مسؤول استخباراتي أميركي يحذّر من مواجهة مع الصين أشد من «الحرب العالمية»

أصدر أكبر مسؤول استخباراتي في إدارة ترمب تحذيراً صارخاً، من أن الصين تستعد لـ«فترة مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة»، داعياً الحزبين السياسيين (الديمقراطي والجمهوري) لاتخاذ إجراءات أشد، وذلك لمواجهة «أكبر تهديد لأميركا وللديمقراطية حول العالم» منذ الحرب العالمية الثانية، على حد قوله.
واتهم جون راتكليف مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، في مقال رأي نشره في صحيفة «وول ستريت جورنال»، الصين باستهداف عشرات من أعضاء الكونغرس ومساعديهم في حملة تأثير ضخمة هذا العام، في حين أن التفاصيل الدقيقة لحملة التأثير هذه لا تزال سرّية للغاية، محذراً من نيات الصين إجراء عمل عسكري محتمل في آسيا. وأشار آخرون إلى جهود غير مسبوقة للتأثير على إدارة بايدن القادمة.
ويأتي مقال راتكليف في الوقت الذي اتخذت فيه إدارة ترمب أخيراً العديد من الإجراءات الملموسة ضد بكين، حيث قللت بشدة من إصدار تأشيرات الدخول إلى أميركا لأعضاء الحزب الشيوعي الصيني، وكشفت عن عقوبات جديدة على الشركات الصينية، كما أمرت إدارة ترمب الصين بإغلاق قنصليتها في هيوستن في وقت سابق من هذا العام، بسبب مزاعم بأن دبلوماسيين صينيين في الموقع كانوا يمارسون أعمالاً تجسسية ضد البلاد.
وعرّف وزير الخارجية مايك بومبيو، في وقت سابق من هذا العام الحزب الشيوعي الصيني بأنه «التهديد المركزي للعصر الحديث، ويهدف إلى وقف الحرية في العالم».
وكتب راتكليف: «سيتم الحكم على هذا الجيل من خلال مقاومته لجهود الصين في إعادة تشكيل العالم، وفقاً لصورتها الخاصة واستبدال أميركا كقوة عظمى مهيمنة... والمعلومات الاستخباراتية لدينا واضحة، يجب التحرك وأن يكون لدينا رد حيال ذلك، إذ إن بكين تستعد لفترة مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة، ويجب أن تكون واشنطن مستعدة، ويجب أن يعمل القادة عبر الانقسامات الحزبية لفهم التهديد والتحدث عنه علانية واتخاذ إجراءات حقيقية لمواجهته».
ويرى راتكليف أن الوقت المناسب لإقناع الحلفاء بالانضمام طواعية إلى الولايات المتحدة في تقديم جبهة موحدة عندما يتعلق الأمر بشبكات الجيل الخامس ربما يكون قد فات، مشيراً إلى أن الموقف يتطلب من إدارة ترمب اتخاذ نهج أكثر قوة.
وأضاف: «إن جهود الصين للسيطرة على تقنية الجيل الخامس للاتصالات ستزيد فقط من فرص بكين في جمع المعلومات الاستخبارية، وتعطيل الاتصالات وتهديد خصوصية المستخدم في جميع أنحاء العالم، ولقد أخبرت حلفاء الولايات المتحدة شخصياً أن استخدام هذه التكنولوجيا المملوكة للصين سيحد بشدة من قدرة أميركا على مشاركة المعلومات الاستخباراتية الحيوية معهم».
كما اتهم راتكليف أجهزة المخابرات الصينية بإدخال نقاط ضعف في التكنولوجيا التي تقدمها كبرى شركات التكنولوجيا الصينية مثل «هواوي». وقال إن الحلفاء الذين يستخدمون التكنولوجيا الصينية لن يشاركوا المخابرات الأميركية معهم، وأن المعلومات الاستخباراتية الأميركية أظهرت أن الصين أجرت «تجارب بشرية» على القوات العسكرية بهدف تطوير الجنود ليكون لديهم «قدرات معززة بيولوجياً».
