إيران تعمل على ملء الفراغ بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق

«الحشد» يحشد في نينوى وسنجار... ومعلومات استخبارية عن عمليات انتقامية في ذكرى مقتل سليماني

جنود من الجيش الأميركي في قاعدة مشتركة مع الجيش العراقي جنوب الموصل (أ.ب)
جنود من الجيش الأميركي في قاعدة مشتركة مع الجيش العراقي جنوب الموصل (أ.ب)
TT

إيران تعمل على ملء الفراغ بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق

جنود من الجيش الأميركي في قاعدة مشتركة مع الجيش العراقي جنوب الموصل (أ.ب)
جنود من الجيش الأميركي في قاعدة مشتركة مع الجيش العراقي جنوب الموصل (أ.ب)

أثار قرار خفض القوات الأميركية في العراق مخاوف من إمكانية استغلال إيران الفراغ الذي سيخلف عملية الانسحاب من خلال القوى الموالية لها في العراق لبسط سيطرتها التامة على الشارع العراقي، إضافة إلى مخاوف من إمكانية عودة «تنظيم داعش» إلى تنشيط عناصره في الخلايا النائمة للقيام بمزيد من العمليات النوعية في العراق، وخاصة المناطق المحررة.
مسؤولون عسكريون عراقيون كبار في بغداد يرون أن انسحاب 500 جندي أميركي من العراق لن يكون له تأثير في الملف الأمني، إلا أن بعض القيادات السياسية، خاصة السنية والكردية منها، ترى أن خفض عدد القوات الأميركية في العراق إذا ما استتبع بمزيد من الانسحاب، سيكون له تأثير كبير في الملف الأمني والتوازن السياسي في المنطقة. وكان كريستوفر ميلر، القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي، أعلن في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) أن الولايات المتحدة ستخفض مستويات قواتها في العراق إلى 2500 جندي من 3000 عنصر، بحلول 15 يناير (كانون الثاني) 2021.
النائب عن محافظة نينوى، محمد نوري العبد ربه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدور الرئيسي للقوات الأميركية في العراق يكمن فيما لديها من تقنية متفوقة، مثل الكاميرات الحرارية والطائرات المسيرة وصور الأقمار الصناعية وما إلى ذلك، التي تمكنها من رصد أي تحركات لعصابات (داعش) بشكل مسبق وتمنع وقوع عمليات نوعية عادة ما تخطط لها»، مضيفاً أن «سحب هذه القوات سيكون له تأثير مباشر على الملف الأمني حيث إن القوات العراقية تعتمد في المجال التقني، إضافة إلى الغطاء الجوي، على القوات الأميركية، وأي تخفيض لدورها هذا سيكون له أثر مباشر في تمكن عصابات (داعش) من عودة نشاطاها».
وعن تأثير سحب القوات الأميركية على سيطرة إيران على الشارع العراقي، قال عبد ربه إن «ما لا يخفى على الجميع أن هناك قوتين تتحكمان في العراق، هما القوات الأميركية والإيرانية، وضعف القوات الأميركية سيؤدي حتماً إلى تقوية القوة الإيرانية المسيطرة بطبيعة الحال على جزء كبير من العراق، مثل نينوى والأنبار وصلاح الدين»، مبيناً أن «سيطرتها في هذه المناطق هي اقتصادية أكثر مما هي أمنية، وأن سحب القوات الأميركية سيؤدي إلى زيادة قوتها ونفوذها في المنطقة، مستغلة الفراغ الذي سينتج عن سحب القوات الأميركية».
يأتي ذلك في ظل معلومات أمنية تؤكد إمكانية قيام إيران من خلال أذرعها في العراق بعمليات نوعية تستهدف المصالح الأميركية في العراق تزامناً مع ذكرى استهداف قاسم سليماني قائد «الحرس الثوري» الإيراني من قبل القوات الأميركية العام الماضي؛ حيث قال مصدر أمني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك معلومات استخباراتية تشير إلى قيام الفصائل الولائية في (الحشد الشعبي) بالتخطيط للقيام بعمليات تستهدف المصالح الأميركية في ذكرى مقتل قائد (الحرس الثوري) الإيراني قاسم سليماني»، مبيناً أن «إيران تريد بهذه العمليات أن ترد بشكل غير مباشر على مقتل العالم النووي الإيراني تحسين فخري زادة».
المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أكد أن «الفصائل الولائية لإيران تعمل على زيادة تحشيد قواتها في منطقة سهل نينوى وسنجار، من خلال زيادة عدد المتطوعين في صفوفها ودفع مزيد من التجهيزات العسكرية للمنطقة».
وكان قد شوهد وصول أكثر من 100 عربة نقل عسكرية مستخدمة من قبل فصائل «الحشد الشعبي» إلى منطقة سهل نينوى، مطلع الأسبوع الحال. المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أكد أن «شحنة كبيرة من التجهيزات العسكرية وصلت إلى سهل نينوى مطلع الشهر الحالي».
الأمين العام لقوات البيشمركة، الفريق جبار ياور، يرى أن «انسحاب القوات الأميركية سيكون له تأثير سلبي على قدرات القوات الاتحادية وقوات البيشمركة في مواجهة (تنظيم داعش) الذي عاد إلى تنشيط عملياته في عدد من المحافظات الشمالية والحدودية»، مبيناً أن «القوات العراقية بشكل عام تعتمد على قوات التحالف الدولي والقوات الأميركية في العمليات الاستخباراتية والغطاء الجوي»، مضيفاً أن «انخفاض القوات الأميركية سيكون له تأثير على الملف الأمني بشكل عام وعلى عمليات إطلاق الصواريخ واستهداف المصالح الأميركية في ظل تحول العراق إلى ساحة صراعات للدول الإقليمية».
من جانبه، أكد اللواء الركن بختيار علي، المستشار في وزارة البيشمركة، أن «انسحاب القوات الأميركية من العراق سيكون له تأثير مباشر على دور قوات التحالف الدولي ضد (داعش) في العراق وسوريا، ما سيؤثر سلباً على قدرات القوات الأمنية العراقية، بضمنها قوات البيشمركة، في محاربة (داعش)، خاصة أن القوات الأمنية العراقية تعتمد على القوات الأميركية عسكرياً ولوجستياً وتكنولوجياً»، مبيناً أن للقوات الأميركية ضمن التحالف الدولي دوراً آخر مهماً، وهو منع المقاتلين من أنحاء العالم للالتحاق بصفوف «داعش» في العراق وسوريا، ودعم الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، ما قد يؤثر على عودة النازحين إلى مناطقهم، وأي فراغ يحدثه سحب القوات الأميركية سيؤثر على الملف الأمني، وقد تصل إمكانية «داعش» للسيطرة على بعض المناطق المحررة مرة أخرى.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).