طرحت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تساؤلاً بشأن تعرض الدول لضغوط للموافقة على لقاح لفيروس «كورونا» المستجد، خاصة مع إعلان بريطانيا أنها أول دولة في العالم وافقت على لقاح «فايزر - بايونتيك».
وقالت «بي بي سي» إن موافقة بريطانيا على اللقاح تمهد الطريق للقاحات، لافتة إلى أن الجرعات الأولى من اللقاح في طريقها بالفعل إلى المملكة المتحدة.
وذكرت أن نائب رئيس الهيئة الوطنية للرعاية الصحية في المملكة المتحدة جوناثان فان تام قال لإذاعة «بي بي سي 5»، أمس (الخميس)، إنه لا يعتقد أن المسؤولين الأميركيين أو الأوروبيين عن الموافقة على اللقاح لن يتأخروا كثيراً عن إجازة اللقاح بعد بلاده، وأن الموافقات ستتم على الأرجح «في غضون أيام».
ولفتت «بي بي سي» إلى ردود الفعل على موافقة بريطانيا على لقاح «فايزر - بايونتيك»، حيث دافعت وكالة الأدوية الأوروبية، المسؤولة عن الموافقة على اللقاح في الاتحاد الأوروبي، عن مواقفها، حيث قالت إن لديها الطريقة «الأنسب» للموافقة على اللقاح، وتمسكت بإطارها الزمني.
وأوضحت في بيان أنها قبل اتخاذ قرار بشأن الموافقة على اللقاح تدرس بيانات الدراسات المعملية والتجارب السريرية لأنها «عناصر أساسية لضمان مستوى عالٍ من الحماية للمواطنين خلال حملة التطعيم الشاملة».
وأوضحت «بي بي سي» أنه بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، يمكن للدول استحضار سلطات الطوارئ للموافقة المؤقتة على لقاح في حالة حدوث جائحة. وكانت المملكة المتحدة، التي لا تزال عضواً في وكالة الأدوية الأوروبية قادرة على الموافقة على اللقاح بموجب هذه القاعدة، رغم تصريحات الوزراء بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد مكنها من إجازة اللقاح، حيث قال وزير التعليم جافين ويليامسون، أول من أمس (الأربعاء)، إن المملكة المتحدة كانت قادرة على الموافقة على اللقاح بسبب أنها تمتلك أفضل الجهات الرقابية على الأدوية.
وقد ردّ متحدث باسم المفوضية الأوروبية على هذا التصريح قائلاً للصحافيين: «نحن بالطبع مقتنعون تماماً بأن الجهات الرقابية في المملكة المتحدة جيدة للغاية، ولكننا بالتأكيد لسنا في لعبة مقارنة، أو التعليق على مزاعم مَن هو الأفضل؛ فهذه ليست مسابقة كرة قدم. نحن نتحدث عن حياة الناس وصحتهم».
وتابع: «لدينا في الاتحاد الأوروبي نظام متطور للغاية من أجل الموافقة على ترخيص المنتجات الطبية واللقاحات لطرحها في الأسواق، وهو بالمناسبة لا يزال سارياً في المملكة المتحدة».
وكانت «وكالة الأدوية الأوروبية» قالت إنها ستجتمع على أبعد تقدير في 29 ديسمبر (كانون الأول) لبحث اللقاح مع توقع طرحه في غضون أيام من ذلك اليوم.
وفي ألمانيا، قال وزير الصحة، ينس سبان، إنه رغم وجود خيار المسار السريع، فقد اختارت بلاده انتظار موافقة وكالة الأدوية الأوروبية للمساعدة في تعزيز الثقة في سلامة اللقاح.
وقال في مؤتمر صحافي: «الفكرة ليست أننا الأوائل، لكن الفكرة هي أن تكون لدينا لقاحات آمنة وفعالة، وخلق الثقة لأنه ليس هناك ما هو أهم من الثقة فيما يتعلق باللقاحات».