وقال إن الصين انخرطت في «حملة نفوذ ضخمة» تستهدف أعضاء الكونغرس الأميركيين وموظفيهم من خلال تشجيع النقابات في الشركات الكبرى على إخبار السياسيين المحليين باتخاذ موقف أكثر ليونة تجاه الصين أو مواجهة خسارة أصوات أعضاء النقابات.
واتهم الصين بأنها تقدم خياراً للعالم بين آيديولوجيتين متعارضتين تماماً، إذ يسعى قادة الصين إلى إخضاع حقوق الفرد لإرادة الحزب الشيوعي، وممارسة سيطرة الحكومة على الشركات وانتهاك خصوصية وحرية مواطنيهم بسلطة استبدادية، وأن تصبح دولة مراقبة، مؤكداً أن بكين توجه بانتظام عمليات التأثير في الولايات المتحدة.
وقال: «لقد أطلعت لجان المخابرات في مجلسي النواب والشيوخ على أن الصين تستهدف أعضاء الكونغرس بمعدل ستة أضعاف، بعكس جهود روسيا وإيران».
وأفاد بأن الصين متورطة في شكل من أشكال التجسس الاقتصادي وصفه بأنه «سرقة، وتكرار واستبدال»، مع إعطاء مثال لشركة توربينات الرياح الصينية التي أُدينت في الولايات المتحدة بالسرقة من منافس أميركي قبل الذهاب للبيع في جميع أنحاء العالم ففقدت الشركة الأميركية قيمة الأسهم وطردت الموظفين.
وبيّن أن ملكية فكرية أميركية بقيمة 500 مليار دولار تُسرق كل عام، إذ أصبحت اعتقالات مكتب التحقيقات الفيدرالي لمواطنين صينيين لسرقة أبحاث متكررة، مضيفاً أن الصين كانت تدفع أيضاً 50 ألف دولار شهرياً لرئيس قسم الكيمياء بجامعة «هارفارد» حتى اعتقاله في وقت سابق من هذا العام.
فيما قالت مصادر أميركية مطلعة على خطط السياسة الخارجية لبايدن لشبكة «سي إن إن» إن الرئيس المنتخب يدرك جيداً التحدي الذي تمثله بكين، لكنه يعتقد أن نهج ترمب لا سيما اتخاذ إجراءات دون استشارة الحلفاء، قوّض الهدف النهائي المتمثل في التنافس مع الصين، وهو ما حث عليه كبار الديمقراطيين في الكونغرس أعضاء فريق بايدن، بما في ذلك خياراته في تنصيب شخص آخر يحل محل راتكليف في منصب مدير الاستخبارات الوطنية، وأن يتخذ موقفاً صارماً من الصين، لكن مع تبني نهج مختلف عن نهج إدارة ترمب.
وكان جو بايدن قد قال في وقت سابق إن هناك مجالات من المصلحة للولايات المتحدة في العمل مع الصين، بما في ذلك قضايا تغير المناخ وأزمة كوريا الشمالية، لكنّ مستشاريه يؤكدون أنه سيعمل عن كثب مع الحلفاء لتقديم جبهة موحدة بشأن تلك القضايا وكذلك قضايا مثل التكنولوجيا، والصراع مع شركة «هواوي»، وسرقة الملكية الفكرية وتوسع الصين في المياه الآسيوية وتحركاتها لسحق الديمقراطية في هونغ كونغ.
ويتلقى بايدن، ونائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس، الآن نفس التقارير الاستخباراتية السرية مثل الرئيس دونالد ترمب، مما يعني أن لديهما إمكانية الوصول إلى مجموعة كاملة من المعلومات الأساسية حول تصرفات الصين، لكن في الوقت نفسه لا يمكن لبايدن وهاريس أن يراقبا إلا من الخطوط الجانبية، حتى يؤديا اليمين وسيرثان تداعيات أي إجراءات تتخذها إدارة ترمب من الآن وحتى يوم التنصيب.