موسكو تهدد بالخروج من معاهدة الحد من التسلح النووي بسبب مواقف واشنطن

الإعلان عن مناورات جديدة في العام الحالي

موسكو تهدد بالخروج من معاهدة الحد من التسلح النووي بسبب مواقف واشنطن
TT

موسكو تهدد بالخروج من معاهدة الحد من التسلح النووي بسبب مواقف واشنطن

موسكو تهدد بالخروج من معاهدة الحد من التسلح النووي بسبب مواقف واشنطن

مع استمرار تصاعد التوتر وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في نهاية عام 2013، جنحت موسكو نحو تهديد الولايات المتحدة باحتمالات التوقف عن تنفيذ بنود معاهدة الحد من الأسلحة النووية والصواريخ والطائرات الحاملة. وقالت مصادر وزارة الخارجية الروسية إنها لا تستبعد عدم الالتزام بهذه المعاهدة التي جرى توقيعها في 2011 بسبب ما وصفته بـ«التصرفات غير الودية من جانب الطرف الأميركي». ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن ميخائيل أوليانوف، رئيس دائرة الأمن ونزع السلاح بوزارة الخارجية الروسية، تصريحاته حول أن «الولايات المتحدة تواصل اتخاذ الإجراءات العدائية ضد روسيا منذ العام الماضي، بعدما قبلت روسيا عودة شبه جزيرة القرم إلى الوطن الأم». وأضاف المسؤول الروسي قوله إن بلاده لم تقم بما من شأنه تغيير موقفها من اتفاقية تخفيض الأسلحة الاستراتيجية الهجومية حتى الآن، لكنه كشف صراحة عن أنها لا تستبعد تغيير مثل هذا الموقف في اتجاه الخروج من الاتفاق مع الولايات المتحدة. وقال: «إن ذلك سيكون أمرا طبيعيا» على خلفية «ما تقوم به الولايات المتحدة من خطوات غير ودية تجاه روسيا».
وكانت الدوائر العسكرية الروسية مضت في ذات الاتجاه لتؤكد جاهزية القوات المسلحة للقتال ومواصلة الأجهزة المسؤولة بإمدادها بما يلزمها من أسلحة ومعدات عسكرية حديثة. ففي اجتماعه مع القيادات العسكرية الروسية أعلن الجنرال فاليري غيراسيموف رئيس أركان القوات المسلحة أنه من المقرر إجراء سلسلة من المناورات التي أشار منها إلى مناورات «سنتر» المحدد القيام بها في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي. وقال غيراسيموف في تصريحات نشرتها وكالة أنباء «ريا نوفوستي» إن هذه المناورات «ستكون من أهم الفعاليات المتعلقة بتعزيز درجات الاستعداد القتالي للقوات المسلحة الروسية في العام الحالي». وأشار إلى أن روسيا كانت قد شهدت مشروعا تدريبيا استراتيجيا كبيرا واحدا على الأقل في كل من الأعوام القليلة الماضية، بينما كشف عن أنه «شارك في مناورات (سنتر2011) 12 ألف جندي وضابط، وألف آلية عسكرية، بما فيها مائة دبابة و50 طائرة، في المنطقة العسكرية المركزية التي تشمل وسط الجزء الأوروبي من روسيا ومنطقة الأورال، وغرب الجزء الآسيوي من روسيا». كما أشار إلى المناورات العسكرية غير المسبوقة، التي شهدتها روسيا في العام الماضي وشارك فيها 155 ألف جندي وضابط، وما يقرب من 8000 آلية عسكرية، و632 طائرة، و84 سفينة حربية، إلى جانب حملات التفتيش المفاجئة التي قامت بها وزارة الدفاع الروسية على وحدات من القوات المسلحة للتأكد من مدى جاهزيتها القتالية، منذ عام 2013.
