النرويج تحفظ في القطب الشمالي نسخة رقمية من «الصرخة»

نسخة رقمية للوحة مونك «الصرخة» تحفظ مع نحو 400 ألف عمل في أرشيف العالم بالقطب الشمالي (غيتي)
نسخة رقمية للوحة مونك «الصرخة» تحفظ مع نحو 400 ألف عمل في أرشيف العالم بالقطب الشمالي (غيتي)
TT

النرويج تحفظ في القطب الشمالي نسخة رقمية من «الصرخة»

نسخة رقمية للوحة مونك «الصرخة» تحفظ مع نحو 400 ألف عمل في أرشيف العالم بالقطب الشمالي (غيتي)
نسخة رقمية للوحة مونك «الصرخة» تحفظ مع نحو 400 ألف عمل في أرشيف العالم بالقطب الشمالي (غيتي)

بغضّ النظر عن الكوارث التي قد تصيب العالم على مدار الأعوام الألف القادمة، فإن لوحة «الصرخة» الشهيرة للفنان إدفارد مونك التي تصور المعاناة الإنسانية لا بد أن تكون موجودة ليشاهدها من سيبقى على قيد الحياة.
وحسب تقرير لمجلة «سميثونيان» الأميركية فقد وضع «المتحف الوطني» في النرويج نسخة رقمية لرائعة مونك الفنية، جنباً إلى جنب مع نسخ لنحو 400 ألف عمل آخر في منجم فحم في القطب الشمالي، والغرض من ذلك هو الحفاظ على سلامتها على المدى البعيد.
أنشأت «شركة بيكل للتكنولوجيا» ما أطلقت عليه «أرشيف العالم في القطب الشمالي» في عام 2017 لاستخدامه «كمستودع آمن للذاكرة العالمية»، وقد صُمم ليدوم أكثر من ألف عام، وفقاً لموقع الأرشيف على شبكة الإنترنت.ونقلت المجلة عن مدير المشروع، كارين هيندسبو قوله: «لدينا في المتحف الوطني أعمال من العصور القديمة وحتى اليوم، ونعمل بنفس المنظور في المستقبل. فهذه المجموعة ليست ملكاً لنا فحسب، بل هي ملك أيضاً للأجيال القادمة. ومن خلال تخزين نسخة من المجموعة بالكامل في (أرشيف العالم بالقطب الشمالي)، سنضمن أن الفن سوف يكون آمناً لقرون عديدة».
وحسب «صحيفة آرت نيوزبيبر»، فقد التقط الموظفون صوراً لرسومات المتحف ولأعمال الهندسة المعمارية ولغيرها من التحف الفنية، ثم نقلوا هذه الصور إلى فيلم تناظري متخصص. وقد تم تصميم الوسيط بحيث يحافظ على قابلية قراءة الأعمال حتى مع تغير التقنيات.
وفي هذا الصدد، قال رولف ينوف يوغن، مدير إدارة المجموعات في المتحف، في تصريح لصحيفة «آرت»، «إن الشيء الوحيد الذي تحتاج إليه لقراءة الفيلم هو الضوء».
وبالإضافة إلى لوحة «الصرخة»، فإن الأعمال الأخرى التي تم حفظها في الأرشيف تتضمن لوحة «بديهول»، وهي لوحة نرويجية تعود إلى القرون الوسطى تمثل جزءاً من التقويم الميلادي، وكذلك لوحة «ليلة شتوية في الجبال» للرسام هارالد سوهلبيرغ يعود تاريخها إلى عام 1914. ومن ضمن المعروضات أيضاً فستان حفلات يعود إلى الملكة مود التي اعتلت العرش مع زوجها هاكون السابع في عام 1905.
الجدير بالذكر أن الهواء الجاف والبارد منخفض الأكسجين الموجود في الأرشيف يساعد في الحفاظ على لفائف الأفلام البلاستيكية التي يتم تخزين الصور الرقمية عليها. كما أن تخزين الصور دون اتصال مع الإنترنت يحميها من هجمات القرصنة الإلكترونية.
في تصريح لصحيفة «آرت»، قال يوغن: «إن الأرشيف أشبه بكوكب آخر. فهو أشبه بالحدود النهائية». يقع الأرشيف في جزيرة «سبيتسبرغن» في أرخبيل «سفالبارد» شرق غرينلاند، ويحتوي الآن على نسخ رقمية من الكنوز من أكثر من 15 دولة. ومن بين الجهات التي خزّنت نسخاً من مقتنياتها الفنية «أرشيف المحفوظات الوطني المكسيكي»، و«مكتبة الفاتيكان»، و«وكالة الفضاء الأوروبية»، و«أرشيف الوسائط المتعددة البرازيلي» الذي يحمل اسم «متحف الإنسان»، وغيره من الهيئات والمؤسسات. وقد وضع مصممو الأرشيف في الحسبان التهديدات المحتملة التي قد تجلبها الحروب والكوارث الطبيعية، فضلاً عن التغيرات التكنولوجية والمجتمعية. ووفقاً للموقع الإلكتروني لـ«الأرشيف العالمي في القطب الشمالي»، فإن أسلوب الأرشفة «المؤمّن ضد مشكلات التكنولوجيا في المستقبل» مصمَّم لتحمل الطاقة الكهرومغناطيسية القوية.
وهناك مشروع مماثل للحفاظ على البذور، وهو «مخزن البذور العالمي في سفالبارد»، والذي افتُتح في عام 2008 لتخزين عينات من المحاصيل المتنوعة على مستوى العالم، ويقع بالقرب من موقع «الأرشيف العالمي». يحوي المخزن حالياً أكثر من مليون عينة وبه قدرة تخزين قصوى تصل إلى 4.5 مليون نوع من المحاصيل.
يقع كلا الأرشيفين في مواقع التعدين السابقة في أعماق الأرض تحت طبقات التربة الصقيعية، لكنه أعلى كثيراً من مستوى سطح البحر. ومن الصعب الوصول إلى أرخبيل «سفالبارد» ذي الكثافة السكانية المنخفضة حيث لا يزيد عدد السكان على 3000 نسمة، غالبيتهم يتجمعون في مدينة «لونغييربين».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.