سجن رومية يبدأ عزل السجناء الخطرين عن العالم

زعيم المتشددين فيه الأردني «أبو تراب» و16 آخرون أودعوا زنازين انفرادية

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق يعاين الدمار الذي لحق بسجن رومية الذي يسجن فيه المتشددون (رويترز)
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق يعاين الدمار الذي لحق بسجن رومية الذي يسجن فيه المتشددون (رويترز)
TT

سجن رومية يبدأ عزل السجناء الخطرين عن العالم

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق يعاين الدمار الذي لحق بسجن رومية الذي يسجن فيه المتشددون (رويترز)
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق يعاين الدمار الذي لحق بسجن رومية الذي يسجن فيه المتشددون (رويترز)

عزلت السلطات اللبنانية «السجناء الخطرين» في سجن رومية المركزي عن العالم الخارجي، وأنهت أي فرصة للتواصل مع متشددين خارج السجن، عبر إجراءات جديدة اتخذت في المبنى «د» الذي نقل إليه السجناء و«الموقوفون المتشددون»، في العملية النوعية التي أشرف عليه وزير الداخلية في سجن رومية الاثنين الماضي، مما ينفي أي إمكانية لتجدد واقع فرضه السجناء منذ حالة تمرد في عام 2011، وحولوا على أثره السجن إلى مقر لتنسيق عمليات تخريبية.
واتبعت قوى الأمن الداخلي في إدارة السجن استراتيجية جديدة في توزيع السجناء، وفصلهم، لمنع تكرار الحالة التي فرضها السجناء في السابق، وتمثلت في حصولهم على تسهيلات وأجهزة اتصال وغيرها. وقالت مصادر مطلعة على الملف، لـ«الشرق الأوسط»، إن التوزيع الجديد للسجناء في المبنى «د»: «اتبع استراتيجية عزل السجناء الخطرين عن العالم الخارجي، وعن سجناء آخرين كان يتخذهم المتشددون أسرى لديهم في المبنى (ب) من السجن»، مشيرة إلى أن السجناء الخطرين «يبلغ تعدادهم نحو 17 سجينا، أبرزهم الأردني أبو تراب الذي كان بمثابة زعيم السجناء والموقوفين في المبنى (ب)».
والسجناء الخطرون، في العموم، معظمهم من جنسيات غير لبنانية، بينهم أردني وليبي ويمني، وكانوا قادة ميدانيين في صفوف تنظيم «فتح الإسلام» الذي خاض الجيش اللبناني معركة ضده في صيف عام 2007 في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، أسفرت عن سيطرة الجيش على المخيم، وإنهاء حالة «فتح الإسلام»، وفرار زعيمه شاكر العبسي من العدالة. و«أبو تراب»، السجين الأردني، موقوف لدى السلطات اللبنانية منذ عام 2007، وهو قيادي في صفوف تنظيم «فتح الإسلام» المتشدد، وقائد المعركة ضد الجيش اللبناني في المخيم، ومن أبرز مساعدي زعيم تنظيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي.
وكانت قوى الأمن اللبنانية نفذت الاثنين عملية أمنية داخل سجن رومية، أكبر سجون البلاد، أخلت خلالها مبنى يضم موقوفين متشددين، بعد الاشتباه بوجود صلات بين بعض هؤلاء ومنفذي التفجيرين الانتحاريين اللذين وقعا السبت في شمال لبنان «بعد أن تبيّن أن هناك ارتباطا لعدد من السجناء بالتفجير الذي وقع في منطقة جبل محسن» في مدينة طرابلس. وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق انتهاء العملية، ووضع حدا «لغرفة عمليات» داخل سجن رومية كانت تدير «عمليات إرهابية» خارج أسوار السجن.