ومن اللافت أن هذه الأخبار والتصريحات جاءت في وقت مواكب لما نشرته صحيفة «Interest National» الأميركية التي نقل عنها موقع «فيستي رو» الروسي الإلكتروني ما جاء فيها عن «وجود 5 أنواع من الأسلحة الروسية يجب أن تخشاها الولايات المتحدة». ومن هذه الأسلحة أشارت الصحيفة الأميركية إلى مقاتلة «سوخوي - 35» والغواصة «آمور»، والدبابة «تي - 90». وكشفت الصحيفة عن أن روسيا كانت بدأت تطوير وتحديث أسلحتها التقليدية تحسبا لما قد ينجم عن توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة والبلدان الغربية.
وأعادت الصحيفة تعداد خواص أهم هذه الأسلحة، مشيرة إلى أن «المقاتلة سوخوي (سو – 35) متعددة المهام وتتصف بالقدرة الفائقة على اعتراض الأهداف الطائرة على ارتفاع عالٍ وبسرعة هائلة ومحرك فريد من نوعه، ما يجعلها خصما خطيرا للمقاتلات الأميركية». أما عن الغواصة «آمور» فقالت إنها «من الغواصات غير النووية وتتسم بتصميم الجسم الخاص، ما يجعلها تمتلك الحد الأدنى من مستوى الضجيج. كما أنها مزودة بأسلحة قوية، بما فيها الصواريخ المضادة للسفن، وأجهزة الطوربيد الحديثة». وعن الدبابة «تي - 90» أشارت الصحيفة إلى أنها «رخيصة التكلفة والثمن بالمقارنة مع مثيلاتها الغربية مثل دبابتي (ليوبارد 2) و(أم 1 أم 2)، ومزودة بوسائل حديثة لتوجيه النيران وأجهزة الملاحة المتطورة إلى جانب نظام الوقاية الفعال». أما عن صاروخ «أونيكس» المضاد للسفن «فيتميز بأن مدى إطلاقه 300 كيلومتر، وهو ما يزيد أضعافا عن مدى إطلاق صاروخ (غاربون) الأميركي». وعن السلاح الخامس في قائمة أفضليات روسيا عن الولايات المتحدة، فقد قالت الصحيفة إنه «الطوربيد (53 – 65) الغازي الهيدروجيني المضاد للسفن، المزود بنظام توجيه صوتي فريد من نوعه».
وكانت موسكو أعلنت أيضا عن سلسلة من الإجراءات التي تستهدف بها تعزيز الكوادر القيادية في إطار متغيرات المرحلة الراهنة ومتطلباتها ومنها تعيين يوري سلوسار رئيسا جديدا للشركة القابضة «OKA» التي تدير الصناعة الجوية الروسية، وكانت تأسست في عام 2006، من أجل تطوير الصناعة الجوية الروسية. ومن المعروف أن هذه الشركة تشرف على ما يقرب من 30 مؤسسة تعمل في صناعة الطائرات العسكرية والمدنية، ومنها «سوخوي» (سو) و«ميغ» و«إيليوشين» (إيل) و«توبوليف» (تو) و«ياكوفليف» (ياك).



