تركيا تواجه تهديداً مزدوجاً بعقوبات من أميركا وأوروبا

تواجه تركيا تلويحاً مزدوجاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالعقوبات على خلفية اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400» وسلوكها «العدواني» في منطقة شرق البحر المتوسط. وكشف مشرعون أميركيون عن نسخة نهائية لمشروع قانون الإنفاق الدفاعي الضخم لعام 2021، متضمناً فرض عقوبات فورية على تركيا في غضون 30 يوماً من إقرار القانون بسبب حصولها على منظومة «إس - 400» الروسية. ويدعو مشروع القانون إلى فرض عقوبات على «كل شخص شارك عن علم في الحصول على نظام الدفاع الجوي الروسي»، ويسمح للرئيس الأميركي بإلغاء العقوبات بعد عام من تطبيقها.
وامتنع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استخدام مواد قانون «مكافحة أعداء تركيا بالعقوبات» (كاتسا) الذي أقر عام 2017، في الحالة التركية، لكنه قد يضطر بعد إقرار مشروع القانون الجديد، الذي أعلن ليل الخميس، إلى تطبيق مواد «كاتسا»، وإلا فإن الأمر سيترك للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، الذي يبدو أنه يتبنى مواقف صارمة ضد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته. ووجّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، خلال الاجتماع الافتراض لوزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الثلاثاء، انتقادات شديدة لتركيا، قائلاً إن شراءها منظومة أسلحة روسية هو «هدية» لموسكو. وقال إن تركيا تقوض أمن الناتو وتوجد حالة من عدم الاستقرار في شرق البحر المتوسط في نزاع مع اليونان وقبرص، الدولة غير العضو بالحلف، على موارد الغاز، فضلاً عن ليبيا وسوريا وقره باغ.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه لا يحق لأحد أن يضع علامات استفهام حول عضوية تركيا في الناتو. وأشار، خلال مشاركته ليل الخميس - الجمعة عبر تقنية الفيديو في النسخة السادسة لـ«منتدى حوار المتوسط» الذي تنظمه وزارة الخارجية الإيطالية والمعهد الدولي للدراسات السياسية، أن بعض التصريحات التي انتقدت تركيا في اجتماع وزراء خارجية دول الحلف، إلى أن «تركيا حليف قوي للناتو، وهي بين الحلفاء الخمسة الأوائل الذين يقدمون مساهمات لعملياته وميزانيته». وأضاف «تركيا ليست الوحيدة التي لها علاقات مع روسيا ضمن الحلفاء، إنما إيطاليا أيضاً تتمتع بعلاقات جيدة معها، واليونان تمتلك منظومة (إس – 300) الروسية... لقد حصلنا على منظومة الدفاع من روسيا لأننا لم نتمكن من الحصول عليها من حلفائنا. يجب سؤال الحلفاء عن سبب عدم بيعهم المنظومة لنا».
في الوقت ذاته، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، أن الاتحاد الأوروبي مستعد لفرض عقوبات على تركيا بسبب استمرار «الأعمال الأحادية والخطاب العدائي»، معتبراً، خلال مؤتمر صحافي أمس، أن «لعبة القط والفأر يجب أن تنتهي»، في إشارة إلى دخول سفن تركية للتنقيب عن الغاز بشكل متكرر إلى مياه اليونان وقبرص. وقال ميشيل، الذي يرأس قمم الاتحاد الأوروبي «في أكتوبر (تشرين الأول) حددنا جدول أعمال إيجابياً ومددنا أيدينا لهم... يجب أن توقف تركيا استفزازاتها ونبرتها العدائية... سنجري نقاشاً خلال القمة الأوروبية في 10 ديسمبر (كانون الأول) (الثلاثاء المقبل)، ونحن على استعداد لاستخدام السبل المتاحة لنا». وتراجعت تركيا خلال الفترة الأخيرة عن لهجتها العدائية تجاه الاتحاد الأوروبي في مسعى لتفادي عقوبات، قد تكون مؤثرة، بسبب ممارساتها في شرق المتوسط. وقال إردوغان، إن تركيا ترى مستقبلها في الاتحاد الأوروبي. وأبدى جاويش أوغلو استعداد بلاده للحوار مع اليونان دون شروط مسبقة، كما قامت أنقرة للمرة الثانية بسحب سفينة «أوروتش رئيس» ووقف أعمال المسح السيزمي قرب سواحل اليونان في 29 نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال جاويش أوغلو، إن تحديد موعد لإجراء محادثات بين البلدين أصبح ممكناً بعد تعليق عمل السفينة، لكن المفوضية الأوروبية اعتبرت أن هذه الخطوة المتكررة من جانب تركيا لن تغير من توجه القادة الأوروبيين خلال قمة 10 ديسمبر. في السياق ذاته، قالت اليونان، أمس، إنها تنسق المواقف مع قبرص داخل اجتماعات الاتحاد الأوروبي حول تركيا.
ودعت قبرص، الخميس، تركيا إلى الدخول في محادثات بهدف التوصل إلى اتفاق حول ترسيم حدود المناطق البحرية المتنازع عليها بين البلدين، وإلا ستقوم بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية.
وتقول تركيا، إن قبرص تتجاهل حقوق القبارصة الأتراك في المنطقة منذ عام 2003، وتقوم بمبادرات من جانب واحد رغم اعتراضات أنقرة. وأكد جاويش أوغلو، أن بلاده دعت دائماً إلى تأسيس حوار والتقاسم العادل للموارد المكتشفة، مشيراً إلى أن الإدارة القبرصية لا تزال ترفض تلك الدعوات. وتابع «أبواب تركيا مفتوحة على مصراعيها من أجل الحوار... هناك مخرج هو مؤتمر شرق المتوسط الذي يشكل ​​فرصة لخلق بيئة مواتية للتعاون وهذا هو اقتراحنا»، لافتاً إلى أن سفير تركيا لدى الاتحاد الأوروبي عقد، أمس، لقاءً مع مسؤولي مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل؛ لمناقشة كيفية تنظيم هذا المؤتمر «قدمنا ​​اقتراحاتنا إلى الاتحاد الأوروبي لإنشاء منصة شاملة».