بايدن يكشف خطوطاً عريضة «متوازنة»

تعهد بدعم داخلي سريع للاقتصاد

جو بايدن
جو بايدن
TT

بايدن يكشف خطوطاً عريضة «متوازنة»

جو بايدن
جو بايدن

تبدو السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مبشرة ومتوازنة؛ إذ رفض التسرع في حسم ملف العلاقات التجارية الشائكة مع الصين على المستوى الخارجي، بينما على المستوى الداخلي تعهد مساعدة الأميركيين كافة على التعافي من الأزمة الاقتصادية، التي وصفتها وزيرة خزانة إدارته المستقبلية بأنها «مأساة أميركية».
وفي حين تسبب وباء «كوفيد - 19» خلال الربيع في أسوأ أزمة على البلاد منذ عام 1929 وتعثّر الانتعاش بسبب موجة الإصابات الثانية، حضّ بايدن الكونغرس على التصويت دون تأخير على خطة مساعدة «متينة».
وأعلن من ويلمينغتون في ديلاوير، حيث قدّم فريقه الاقتصادي الجديد «لكلّ من يعانون الآن، هذه رسالتنا: الدعم آت». وقالت من جهتها جانيت يلين التي اختارها وزيرة للخزانة «يواجه الكثير من الناس صعوبات بتوفير الطعام ودفع الفواتير والإيجارات. هذه مأساة أميركية».
وشكّل جو بايدن فريقاً اقتصادياً مؤلفاً، خصوصاً من نساء وأفراد ينتمون إلى أقليات، وآخرين كانوا في إدارة باراك أوباما. ووصفهم بأنهم موظفون «متمرسون» و«خلاقون» سيواجهون التحديات التي تضرب أكبر اقتصادات العالم.
ورأت يلين أنه «من الملحّ جداً التصرف من أجل تفادي كساد يغذي نفسه ويسبب أيضاً المزيد من الخراب». وسيكون هذا الدعم «فورياً» لملايين الأميركيين الذين خسروا وظائفهم أو تقلصت ساعات عملهم، كما أكد بايدن، مكرراً التعهدات التي أطلقها خلال حملته لا سيما استحداث وظائف برواتب جيدة وتقليص التفاوتات.
وجاءت تلك التصريحات بُعيد كشف مجموعة نواب ديمقراطيين وجمهوريين عن خطة جديدة لدعم الاقتصاد بقيمة 908 مليارات دولار. ولم يحظ هذا المقترح بعد بموافقة إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب.
وكشف زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مأكونيل الثلاثاء، عن أنه سأل بدوره البيت الأبيض عن الإجراءات التي سيكون الرئيس ترمب مستعداً لإقرارها قبل مغادرته في 20 يناير (كانون الثاني). ومن هنا، طرح مقترحاً جديداً أمام مجموعته البرلمانية، يتضمن مساعدات تصل قيمتها إلى 500 مليار دولار، على ما أكد مصدر برلماني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ومنذ أشهر، يحضّ رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الكونغرس على التصويت لصالح خطة جديدة لدعم الاقتصاد بديلاً عن الخطة التي أقرت في أواخر مارس (آذار) الماضي بقيمة 2.2 تريليون دولار. وقال الثلاثاء خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ، إن أمام أكبر اقتصاد في العالم أشهراً «صعبة» طويلة، رغم تحقيق تقدم في مجال اللقاحات.
وأوضح «أمامنا طريق طويلة نسلكها، خسر عشرة ملايين شخص وظائفهم بسبب الوباء»، مضيفاً أنه مع ارتفاع عدد الإصابات بالوباء، تواجه الكثير من الشركات الصغيرة خطر الانهيار.
وأشار إلى أن العائلات الأكثر فقراً لا تملك ما يكفي من المدخرات لتجاوز أزمة طويلة.
وأجرت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي ووزير الخزانة ستيفن منوتشين اتصالاً هاتفياً الثلاثاء هو الأول منذ أكتوبر (تشرين الأول). وقالت بيلوسي في بيان، إن خطة إنعاش جديدة «سوف تعتمد» قبل استئناف أعمال الكونغرس في 3 يناير. وقال ميتش ماكونيل من جهته «ليس أمامنا وقت لنضيعه».
وتبقى مواقف الطرفين مع ذلك متباعدة جداً. ويدرك الديمقراطيون والجمهوريون أن الوقت ضيق، مع بدء انتهاء مفاعيل التدابير التي أعلنت في الربيع. وسيكون لعدم التوصل لاتفاق بشأن المساعدات آثار بالغة على الاقتصاد على المدى الطويل وعلى ملايين الأميركيين. وقد يخسر نحو 12 مليون شخص إعانات البطالة الخاصة بهم في 26 ديسمبر (كانون الأول).
وقال باول، إن التطورات الجديدة على صعيد اللقاحات «إيجابية جداً على المدى المتوسط»، لكن «حتى اللحظة، التحديات وأوجه عدم اليقين لا تزال قائمة، لا سيما بشأن المدة الزمنية، ومواعيد الإنتاج والتوزيع» المرتقبة للقاحات.


مقالات ذات صلة

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

الاقتصاد شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

قد تختبر بيانات التضخم في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل أعصاب المستثمرين في أسواق الأسهم، ما يزيد من المخاوف المتعلقة بارتفاع عائدات سندات الخزانة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)

المستثمرون الأميركيون ينسحبون من صناديق الأسهم

انسحب المستثمرون الأميركيون من صناديق الأسهم وانتقلوا إلى صناديق أسواق المال الآمنة خلال الأسبوع المنتهي في 8 يناير (كانون الثاني).

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».