وتابع: «الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما في ذلك ألمانيا، كان بإمكانهم إصدار تفويض طارئ لإجازة اللقاح إذا أردنا ذلك، لكننا اخترنا اتخاذ نهج مشترك للمضي قدماً معاً».
ولفتت «بي بي سي» إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر حكومته بتبسيط إجراءات تسجيل بعض الأدوية لتسريع الموافقة على اللقاح الروسي «سبوتنيك في» الذي حظي في أغسطس (آب) على موافقة السلطات قبل أن تبدأ تجارب المرحلة الثالثة، التي شارك فيها 40 ألف متطوع دون إعلان النتيجة، وطلب بوتين البدء في تطعيم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الفيروس اعتباراً من الأسبوع المقبل.
ونقلت «بي بي سي» عن أحد كبار الدبلوماسيين قوله إنه مسرور لأن البريطانيين سيتلقون اللقاح قريباً، لكنه ذكر: «يجب على شخص ما تذكير الوزير ويليامسون بأن اللقاح أنتجته شركة ألمانية أسسها علماء من أصل تركي، بالشراكة مع موزع أميركي، ويصنع في بلجيكا قبل نقلها عبر فرنسا للوصول إلى المملكة المتحدة».
وأوضحت أن الادعاء بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سمح لها بالموافقة على اللقاح بشكل أسرع من الدول الأوروبية الأخرى تم دحضه، وأنه يعكس مجدداً المسار المختلف الذي تتخذه بريطانيا.
وتابعت أن لدى جميع دول الاتحاد الأوروبي خيار اتباع خطوة بريطانيا بالسماح للجهات الرقابية بإصدار موافقة طارئة، لكن الدول الأوروبية تقول إنها تريد انتظار موافقة «وكالة الأدوية الأوروبية» لإعطاء الضوء الأخضر نيابة عنهم لأن هذا يزيد من الأمان، ويعزز ثقة الجمهور في اللقاح.
وكان بعض السياسيين في بولندا والمجر أبدوا استياءهم من تأجيل طرح اللقاح على في أوروبا لإنهاء معاناة الملايين من فيروس «كورونا».
وفي أميركا، دافعت إدارة الغذاء والدواء عن قرارها بمراجعة بيانات اللقاح، قائلة إن علماءها راجعوا البيانات أكثر من أي شخص آخر، وقال مفوض إدارة الغذاء والدواء الأميركية ستيف هان إن مجموعات مختلفة من العلماء تبحث حالياً اللقاح، وسيجتمعون في 10 ديسمبر (كانون الأول) لتبادل النتائج قبل الموافقة عليها، ومن المأمول أن يتم طرح اللقاح في 15 ديسمبر (كانون الأول).
ولفتت «بي بي سي» لتعرضت الإدارة لضغوط من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب للعمل بسرعة أكبر حيث قد قال إنه يريد أن يكون اللقاح جاهزاً قبل يوم الانتخابات.
وقال كبير خبراء الأمراض المعدية الدكتور أنطوني فوتشي لشبكة «فوكس نيوز» إن بريطانيا لم تدقق في بيانات شركة «فايزر» بـ«عناية»، وذكر: «إذا فعلت ذلك بشكل سطحي، فلن يرغب الناس في التطعيم».
أما الصين، فتوجد حالياً أربعة لقاحات في تجارب المرحلة الثالثة وتمت الموافقة على بعض اللقاحات المتقدمة للاستخدام في حالات الطوارئ.
وقد تلقى ما يقرب من مليون شخص لقاحاً تجريبياً طورته مجموعة الأدوية الصينية «سينوفارم»، وكان من بينهم موظفو الدولة والطلاب الصينيون بالخارج، ولم يتم الإبلاغ عن أي رد فعل سلبي منهم حتى الآن.
هل تتعرض الدول لضغوط للموافقة على لقاح «كورونا»؟
هل تتعرض الدول لضغوط للموافقة على لقاح «كورونا»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة