى الآن. تخطط شركتا «آي سبيس» لبيع عيناتهما مقابل 5 آلاف دولار. وستبيع «ماستن» مجموعتها مقابل 15 آلاف دولار.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت أي من الشركات ستنجح في جهودها. وتقول ناسا إنها ستدفع 10 في المائة فقط من سعر الشراء مقدمًا. وستحصل الشركات على 10 في المائة أخرى بعد إطلاق مركباتها الجوالة إلى الفضاء، وسيتم دفع الـ80 في المائة الأخيرة بعد أن تثبت الشركات لناسا أن مركباتها الجوالة قد جمعت بالفعل عينات من تربة القمر تتراوح بين 50 و500 غرام، أو ما يصل إلى حوالي الرطل عند وزنه على الأرض.
وان الرحلة إلى القمر ليست سهلة. ستحتاج الشركات إلى شراء رحلة على صاروخ يمكنه حمل مركباتها الجوالة طوال الطريق إلى القمر، وسيحتاجون إلى مركبة هبوط على سطح القمر يمكنها نقل المركبات الجوالة إلى سطح القمر.
وقال مايك غولد، المدير التنفيذي لوكالة ناسا: «نعتقد أنه من المهم للغاية إنشاء طريقة تمكن كيانات القطاع الخاص من استخراج هذه الموارد، بحيث تستطيع وكالة ناسا شراءها».
ولا يبدو الحافز الاقتصادي للشركات الأربع التي تم تسجيلها في برنامج الموارد القمرية الجديد التابع لوكالة ناسا واضحًا تمامًا، لكن جميع الشركات تعمل بالفعل على تطوير تقنيات استكشاف القمر المختلفة.
و«ماستن»، على سبيل المثال، لديها عقد بقيمة 75.9 مليون دولار مع وكالة ناسا من خلال برنامج مختلف، يطلق عليه «سي إل بي إس»، لتوصيل الإمدادات إلى القمر في عام 2022 باستخدام مركبة الهبوط القمرية «إكس - إل - 1».
*ماذا يعني بيع صخور القمر؟
أوضحت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة أنها تسعى إلى إنشاء اقتصاد خارج كوكب الأرض، اقتصاد يعتمد إلى حد كبير على بناء وجود للقطاع الخاص في الفضاء الخارجي مثل تحقيق أهداف العلم والبحوث. لكن خطط استخراج الموارد على القمر مثيرة للجدل.
ويخشى بعض العلماء من أن النشاط التجاري المفرط يمكن أن يلوث أو يدمر مناطق من القمر يمكن أن توفر أدلة رئيسية حول كيفية تشكل القمر والأرض.
وأعرب ستيوارت كلارك، عالم الفلك الحاصل على درجة الدكتوراه، عن أسفه في وقت سابق من هذا العام من أن تعدين موارد القمر يمكن أن تغذيه عقلية «الفائز يأخذ كل شيء»، وسيخسر العلماء «أدلة جيولوجية قيمة». وكتب: «عدد قليل جدا من الدول على ما يبدو مستعدة للتخلي عن أرباحها من أجل الصالح العام».
ويجادل آخرون بأن تسويق استكشاف الفضاء يمكن أن يكون مفيدًا للجميع.
وقال كليف نيل، أستاذ الهندسة في جامعة نوتردام: «من المهم أن نوازن، وأن نمضي قدمًا معًا بطريقة تمكن هذا الاقتصاد [القمري]، بالإضافة إلى الاهتمام بالعلم».
وتابع: «طريقتي في النظر إلى ذلك، هي أنه إذا نظرنا إلى موارد القمر باعتبارها موارد للعلم، وموردًا للاستكشاف، وللمشاركة التجارية، فإن الجميع سيفوز لأن مجموعات البيانات التي نحتاجها هي نفسها إلى حد كبير».
وتجدر الإشارة إلى أن برنامج استخراج الموارد التابع لناسا سيتضمن حفر كميات صغيرة جدًا من سطح القمر.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار وكالة «ناسا» (رويترز)

ترمب يرشح جاريد إيزاكمان لرئاسة «ناسا»

رشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اليوم الأربعاء جاريد إيزاكمان لقيادة إدارة الطيران والفضاء (ناسا).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق صورة رادارية تكشف عن قاعدة عسكرية مهجورة في غرينلاند (ناسا)

إنجاز علمي جديد... «ناسا» ترصد «مدينة تحت الجليد» مدفونة في غرينلاند

كشفت صورة رادارية التقطها علماء «ناسا» أثناء تحليقهم فوق غرينلاند عن «مدينة» مهجورة من حقبة الحرب الباردة تحت الجليد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
TT

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

وسط ازدياد أعداد الوافدين إلى مقرّ «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» بنسخته الثانية في العاصمة السعودية، بتنظيم من «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر»، في منطقة «كوب 16» بالرياض، رصدت «الشرق الأوسط» جوانب لافتة حول تصميم مقرّ المعرض وإنشائه.

بدخول الزوّار المنطقة المركزية، يجدون أنفسهم في قلب الحدث. وكشف «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر»، لـ«الشرق الأوسط» عن أنّ المعرض يقدّم رؤيته للمستقبل المستدام من خلال مجموعة متنوّعة من الأنشطة والجلسات ومناطق الجذب؛ فتمثّل المنطقة المركزية قلبَه، إذ تُشكِّل نقطة الانطلاق والتواصل مع المناطق الأربع المحيطة، مما يسمح للزوار بالتعرُّف إلى كيفية تضافر الجهود المختلفة لتحقيق الاستدامة.

جانب من التقنيات ضمن المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

قلب النبتة وبتلاتها

وتُمثّل المنطقة المركزية في المعرض «قلب النبتة»؛ وهي المحور الرئيس الذي يمدُّ جميع المناطق المحيطة بالأفكار والموارد اللازمة. تحتوي هذه المنطقة على المعرض وجناح المركز، حيث تُعرض الرؤية الشاملة لمستقبل مستدامٍ ومكافحة التصحّر.

ولاحظت «الشرق الأوسط» خلال جولتها في أجنحة المعرض، انقسامه إلى 4 مناطق تُمثّل «بتلات النبتة»، إذ تجسِّد كل منطقة شريكاً من شركاء المركز في رحلتهم نحو بناء مستقبل مستدام.

استعراض عدد من الأرقام المهمّة (تصوير: تركي العقيلي)

وشرح القائمون على «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير»، تلك المناطق كالآتي:

«صون الطبيعة»؛ وهي مخصّصة لعرض جهود حماية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر، و«واحة التشجير» المُرتكزة على أهمية المشاتل والمتنزهات في تعزيز الغطاء النباتي ودورها في الحفاظ على التنوّع البيولوجي.

شاشات عرض متعدّدة داخل المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

أما الثالثة، «منطقة المستقبل والابتكار»، فتتضمّن عرضاً لأحدث الابتكارات والتقنيات التي تقدّم حلولاً عملية للتحدّيات البيئية، إلى جانب «منطقة النماء المستدام» المُرتكزة على أهم الطرق والأساليب المستدامة لإنماء الطبيعة من خلال بناء شراكات وتوفير فرص استثمارية وجهات داعمة لتنمية الغطاء النباتي.

استدامة من التصميم إلى الإنشاء

وأكد «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر» حرص المعرض على استخدام مواد مستدامة وصديقة للبيئة في جميع جوانب التصميم والإنشاء، بما فيها مناطق الجلوس والديكورات، والأثاث، بهدف تقليل البصمة الكربونية وتعزيز أهمية الاستدامة البيئية.

شاشة تستعرض المتنزهات الجيولوجية (تصوير: تركي العقيلي)

ومن المواد المستخدمة في التصميم والإنشاء، مادة «الإكريليك» المعروفة باسم «البليكسيغلاس» أو «صفائح البليكسيغلاس»، وهي متعدّدة الاستخدامات وصديقة للبيئة ومثالية لمجموعة واسعة من المشروعات. وأوضح المسؤولون أنَّ مَن يبحث عن إنشاء قطعة ديكور منزلية، أو قطعة أثاث مخصّصة، أو ميزة معمارية فريدة، فإنّ صفائح «الإكريليك» توفِّر فوائد عدَّة تجعلها الخيار الأمثل لأي مشروع.