برلين وباريس تناقشان إرسال قوات سلام أجنبية إلى أوكرانيا

ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
TT

برلين وباريس تناقشان إرسال قوات سلام أجنبية إلى أوكرانيا

ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)

تستضيف برلين، الخميس، وزراء من بولندا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا وبريطانيا، بالإضافة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي ووزير خارجية أوكرانيا، في مؤتمر يركز على دعم كييف وكذلك التطورات في سوريا، في حين أعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أنه ناقش، الخميس، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إمكان إرسال قوات إلى أوكرانيا، في حال التوصل إلى هدنة أو إحلال السلام في هذا البلد.

وقال توسك في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو: «أود (...) أن أضع حداً للتكهنات بشأن الوجود المحتمل لقوات من هذا البلد أو ذاك في أوكرانيا بمجرد إرساء وقف إطلاق النار أو إرساء السلام. الرئيس (ماكرون) على علم بذلك، وقد ناقشناه»، مشيراً إلى أن بلاده «لا تخطط لمثل هذه الإجراءات... في الوقت الحالي».

توسك وماكرون في وارسو الخميس (أ.ب)

وعلمت وكالة الأنباء الألمانية أن ممثلين لدول عدة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) يجرون محادثات سرية منذ أسابيع بشأن كيفية مراقبة وقف إطلاق النار المحتمل في أوكرانيا في المستقبل. وتفيد تقارير بأن فرنسا وبريطانيا تأخذان زمام المبادرة في هذا الشأن. ولم يتضح مدى مشاركة الحكومة الألمانية في هذه المباحثات حتى الآن. وذكر موقع «بوليتيكو» نقلاً عن دبلوماسي أوروبي ومسؤول فرنسي أن هدف زيارة ماكرون لوارسو كانت لمناقشة توسك حول احتمال نشر قوة حفظ سلام تتألف من جنود أجانب بعد انتهاء الحرب. ونقلت صحيفة Rzeczpospolita البولندية عن خبير من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية القول إن مثل هذه المهمة يمكن أن تتألف من خمسة ألوية يبلغ قوامها نحو 40 ألف جندي، حيث من المحتمل أن تتولى بولندا قيادة إحداها.

بدوره، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن استعداده للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرة أخرى رغم أن مكالمته الهاتفية الأخيرة لم تسفر عن أي نتائج. وقال شولتس في تصريحات متلفزة، الأربعاء: «كان الأمر محبِطاً»، وأضاف: «لأنه ببساطة كرر كل صيغه مرة أخرى». وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهتها أوكرانيا ودول شرق أوروبا بشأن المكالمة، قال شولتس إنه كان من الضروري أن يفهِم بوتين أنه لا يمكنه التعويل على أن تخفض ألمانيا دعمها لأوكرانيا.

وتعرَّضت المجر لانتقادات شديدة من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بسبب استمرار اتصالاتها مع الكرملين بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الهجوم الروسي في أوكرانيا.

وقال شولتس إنه دعا بوتين إلى «سحب القوات حتى يتسنى ظهور أساس للتطور السلمي». وعن هذه الدعوة، قال المستشار الألماني: «ويجب أن يتم ذلك، وسأفعل ذلك مرة أخرى. لكن يجب ألا نقع تحت أي أوهام بشأن ذلك».

وكان شولتس قد اتصل ببوتين في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بمبادرة منه، وهي المرة الأولى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شولتس بفتح «صندوق الشرور» بهذه المكالمة.

واقترح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان هو الآخر هدنة لمناسبة عيد الميلاد في أوكرانيا خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي في اليوم السابق. وأوربان، وهو أحد الزعماء الأوروبيين القلائل الذين احتفظوا بعلاقات مع موسكو، قال إن أوكرانيا رفضت الاقتراح، لكن كييف أكدت أنها لم تناقش المبادرة.

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ومستشار ألمانيا أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 مارس 2024 (أ.ف.ب)

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: «خلال محادثة هاتفية، قدَّم أوربان اقتراحاً بإجراء عملية تبادل كبيرة للأسرى عشية عيد الميلاد والإعلان عن وقف إطلاق النار خلال عيد الميلاد في أوكرانيا».

وأضاف بيسكوف، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن روسيا قدَّمت «مقترحاتها» بشأن التبادل إلى السفارة المجرية في موسكو «في ذلك اليوم»، مؤكداً دعم «جهود أوربان». ومن المقرر أن يلتقي أوربان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وقت لاحق، الخميس، في إطار ما يسميه «مهمة سلام».

وأكد دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أنه أجرى محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، الخميس، ناقشا خلالها الأزمات في أوكرانيا وسوريا. وقال ميدفيديف إن روسيا مستعدة لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا، لكن فقط إذا أقرَّت كييف بالحقائق على الأرض، حسبما ذكرت «تاس».

