العراق يدعو إلى تخفيف التوترات الإقليمية

وزيران بريطانيان أجريا محادثات في بغداد وأربيل

TT

العراق يدعو إلى تخفيف التوترات الإقليمية

بحث وفد بريطاني برئاسة وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيمس كليفرلي، ووزير القوات المسلحة البريطانية جيمس هيبي، في بغداد وأربيل، الأوضاع في المنطقة ومتابعة جهود محاربة الإرهاب والعلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم في أربيل.
وفي هذا السياق دعا العراق إلى أهمية تخفيف حدة التوترات في المنطقة والتكاتف الدولي وضمان السلم والاستقرار الإقليمي مع مواصلة الحرب على الإرهاب. وقال بيان لرئاسة الجمهورية صدر بعد استقبال الرئيس برهم صالح الوزيرين البريطانيين، إنه جرى خلال اللقاء «بحث العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين وسبل تعزيزها، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، واستعراض التطورات في العراق والمنطقة، وضرورة التعاون والتنسيق بين البلدين، بما يخدم السلم والاستقرار المحلي والإقليمي». وأكد صالح، حسب البيان: «أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات السياسية الاقتصادية والعسكرية والصحية، والعمل معاً في مواجهة التحديات العالمية المختلفة، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، ومواجهة تداعيات وباء (كورونا) الصحية والاقتصادية». وأضاف أن «أمن واستقرار المنطقة يعد أولوية»، مشيراً إلى «ضرورة العمل على تخفيف حدة التوترات، ومواصلة الحرب على الإرهاب وصولاً إلى الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وأن يكون العراق مرتكَزاً لذلك، وفسح المجال أمام تعزيز فرص التعاون في مجالات التنمية والاقتصاد».
من جانبهما «ثمّن الوزيران البريطانيان طروحات رئيس الجمهورية، وأهمية العمل من أجل تخفيف التوترات في المنطقة، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، حيث أكدا -حسب البيان- «التزام بلادهما بدعم أمن واستقرار العراق، والتطلع نحو تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات».
كما استقبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الوفد البريطاني، وبحث العلاقة بين بغداد ولندن ومتابعة النتائج التي تمخضت عنها زيارته إلى المملكة المتحدة الشهر الماضي، ولقائه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وطبقاً لبيان من مكتب الكاظمي، فإن اللقاء تضمن «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وأهمية استمرار التعاون المشترك في مجال الحرب ضد الإرهاب وملاحقة تنظيم (داعش) الإرهابي، كما جرى بحث الوضع الإقليمي والعمل معاً من أجل التهدئة والحوار، بهدف استقرار المنطقة». وأوضح البيان أنه «جرت مناقشة ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى المملكة المتحدة، الشهر الماضي، وسبل تحويله إلى خطوات عملية، تصب في مصالح البلدين، فضلاً عن بحث سبل دعم بناء قدرات القوات العراقية، في مجال التدريب والمعدات والدعم الاستخباري، على أن يكون الدعم المقدم وفق الأولويات العراقية». وأكد البيان أن الكاظمي أكد «حرص العراق على بناء علاقات استراتيجية مع المملكة المتحدة، في المجالين السياسي والاقتصادي»، مشيراً إلى «العلاقات التاريخية بين البلدين، والتي من شأنها أن تسهم في تعزيز التعاون ودعم الاقتصاد العراقي، ودعم الإصلاحات الاقتصادية التي تضمنتها الورقة البيضاء، وكذلك مساعدة العراق في الوصول إلى انتخابات حرة وشفافة، تلبّي تطلعات الشعب العراقي». وجدد الوفد البريطاني «دعم بريطانيا للعراق، وللمسار الذي اتخذته الحكومة العراقية، في مجال الإصلاح الاقتصادي والأمني، والخطوات المتخَذة نحو إجراء الانتخابات المبكرة».
وفي أربيل، عاصمة إقليم كردستان، بحث الوفد البريطاني مع رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، المشكلات التي تواجه أربيل وبغداد. وقال بيان لحكومة الإقليم إن «بارزاني بحث مع الوفد الزائر سبل تعزيز العلاقات بين إقليم كردستان وبريطانيا». وفي هذا السياق قدم بارزاني شكره لـ«بريطانيا وثمّن دورها في مساعدة إقليم كردستان، كذلك سلّط الضوء على العلاقات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية». وأكد أن «حكومة الإقليم نفّذت التزاماتها الدستورية كافة بهدف التوصل إلى اتفاق على أساس الدستور، لذا يجب على الحكومة الاتحادية أن تفي بما عليها من التزامات تجاه الحقوق والمستحقات المالية لإقليم كردستان». وأشار الوفد البريطاني وفقاً للبيان، إلى أن «البريطانيين ينظرون ببالغ الاحترام والتقدير لتضحيات قوات البيشمركة وتصديها للإرهاب». وأبدى الوفد «استعداد المملكة المتحدة لتعزيز آفاق التعاون مع الإقليم في جميع المجالات، ولا سيما في المجال التجاري وزيادة الاستثمار في إقليم كردستان».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.