وثانياً «الألمنيوم» الذي يُعدّ من أكثر المعادن الصديقة للبيئة. وثالثاً خشب «شيبورد» وهو لوح حُبيبي أو منتج خشبي هندسي يُضغَط من رقائق الخشب ويُستَخدم على هيئة رقائق خشب مُشكَّلة، أي مُعاد تدويرها. وأوضح المعرض أنه باستخدام هذه الأخشاب، «نعمل على تقليل الطلب على الأخشاب المقطوعة حديثاً، مما يساعد في الحفاظ على الغابات ونُظمها البيئية».

اهتمام من زوّار دوليّين بمشاهدة تقنية سلّة المهملات الذكية (تصوير: تركي العقيلي)

وأخيراً «الدهانات المائية صديقة البيئة»، المتميّزة بأنها طلاءات ذات أساس مائي. ورغم ذلك، فإنّ هذا الأساس المائي ليس كافياً لتكون صديقة للبيئة، فيؤكد المعرض ضرورة تجنُّب استخدام المركّبات العضوية المتطايرة وشبه المتطايرة في الطلاءات لتأثيرها السلبي في الصحة، ولتوفير نوعية ممتازة من الهواء في الأماكن المغلقة.

الشجرة التفاعلية تتحدّث إلى أحد الزوّار (تصوير: تركي العقيلي)

ويقدّم المعرض أيضاً فرصة فريدة لاستعراض جهود «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر» عبر 14 تقنية منتشرة في أرجائه، منها: «تقنية خريطة تأثير المركز» التي تُبرز جهوده عبر تسليط «بروجكتور» على خريطة البلاد لتُقسَّم تلك الجهود إلى 7 قوائم رئيسية؛ وعند اختيار قائمة، تُحدَّد المنطقة وتُعرَض الجهود فيها على شكل جداول.

فمن خلال «هولوغرام» نَظم المعلومات الجغرافية، والاستعراض التفاعلي للمنتزهات الجيولوجية، وشاشة بحجم يتجاوز المترين، تُعرَض جميع بيانات إدارة الفرص والاستثمارات.

جانب من التقنيات الـ14 في المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

وضمن التقنيات، برزت شاشة بحجم 9 أمتار، متخصّصة في إدارة الرصد والحماية، فكشف المركز لـ«الشرق الأوسط» عن رصد الإدارة العامة للرقابة والحماية 2752 مخالفة بيئية خلال عام 2024، مضيفاً أنّ الإدارة العامة للرقابة والحماية تُعنى بالمحافظة على الغطاء النباتي من خلال تسيير دوريات الحماية الخاصة بالمركز وأعمال الرقابة الجوّية باستخدام الطائرات المسيَّرة للمحافظة على سلامة الغطاء النباتي في المتنزهات والغابات والأراضي والمراعي؛ مع نشر أكثر من 600 مراقب بيئي للحدّ من المخالفات وضبط المُخالفين.

عرض ثلاثيّ البُعد (تصوير: تركي العقيلي)

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر، تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

كذلك تتعدّد التقنيات لتشمل غرفة التنوّع النباتي، بالإضافة إلى جولة تفاعلية للمتنزهات الوطنية، عبر «هولوغرام» مع شاشة جانبية تعرض صوراً ثلاثية البُعد لمستقبل هذه المتنزّهات.

من وسائل الرصد والحماية في المركز (تصوير: تركي العقيلي)

ذلك بالإضافة إلى مؤشِّر التنوّع البيئي، وجهاز الرخص والتراخيص، وشاشة خطّ الإنجازات، وسلّة المهملات الذكية، وتقنية الواقع المعزِّز أمام كل شجرة لكشف تفاصيل تتعلّق بها وببيئتها ومواقعها والجهود المبذولة بشأنها.

وأخيراً مُساعد الذكاء الاصطناعي الذي يتفاعل مع الزوّار بطرح الأسئلة والتحدُّث معهم حول موضوعات التصحُّر والتشجير في السعودية.