ويضم المبنى الجديد 280 غرفة، نقل إليها 370 سجينا، وتوزعوا في الغرف وفق دراسة أمنية لأوضاع السجناء، و«أودع السجناء الخطرون زنزانات انفرادية داخل المبنى الجديد، بهدف عزلهم عن الآخرين». وأوضحت المصادر أن السجناء الخطرين كانوا يأخذون سجناء في داخل المبنى «رهينة لديهم»، وكان هؤلاء «ينفذون طلبات السجناء الخطرين وزعماء الغرف خوفا من قتلهم»، مشيرة إلى أن هؤلاء السجناء «استسلموا فورا نتيجة الحالة المزرية التي كانوا يعيشونها في ظل هيمنة سجناء خطرين يؤثرون عليهم». أما السجناء الخطرون فحاولوا خلق حالة هرج ومرج، لإعاقة العملية، لكن القوى الأمنية سرعان ما طوقت الوضع، ونقلتهم في عملية لم توقع إصابات.
ونفذت القوى الأمنية عملية تفتيش دقيقة للسجناء خلال عملية نقلهم إلى المبنى الجديد التي استغرقت 9 ساعات، منعا لوصول أي أجهزة اتصالات إليهم. وأعقب هذا الإجراء قرار من وزير الداخلية نهاد المشنوق، أعلنه أول من أمس، مفاده أن أي ضابط يتورط في تهريب أي جهاز جوال لأي سجين «سيقطع رأسه».
وتفقد المشنوق السجن، أول من أمس، بعيد استكمال العملية الأمنية، وتعزيز الإجراءات في محيطه وإعادة توزيع السجناء بطريقة دقيقة تمنع إمكانية التواصل في ما بينهم، ووضع أجهزة تشوش على الاتصالات.
ومن المعروف أن المبنى «ب» يضم المعتقلين على خلفية عمليات تفجير أو مخططات تفجير عدة في مناطق مختلفة من البلاد. كما أن بينهم موقوفين في مواجهات مسلحة بين مجموعات متطرفة عدة والجيش اللبناني منذ 2007، وصولا إلى المعارك الأخيرة في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا في أغسطس (آب) الماضي. ويضم المبنى موقوفين لبنانيين وفلسطينيين وسوريين، وشهد هذا المبنى أكثر من مرة حالات فرار، كما شهد أعمال شغب.
وبحسب مصادر أمنية ومسؤولين سياسيين، فإن الموقوفين المتشددين كانوا قادرين، نتيجة الفساد السائد في مؤسسات الدولة والنقص في عناصر الأمن واستخدام بعض رجال الدين والسياسة نفوذهم للضغط على القيمين على السجن، على أن يدخلوا إلى زنزاناتهم هواتف جوالة وأجهزة كومبيوتر. وكانوا على اتصال متواصل مع الخارج. وتوصلت تحقيقات في ملفات «إرهابية» عدة إلى خيوط حول ارتباطات لمتهمين بهذه الملفات بموقوفين في سجن رومية.
وأظهرت صور تلفزيونية نقلت من المبنى «ب» غداة نقل السجناء إلى المبنى «د»، أنه كان يحتوي على جناح خاص لقيادات المتشددين، حيث توجد جميع المستلزمات، بينها أجهزة اتصال واستقبال تلفزيوني، وكومبيوترات محمولة. كما أظهرت صورا لصالون حلاقة مع جميع أدواته من مقصات وأدوات للزينة، كما أظهرت المشاهد مقهى للاستراحة، مما يُظهر أن هذا المبنى له نظامه الخاص خلافا للمباني الأخرى.
وكانت العملية الأمنية في رومية تأخرت، بسبب عدم توافر التجهيزات اللازمة والضرورية، إضافة إلى المخاطر الأمنية، والتحضير للعملية، والتجهيزات الأمنية والظرف السياسي المناسب، علما بأن العملية كانت مقررة منذ أشهر، كما قال عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت في تصريح سابق. وقال فتفت في تصريح أمس، بعد لقائه المشنوق، إن «ما يجري في رومية يدور منذ خمس سنوات، وقد تعاقبت أكثر من حكومة من دون أي إنجاز»، لافتا إلى أن ما حصل الآن «أن القوى الأمنية أصبحت أكثر تجهيزا، وهناك قرار سياسي واضح في الوزارة وأكثر التزاما بأمن الناس». وأوضح أن «الجو السياسي الذي رافق الجريمة الكبيرة التي حصلت في جبل محسن ساعد الجميع، باعتبار أن حضن الدولة هو الوحيد الضامن للجميع من دون استثناء».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.