* ضمانات أمنية

من جانب آخر، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن عدداً من وزراء الخارجية الأوروبيين اتفقوا على أن أوكرانيا تحتاج إلى ضمانات أمنية طويلة الأمد وسيناقشون هذه القضية خلال اجتماع في برلين الخميس. وأضافت بيربوك: «هنا في هذه الدائرة، نتفق جميعاً على أن أوكرانيا تحتاج إلى ضمانات أمنية صارمة. وهذا يشمل الدعم العسكري والمالي طويل الأمد لأوكرانيا».

ووصلت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه إلى أوكرانيا، الخميس، في زيارة جديدة. وعند وصولها إلى العاصمة الأوكرانية كييف، قالت الوزيرة المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي: «لقد سافرت إلى أوكرانيا حتى أسلّم حزمة الدعم الشتوي الخاصة بنا». وأضافت أنه خلال أكثر من 1000 يوم من الحرب، كان هدف روسيا ضرب إمدادات الطاقة لجعل الناس يجلسون في البرد والظلام، وأردفت: «لهذا السبب قمنا مجدداً بتعبئة موارد إضافية للمساعدة في إعادة بناء إمدادات الطاقة هنا»، مشيرة إلى أن ذلك أمر مهم للبقاء على قيد الحياة في ظل درجات الحرارة الشتوية.

صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

وشددت الوزيرة الألمانية قائلة: «أريد أن أتأكد شخصياً هنا من أن الأموال تصل حقاً إلى الأماكن التي تحتاج إليها». وتشمل الزيارة عقد اجتماعات مع ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني، كما تعتزم شولتسه تفقد الكثير من مشاريع إعادة الإعمار.

وقدرت شولتسه المساعدات الشتوية بـ90 مليون يورو، موضحة أن هذا الدعم سيتيح توفير الكهرباء والتدفئة لـ2.6 مليون شخص. وأكدت: «نشعر في هذا البرد بمدى الأهمية المحورية لوجود هذه المرافق المتنقلة»، لافتة إلى أن الهدف من ذلك هو مساعدة الأوكرانيين على الحفاظ على قدرتهم على الصمود.

* تهديد روسي

على صعيد آخر، قال الكرملين، الخميس، إن روسيا سترد بالتأكيد على استخدام أوكرانيا لصواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع لضرب الأراضي الروسية في الآونة الأخيرة.

وكانت روسيا قد قالت، الأربعاء، إن أوكرانيا قصفت مطارا عسكريا على ساحل بحر آزوف بستة صواريخ باليستية أميركية الصنع من طراز «أتاكمز»، في خطوة قد تدفع موسكو إلى إطلاق صاروخ متوسط المدى فرط صوتي آخر على أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن «هذا الهجوم بالأسلحة الغربية بعيدة المدى لن يمر دون رد وستُتخذ الإجراءات المناسبة». ولم يتضح كيف سترد روسيا.

وقال دميتري بيسكوف: «أود أن أشير إلى البيان المباشر الذي لا لبس فيه على الإطلاق لوزارة الدفاع في روسيا الاتحادية، والذي صدر الأربعاء؛ إذ ذكر بوضوح أن الرد سيلي ذلك». وأضاف: «سيحدث الرد بطريقة تعدّ مناسبة. لكنه حتماً سيأتي».

وأطلقت روسيا صاروخاً باليستياً جديداً متوسط المدى فرط صوتي يُعرف باسم «أوريشنيك» على أوكرانيا في 21 نوفمبر فيما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه رد مباشر على الضربات التي تشنّها القوات الأوكرانية بصواريخ أميركية وبريطانية على بلاده. وقال مسؤول أميركي، الأربعاء، إن روسيا قد تطلق صاروخاً باليستياً آخر فرط صوتي على أوكرانيا في الأيام المقبلة، لكن واشنطن لا تعدّ سلاح «أوريشنيك» بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في الحرب.

ميدانياً، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها، الخميس، إن قواتها سيطرت على بلدة زوريا في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.