قائمة جنرالات جديدة تضم يعلون وآيزنكوت للانتخابات الإسرائيلية القادمة

TT

قائمة جنرالات جديدة تضم يعلون وآيزنكوت للانتخابات الإسرائيلية القادمة

في محاولة أخرى لإسقاط حكم بنيامين نتنياهو، أعلن عن قائمة جنرالات جديدة قررت خوض الانتخابات القادمة في إسرائيل، يرأسها موشيه يعلون، الذي انسحب من التحالف مع يئير لبيد وغادي آيزنكوت، الذي يخوض غمار السياسة لأول مرة، وكلاهما قاد الهيئة العامة لرئاسة أركان الجيش الإسرائيلي.
وقال يعلون، الذي خدم وزيرا للدفاع في حكومة نتنياهو في الماضي، إنه وآيزنكوت، قررا التعلم من أخطاء حزب الجنرالات «كحول لفان»، بقيادة بيني غانتس، وزير الأمن، وغابي أشكنازي وزير الخارجية. وأضاف: «غانتس ورفاقه لم يدركوا خطورة نتنياهو على السياسة الاستراتيجية والقيم الأخلاقية في العمل السياسي والوطني، لذلك تنكروا بوعودهم بإسقاط نتنياهو وانضووا تحت لوائه في الحكومة. وهو من جهته لم يجد مشكلة في المساس بهم وبما يمثلون في تاريخهم العسكري وحطم هيبتهم وتنكر لوعوده لهم ونجح في تفتيتهم. ونحن نأتي لنصحح الأخطاء وننقذ الدولة من نهجه الفاسد».
وفسر يعلون خطوته في الانشقاق عن حزب «يش عتيد» بقيادة رئيس المعارضة يائير لبيد، فقال: «لبيد قائد جيد ورصيده غني ويصلح جدا أن يكون رئيس حكومة أفضل من نتنياهو. ولكن الاستطلاعات تشير إلى أن الجمهور لا يقتنع به. وهناك قطاعات واسعة لا يمكن أن تصوت له. فالمتدينون يرون فيه عدوا واليمين يرى فيه يساريا. بينما أنا، لا توجد لي مشكلة، لا مع اليمين ولا مع المتدينين. لذلك أخوض التجربة حتى نعرف كيف يفكر الجمهور. وبعد الانتخابات نرى. إذا حصل أكثر مني سأقف إلى جانبه وأؤيده كرئيس حكومة. وإذا حصلت أكثر منه، أكون أنا رئيس الحكومة».
المعروف أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، حل نفسه يوم الأربعاء، ويفترض أن يبدأ المداولات لإجراء انتخابات جديدة، هي الرابعة خلال سنتين. وحسب استطلاعات الرأي يخسر نتنياهو وغانتس نسبة كبيرة من قوتهما الانتخابية، لكن لا توجد شخصية منافسة لنتنياهو تهدد مكانته ولا يوجد حزب يحصل على أصوات بمقدار أصوات حزبه. وفي آخر هذه الاستطلاعات، الذي نشرته صحيفة «معريب»، أمس الجمعة، وردا على سؤال حول أنسب الشخصيات لتولي منصب رئيس الحكومة، اختار نتنياهو 33 في المائة، واختار 14 في المائة نفتالي بنيت، رئيس اتحاد أحزاب اليمين المتطرف «يمينا»، يليه لبيد (12 في المائة) ثم غانتس (8 في المائة). لكن 33 في المائة قالوا إنهم لا يرون في أي منهم شخصية مناسبة للمنصب.
ويلاحظ في الخارطة السياسية في إسرائيل أن أحزاب اليمين، ما زالت موحدة ومتشابكة وتنجح في كبت خلافاتها وتحافظ على أكثرية مطلقة في الاستطلاعات (61 نائبا في أسوأ الحالات، ولكن بعضها تعطيهم 65 و65 نائبا من مجموع 120). وبالمقابل تتفكك أحزاب الوسط واليسار والعرب. ولا تتفق على من يقودها. وتسارع إلى حل الكنيست مع أن الاستطلاعات تشير إلى أنها ستخسر من قوتها. وبذلك فإنها تقدم أكبر وأثمن هدية لنتنياهو.
وفي يوم أمس أعلن عن تشكيل حزب جديد في اليسار، يدعى «شاحر» (السحر)، ويعتبر أول حزب يهودي عربي، وسيقوده رئيس بلدية حيفا السابق، يونا ياهف. وتتألف قائمته للكنيست من 120 مرشحا، نصفهم عرب ونصفهم يهود. ويتوقع أن يحصل هذا الحزب على أصواته من حزب ميرتس ومن القائمة المشتركة.
ولوحظ أن حزب «يمينا» المتطرف أيضا يفتش عن أصوات لدى العرب (فلسطينيي 48). فقد دشن رئيسه، نفتالي بنيت، هذا الأسبوع، أول مقر له في المجتمع العربي، وذلك في منطقة كفر قاسم. فهذا الحزب، وفقاً للاستطلاعات، سيضاعف قوته عدة مرات، من 5 إلى 22 مقعدا. وهو يريد الظهور كما لو أنه حزب معتدل، على أمل أن يضيف إلى رصيده خمسة – ستة نواب فيسقط نتنياهو. ولذلك، صرح بنيت بأنه يسعى لاستقطاب شرائح واسعة جدا في المجتمع الإسرائيلي وبضمنه العربي، ونقلت عنه قوله حينها: «لدي واجب تجاه مواطني كفر قاسم كواجبي أمام كل مواطني الدولة». وقال إنه ينوي إقامة اجتماعات انتخابية له في كل من الناصرة وسخنين والطيبة.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