بري يدعو لتشكيل حكومة إنقاذ تمنع الانزلاق إلى انهيار أكبر

الرئيس نبيه بري مستقبلاً أمس وزير الدولة البريطاني (مجلس النواب)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً أمس وزير الدولة البريطاني (مجلس النواب)
TT

بري يدعو لتشكيل حكومة إنقاذ تمنع الانزلاق إلى انهيار أكبر

الرئيس نبيه بري مستقبلاً أمس وزير الدولة البريطاني (مجلس النواب)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً أمس وزير الدولة البريطاني (مجلس النواب)

أعرب وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جيمس كليفرلي، عن قلق بلاده حيال الصعوبات التي تعترض عملية تأليف الحكومة الجديدة، والتي تعرقل اتخاذ القرارات المتعلقة بالإصلاح، وذلك خلال زيارة له إلى بيروت التقى خلالها المسؤولين، بموازاة التعثر القائم في عملية تشكيل الحكومة اللبنانية التي دفعت رئيس مجلس النواب نبيه بري للسؤال عن أسباب التأخير في تشكيلها، مشدداً على «وجوب السعي لتشكيل حكومة إنقاذ تمنع انزلاق لبنان نحو انهيار أكبر».
وجال الوزير البريطاني على كبار المسؤولين، واستهل جولته بلقاء الرئيس اللبناني ميشال عون حيث تم عرض العلاقات اللبنانية - البريطانية، ومساهمة لندن في مؤتمر باريس الذي خصص لمساعدة لبنان.
واعتبر عون أن مشاركة نحو 40 دولة ومؤسسة مالية دولية في مؤتمر «دعم الشعب اللبناني» الذي عقد الأربعاء افتراضياً في باريس، «يؤكد مرة أخرى اهتمام المجتمع الدولي بلبنان وحرص الدول الأعضاء على مساعدته لمواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها». وأبلغ الوزير كليفرلي أن مشاركة بلاده في مؤتمر باريس مع دول أخرى «تشكل حافزاً للدولة اللبنانية لتتحمل مسؤولياتها في تأمين مصداقيتها ورغبتها في إجراء الإصلاحات المطلوبة والضرورية لتحقيق النهوض الاقتصادي، وهو مطلب لبناني جامع أولاً، ودولي ثانياً».
وأعرب الرئيس عون عن امتنانه للمساعدات التي قدمتها بريطانيا للبنان في مختلف المجالات، العسكرية والإنسانية والاقتصادية، واندفاعها بعد محنة الانفجار في مرفأ بيروت للتخفيف من آلام المتضررين وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، فضلاً عن إرسال فريقي طوارئ طبية وفريق من خبراء البحث والإنقاذ.
وعرض رئيس الجمهورية للوزير كليفرلي الصعوبات التي تواجه لبنان، ومنها تداعيات الحرب السورية عليه، ونزوح أكثر من مليون و800 ألف سوري إلى لبنان، وانعكاس ذلك على مختلف القطاعات اللبنانية، ولا سيما أن لبنان تكبد حتى الآن خسائر مباشرة فاقت 45 مليار دولار، فضلاً عن الأضرار غير المباشرة على حركة الاقتصاد اللبناني نتيجة إقفال الحدود بسبب الحرب. وجدّد عون دعوته لضرورة دعم المجتمع الدولي لعودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، مشدداً على وجوب تقديم المساعدات للسوريين في بلادهم، وذلك لتشجيعهم على العودة.
وأشار الرئيس عون إلى أن المجتمع الدولي الذي يتابع مسيرة الإصلاح في لبنان عليه أن يطمئن «لأن الإصلاح معركتي منذ 2005 وتكرر ذلك في 2009. وما التمسك بالتدقيق المالي الجنائي إلا منطلق مهم وأساسي لهذا الإصلاح».
من جهته، عبّر الوزير كليفرلي عن سعادته لوجوده في لبنان، مشدداً على وقوف بلاده إلى جانب اللبنانيين في الظروف الصعبة التي يعيشونها، وعلى استمرار دعم بريطانيا في المجالات كافة، لافتاً إلى أن هذا الدعم هو سبب مشاركة بلاده في مؤتمر باريس، أول من أمس (الأربعاء). ونوّه الوزير البريطاني بالحرفية التي يعمل بها الجيش اللبناني والتعاون القائم مع القيادة العسكرية البريطانية، مؤكداً استمرار المساعدات للجيش.
وبحث وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في آخر المستجدات والأوضاع الراهنة التي يمر بها لبنان على مختلف الصعد، ولا سيما الوضعين المالي والاقتصادي. وحثّ كليفيرلي اللبنانيين على «وجوب إظهار وحدتهم المعهودة أمام التحديات الكبرى».
بدوره، شكر الرئيس بري لبريطانيا «دعمها للبنان، وخاصة الجيش والمساعدات التي قدمتها بعد انفجار المرفأ»، مؤكداً «أن اللبنانيين مجمعون على ذات الهدف الإنقاذي، الذي يتمثل بالمبادرة الفرنسية، كما أن المجلس النيابي يتحرك على هذا الصعيد»، لافتاً إلى «أن قرار مجلس النواب الأخير الداعي إلى ضرورة القيام بتدقيق جنائي موسع، إضافة إلى إقراره كثيراً من القوانين الإصلاحية، يندرج في هذا السياق».
وأكد بري «وجوب السعي لتشكيل حكومة إنقاذ تمنع انزلاق لبنان نحو انهيار أكبر». وسأل: «طالما أن الهدف من الحكومة هو تطبيق الإصلاحات ومحاربة الفساد وتنفيذ القوانين التي صدرت منذ عشرات السنين، ولا سيما قانون الكهرباء، وطالما هناك اتفاق على حكومة اختصاصيين وعدم انتماء أي شخص من أعضائها لأي طرف أو حزب، وإذا كان الوضع الاقتصادي على شفير (التوسل) حتى لا نقول أكثر. فما الداعي إلى التأخير ليوم واحد في تأليف الحكومة؟»
وكان بري تطرق في لقائه مع المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيتش، إلى القرار الذي اتخذه المجلس النيابي بالإجماع، مؤيداً التدقيق الجنائي على أن يطال الوزرات والمؤسسات والمجالس والصناديق كافة. وأشار بري إلى أنه «لا مجال في هذا الإطار للمزايدات والنكايات والانتقاء، بل السير بالتوازي كما نص القرار دون تدخلات مع القضاء إذ بهذا وحده يتبين الغثّ من الثمين والمرتكب من البريء وليس بالاستعراضات الإعلامية والغوغائية والغرف السوداء».
وعرض الوزير البريطاني في «بيت الوسط» مع الرئيس المكلف سعد الحريري الأوضاع السياسية والمستجدات والعلاقات الثنائية، واستكمل البحث إلى مأدبة غداء. كما التقى كليفرلي رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وأعرب الوزير البريطاني خلال اللقاء عن «تضامن حكومته مع الشعب اللبناني في الظروف الصعبة التي يمر بها». وأبدى قلقه حيال الصعوبات التي تعترض عملية تأليف الحكومة الجديدة، والتي تعرقل اتخاذ القرارات المتعلقة بالإصلاح.
كما زار الدبلوماسي البريطاني اليرزة حيث استقبله قائد الجيش العماد جوزيف عون. وحضر اللقاء السفير البريطاني كريس رامبلينغ والوفد المرافق، وجرى التداول في شؤون لبنان والمنطقة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.