أنتوني هوبكنز يأسر القلوب بـ«الأب» في افتتاح «القاهرة السينمائي»

استطاع الفيلم البريطاني «الأب»، فيلم افتتاح الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة الدولي السينمائي خطف اهتمام النجوم المصريين والعرب، لدى عرضه لأول مرة بالشرق الأوسط، وأفريقيا، مساء أول من أمس، بدار الأوبرا المصرية، وأسر بطل الفيلم، الفنان العالمي الشهير، أنتوني هوبكنز، القلوب بأدائه «المتقن» و«الصادق»، بحسب وصف نجوم مصريين.
ففي المشاهد الأولى للفيلم نكتشف حياة بطله «أنتوني» - وهو نفس الاسم الأول لهوبكنز - الذي كان المرشح الأول والأخير للدور فلم ير المخرج بديلاً له، بحسب وصفه، هوبكنز المعروف باستغراقه في أداء الشخصيات التي يجسدها، يبدو هنا وكأنه توحد مع الشخصية فيتعامل معها بقوة في لحظات صمتها وقلقها وأفكارها المشوشة، فهو عجوز بريطاني يعيش في شقته بلندن، نراه وهو مستغرق في سماع الموسيقى، واضعا السماعة فوق أذنيه فلا ينتبه لدخول ابنته التي يقتلها القلق عليه، ومع تدهور صحته العقلية يعاني من خرف الشيخوخة، ويتعرض لهواجس عديدة، نتعاطف معه فيها، بينما نكتشف أنها تخيلات تطارده، تحاول ابنته الوحيدة مساعدته، لكنه يرفض بعناد يليق بعمره الذي تجاوز الثمانين «مثل عمر هوبكنز في الواقع»، هذا التماس بين البطل والشخصية جعلتهما كما لو كانا شخصا واحداً على الشاشة، ويخيل إليك أن هوبكنز نفسه مريض بالخرف من فرط تعامله المتقن وإمساكه بأدق تفاصيل الشخصية، وبينما تستعد ابنته للسفر إلى باريس تضعه في مصحة عقلية، ونلحظ دموعه وبكاءه بصوت مسموع.
وعن تميز أداء هوبكنز في الفيلم، تقول الفنانة إلهام شاهين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أنا منبهرة بأداء الممثل العملاق أنتوني هوبكنز في كل أفلامه وفي هذا الفيلم على وجه الخصوص، بتعبيرات وجهه، وعينه المعبرة بدرجة عالية من الصدق، وهي مرحلة يصعب على أي فنان الوصول لها، فالممثل تظهر براعته من قوة تعبيره خصوصاً في مشاهد الصمت، فلم أشعر أنني أمام ممثل، نظراً لأداء هوبكنز الصادق والطبيعي، أما المشهد الأخير الذي يقول فيه: (أريد أمي لكي تأخذني من هذا المكان) فقد جعل دموعي تتساقط بلا توقف، ولم أستطع السيطرة عليها حتى لاحظ من حولي ذلك، الفيلم ككل رائع لكن هذا المشهد يستحق عنه أوسكار».
وتشير شاهين إلى أنه «رغم تصوير العمل في مكانين فقط، البيت والمستشفى، لكنه اعتمد على أداء الممثلين، وإلى جانب هوبكنز برعت الممثلة أولفيا كولمان، لكن هذا الممثل الكبير لا يجعلنا نرى سواه في الفيلم لعبقرية أدائه، والفيلم يليق بافتتاح مهرجان كبير مثل القاهرة السينمائي».
وأقام مهرجان القاهرة السينمائي حفل افتتاح دورته الـ42 على مسرح مكشوف بدار الأوبرا المصرية، للحد من تفشي وباء «كورونا»، وشهد الحفل لأول مرة فقرة غائية قدمها المطرب المصري تامر حسني، بعنوان «الدنيا فيلم».
وشهدت السجادة الحمراء ظهور الكثير من الفنانات بإطلالات مميزة، استحوذت على اهتمام جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، كما احتفى الجمهور والنجوم بتكريم المؤلف المصري الكبير وحيد حامد، ومنحه جائزة «الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر» واستقبلوه بتصفيق حار، ووقف الحضور طويلاً لتحيته، وظهر حامد متكئاً على عكاز، حيث قدمه المخرج شريف عرفة الذي كون معه ثنائيا ناجحا في أفلام عدة لعب بطولتها النجم عادل إمام، من بينها «الإرهاب والكباب»، «المنسي»، وقال عرفة إن «أعمال وحيد حامد التي قدمها على مدى نصف قرن ستعيش معنا وأحفادنا»، واصفا إياه بـ«أنه صوت من لا صوت لهم»، ووجه وحيد حامد الشكر للحضور من عشاق السينما التي منحها عمره، وقال لولا دعمكم وحبكم لما كنت هنا، كما وجه الشكر لكل من تعلم منه شيئا، وذكر من بينهم الناقد الراحل يوسف شريف رزق الله، وأكد حامد أنه أحب أيامه وعاش زمناً كان يزخر بكبار النجوم».
وبدأت أمس عروض أفلام المهرجان الذي يستمر حتى 10 ديسمبر (كانون الأول) الجاري ويعرض 83 فيلما طويلا من 48 دولة، من بينها 13 فيلما في عرضها العالمي الأول، كما يعرض 17 فيلما قصيراً.
وقدم رئيس المهرجان محمد حفظي، الكاتب البريطاني كريستوفر هامبتون ومنحه جائزة «الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر» وألقى هامبتون كلمة عبر فيها عن سعادته بوجوده في مصر، مؤكداً أنه عاش فترة من طفولته بمدينة الإسكندرية، وأنه لا ينسى ذكرياته العديدة بها خصوصاً حين كان يصطحبه والده لمشاهدة الأفلام.
بدورها، قالت الفنانة منى زكي التي تم منحها جائزة فاتن حمامة التقديرية، «يشرفني أن أحصل على جائزة تحمل اسم نجمة كبيرة سمعت صوتها مرة واحدة في التليفون، وتشرفت أكثر بتكريمي مع الأستاذ الكبير وحيد حامد الذي استفدت منه استفادة غير عادية».
وأشاد سينمائيون مصريون، من بينهم المخرج شريف مندور، بتنظيم المهرجان رغم الجائحة، وخروج حفل الافتتاح بشكل جيد، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المهرجان ليس حفل افتتاح فقط، بل أفلام وفعاليات فنية مهمة، فهذه الدورة تعد من أقوى دورات المهرجان لضمها عدد كبير من الأفلام المميزة، وهذا ما يدفعني لتنظيم (معسكر مغلق) لمشاهدة معظمها».
ويرى مندور أن تكريم وحيد حامد تأخر كثيراً، لكنه أشاد في الوقت ذاته بتكريمه لرؤية حب الناس له، لأنه ليس كاتبا موهوبا فقط بل صاحب رؤية استشرافية، وقدم أفلاما كان يقرأ فيها المستقبل.
وعرض حفظي خلال حفل الافتتاح كلمة مسجلة بالفيديو من مديري مهرجانات «كان، وفينيسيا، وبرلين»، لدعم مهرجان القاهرة بعد إلغاء الكثير من مهرجانات السينما دوراتها هذا العام.