الأزهر لبطريرك إثيوبيا: النيل مصدر خير.. لا يمكن أن يرتوي منه أحد على حساب الآخر

مصادر بالمشيخة نقلت لـ («الشرق الأوسط») قول الطيب «لا نتوقع من الشعب الإثيوبي إلحاق الضرر بنا»

شيخ الأزهر خلال لقائه بطريرك الكنيسة الإثيوبية ميتياس الأول أمس ({الشرق الأوسط})
شيخ الأزهر خلال لقائه بطريرك الكنيسة الإثيوبية ميتياس الأول أمس ({الشرق الأوسط})
TT

الأزهر لبطريرك إثيوبيا: النيل مصدر خير.. لا يمكن أن يرتوي منه أحد على حساب الآخر

شيخ الأزهر خلال لقائه بطريرك الكنيسة الإثيوبية ميتياس الأول أمس ({الشرق الأوسط})
شيخ الأزهر خلال لقائه بطريرك الكنيسة الإثيوبية ميتياس الأول أمس ({الشرق الأوسط})

كشفت مصادر مسؤولة في مشيخة الأزهر، أن «الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وعد خلال لقائه أمس بطريرك الكنيسة الإثيوبية ميتياس الأول، بزيارة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في أقرب وقت.. لما لهذه الزيارة من نتائج إيجابية لمصر وإثيوبيا».
وقالت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» إن «الطيب أكد خلال اللقاء على سبل دعم التعاون بين الأزهر وإثيوبيا في مختلف المجالات، وإن اللقاء تمحور حول مصلحة البلدين وإزالة أي مظاهر للاحتقان نتيجة قيام إثيوبيا ببناء سد النهضة».
وأضافت أن «اللقاء شهد اتفاق الطيب والبطريرك الإثيوبي على ضرورة التواصل، والتأكيد على أن العلاقات الودية بين البلدين من الممكن أن تسهم كثيرا في حل أي مشاكل مثل سد النهضة».
ودخل الأزهر بقوة على أزمة «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا أمس، وأكد شيخ الأزهر أن «نهر النيل يجب أن يعمق العلاقة بين الشعبين المصري والإثيوبي ويكون مصدر خير لهما ويزيد من المحبة والمودة بينهما، مع احتفاظ الجميع بحقوقهم المتساوية في هذا النهر العظيم، إذ لا يمكن أن يرتوي منه أحد على حساب عطش الآخر»، مضيفا «إننا لا نتوقع من الشعب الإثيوبي إلحاق الضرر بالمصريين، لأن هذا ضد التعاليم الدينية، وضد كل القيم الإنسانية».
ويزور بطريرك الكنيسة الإثيوبية مع وفد مرافق له القاهرة، حيث التقى خلال الزيارة تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية (شرق القاهرة).
كما التقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، وقام بزيارات كنسية لأديرة وادي النطرون، وكنائس مصر القديمة.
وأجل البطريرك الإثيوبي زيارته للقاهرة مرتين من قبل في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والثانية عقب ثورة «30 يونيو (حزيران)» التي أطاحت بمرسي. وتعد تلك الزيارة الأولى من نوعها منذ اعتلائه الكرسي البابوي بإثيوبيا.
بينما قال مراقبون إن «الزيارة تأتي كمحاولة لإذابة الجليد في علاقات البلدين من ناحية، والكنيستين المصرية والإثيوبية من ناحية أخرى، وسط حالة من الركود الدبلوماسي بين البلدين في مسألة (سد النهضة) الإثيوبي».
وأكد مصدر كنسي مصري لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة تأتي كرسالة طمأنة إلى الشعب المصري بشأن سد النهضة الإثيوبي». مضيفا أن «اللقاءات مع المسؤولين المصريين أكدت أن نهر النيل يجمع ولا يفرق.. وأن المحبة قائمة بين الشعبين.. وعلى البطريك الإثيوبي أن ينقل ذلك لأبناء شعبه»، لافتا إلى أن البطريك أكد في إجاباته عند الحديث عن سد النهضة، أنه «ليس لدينا ما نخفيه في هذا الشأن.. والأمر في يد الخبراء».
وتأتي زيارة البطريك الإثيوبي في وقت تجري فيه القاهرة مفاوضات مع دولتي إثيوبيا والسودان، للوقوف على احتمالية وجود أضرار قد يتسبب فيها سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب (مصر والسودان). وكانت الأزمة بين مصر وإثيوبيا تصاعدت بشكل حاد منذ عام 2011. عندما شرعت إثيوبيا في تشييد سد عملاق على نهر النيل بتكلفة 4.7 مليار دولار على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كلم جنوب الحدود السودانية مع إثيوبيا، ويتوقع اكتمال تشييده خلال عام 2017. وتقول القاهرة إنه «قد يقلص من حصتها في مياه النيل بنسبة تتجاوز الـ10 في المائة».
والتقى الطيب، بطريرك الكنيسة الإثيوبية في مقر مشيخة الأزهر أمس، وأكد أن «إثيوبيا لها مكانة عظيمة في نفوس المسلمين؛ إذ هي الحاضنة الأولى للإسلام التي أنقذته في مهده وصباه حين تعرض كفار قريش للمسلمين بالتنكيل والعذاب، وقد لقي المسلمون الأوائل ترحيبا من أهلها وملكها الذي أحاطهم برعايته وكرمهم أيما تكريم». وأضاف شيخ الأزهر أمس، أن نصوص القرآن والسنة النبوية، هي التي دفعتنا لتعميق اللحمة والمودة بين المصريين جميعا، وبناء على ذلك تأسس بيت العائلة المصري الذي يعمل على ترسيخ قيم المواطنة.
وأكد الطيب أن «نهر النيل يجب أن يعمق العلاقة بين الشعبين المصري والإثيوبي ويكون مصدر خير لهما ويزيد من المحبة والمودة بينهما مع احتفاظ الجميع بحقوقهم المتساوية في هذا النهر العظيم، إذ لا يمكن أن يرتوي منه أحد على حساب عطش الآخر»، لافتا إلى «إننا لا نتوقع من الشعب الإثيوبي إلحاق الضرر بالمصريين، لأن هذا ضد التعاليم الدينية، وضد كل القيم الإنسانية»، مضيفا أن «لدينا تراثا عميقا في الإسلام والمسيحية تعلمنا منه أن الأديان كلها تدعو للسلام الاجتماعي، وأن المشكلة ليست في الأديان، وإنما في بعض أتباعها الذين يستغلونها لمصالحهم الشخصية، والإسلام لا يجعل من نفسه دينا بعيدا عن جميع الأديان إنما هو مرتبط بها من لدن آدم مرورا بعيسى وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم». وعقدت جولات من المفاوضات ضمت وزراء الري والموارد المائية من مصر والسودان وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، وتم الاتفاق على تكليف مكتب استشاري لإعداد دراسة تفصيلية حول تأثيرات السد على مصر والسودان، على أن يتم حسم الخلاف في مدة أقصاها 6 أشهر تنتهي في مارس (آذار) المقبل، وتكون نتائجها ملزمة للجميع.
من جانبها، قالت المصادر المسؤولة في مشيخة الأزهر، إن «الطيب أكد للبطريك الإثيوبي، أننا أبناء نيل واحد، يمر علينا بعد أن يمر عليكم، وتشربون منه قبل أن نشرب منه، وهذا ما يعمق العلاقة بين الشعبين، ويزيد من المحبة والمودة بيننا.. ونحن كشعب لنا حقوق متساوية في هذا النهر العظيم، الذي يستفيد منه الجميع، وقد علمنا رسولنا محمد، ورسولكم المسيح أنه لا يجوز إلحاق الضرر بالآخرين.. ونحن كشعب مصر لا نتصور إلحاق الضرر بنا، لأننا المحطة الأخيرة لهذا النهر العظيم، ولأن هذا ضد تعاليم المسيح وجميع الأنبياء وكذلك ضد القيم الإنسانية».
وأضافت المصادر نفسها أن «الطيب أعرب عن استعداد الأزهر لتقديم الدعم الكامل للشعب الإثيوبي، وتعميق التعاون بين البلدين ثقافيا وعلميا، وتقديم منح دراسية لأبناء المسلمين الإثيوبيين، يتعلمون من خلالها تعاليم الدين الإسلامي الوسطي السمح، بعيدا عن التطرف والغلو».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.