تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة للفائزين في دورتها السابعة

في حفل خاص ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للترجمة في جنيف

تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة للفائزين في دورتها السابعة
TT

تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة للفائزين في دورتها السابعة

تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة للفائزين في دورتها السابعة

يشهد مقر الأمم المتحدة في جنيف اليوم حفل تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في دورتها السابعة، وذلك في حفل ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للترجمة بمقر الأمم المتحدة في جنيف اليوم الخميس.
ويسلم الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي، اليوم، الجائزة للفائزين في حفل خاص بهذه المناسبة وسط حضور أكثر من 300 شخصية من خبراء العالم في الترجمة.
وأوضح فيصل بن عبد الرحمن بن معمر مستشار خادم الحرمين الشريفين المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة، أن الجائزة خطت للأمام خطواتها الواثقة التي تسعى من خلالها إلى تشكيل منظومة معرفية متقاربة تتلاقى فيها الثقافات عبر جسور الترجمة ونوافذها المطلة على الفكر الإنساني، وقال: «إن هذا النجاح الكبير الذي تحقق للجائزة منذ انطلاقها يؤكد على أن عالم اليوم في حاجة كبيرة للتفاعل عبر الترجمة، وهي بلا شك حاجة لا تنقطع، لكن مع انتشار التقنية، وانتشار المواقع الإلكترونية، وتواصل المتابعين؛ أصبح يستدعي وجود جسور ونوافذ دائمة، وأصبح التقدير المؤسسي لجهود المترجمين مطلوبا وبشكل كثيف»، مبينا أن ذلك يكشف عن تقدير المجتمع الدولي وتأييده لجهود راعيها خادم الحرمين الشريفين ومبادراته المتعددة لدعم التبادل المعرفي والثقافي وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وهي المبادرات التي تنظر إلى الإنسان في شمولية معارفه وتجاربه؛ «لأن المعرفة والعلم لا وطن لهما، وهما يفيدان البشرية في كل مكان».
من جانب آخر، أعرب الفائزون بجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة في دورتها السابعة في مجال ترجمة العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية عن سعادتهم بالفوز بهذه الجائزة الرفيعة التي تحظى بمركز الصدارة بين جوائز الترجمة على الصعيد الدولي، مؤكدين أهمية الجائزة في رفد المكتبة العربية باحتياجاتها من مصادر المعرفة في مجالات العلوم التجريبية والتطبيقية.
وفي هذا الإطار عدّ الدكتور مروان جبر الوزة، الفائز بالجائزة عن ترجمته لكتاب «طب الكوارث» من الإنجليزية، أن الفوز بجائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز، «شرف كبير لما تتمتع به الجائزة من مكانة مرموقة في الأوساط العلمية والثقافية على مستوى العالم، وهو ما يجعل الأعمال الفائزة بها موضع تقدير ويمنحها قيمة مضافة ترفد أهميتها العلمية وتضعها في دائرة الضوء من حيث الجودة والتميز».
بينما أشار الدكتور حسان لايقة الفائز عن مشاركته في ترجمة كتاب «طب الكوارث»، إلى سعادته بالفوز بالجائزة، مبينا أن أهم ما يميز الجائزة أنها تجمع بين نمطين من المكافأة، حيث تسهم في التعريف بكتب وأعمال قيمة جديرة بالقراءة، بالإضافة إلى دورها في التعريف بالمترجمين والمؤلفين لهذه الأعمال.
وفي هذا السياق أوضح الدكتور سليم مسعودي الفائز بالجائزة عن ترجمته لكتاب «التحليل الدالي.. نظريات وتطبيقات» من الفرنسية إلى العربية، أن نبأ فوزه بالجائزة مع زميليه د. عبد السلام اليغفوري والدكتورة سامية شعلال حمل له مشاعر مختلفة من السعادة والزهو والامتنان، مؤكدا أن الفوز «شرف عظيم، لا سيما إذا أخذ في الاعتبار شدة المنافسة بين الأعمال التي يجري ترشيحها للجائزة كل عام، والقيمة المعنوية الكبيرة المرتبطة بمكانة هذه الجائزة العالمية المرموقة».
وأعربت الدكتورة سامية شعلال الفائزة بالجائزة عن مشاركتها في ترجمة كتاب «التحليل الدالي» عن شكرها للقائمين على جائزة خادم الحرمين الشريفين، مؤكدة أن نبأ فوزها «كان مفاجأة سارة غمرتها بشعور عميق بأن الجهد المبذول في ترجمة هذا العمل الضخم نال ما يستحقه من تقدير». وبينت أهمية رعاية الملك عبد الله في تعزيز قدرة الجائزة لتحقيق أهدافها بوصفها إحدى آليات مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار الحضاري والتواصل المعرفي بين الثقافات من خلال تشجيع حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية.
كما تحدث الدكتور عبد السلام اليغفوري المشارك في ترجمة كتاب «التحليل الدالي» من الفرنسية إلى العربية، وقال: «أعد نفسي محظوظا جدا بحصولي على هذه الجائزة العالمية المتميزة، وسعدت كثيرا بنبأ الفوز بها في اعتبارات المنافسة الشديدة بين الأعمال المرشحة لها، فضلا عن مكانة الجائزة وما تحظى به من مصداقية وثقة في نزاهتها».



حين طلب مني الأمن أن أرسم صورة «المعلم»

عتاب حريب
عتاب حريب
TT

حين طلب مني الأمن أن أرسم صورة «المعلم»

عتاب حريب
عتاب حريب

في عام 2011 كنت على موعد للحصول على فيزا لإقامة معرض في نورث كارولينا بدعوة من جامعة دافيدسون وحصلت على الفيزا في آخر يوم قبل إغلاق السفارة بدمشق.

سافرت عام 2012 ورجعت إلى دمشق، وكانت المظاهرات والاحتجاجات تعم المدن السورية والقرى وأنا أعيش في دمشق أحاول أن أساعد بجهد شخصي أبناء الريف المتضرر والمحاصر، فهناك الكثير من المهنيين والمعارف الذين تضرروا وبحاجة لكثير من الطعام والمستلزمات. كنت أحملها بسيارتي وأحمل معها روحي وأمضي وفي رأسي سيناريوهات العالم كلها. أحضر أجوبة على كل احتمالات الحواجز والشبيحة وعناصر الأمن، عما كنت أكتب بحس ساخر على فيس بوك وأناهض الفساد والقتل. أنا امرأة متمردة بطبعي على الظلم وأمشي عكس التيار، أعشق الحرية والسفر لأعود إلى بلدي بشوق أكثر. هناك تحديات كثيرة كانت أمامنا في بلد كل زاوية فيها حاجز أمني وشبيحة. كانت رعاية ملائكية تنقذني دوماً من رش للرصاص على سيارتي في حاجز حرستا ووضع عبوة ناسفة قرب سيارتي أمام بيتي بعد أن نزلت منها، وتصويب البندقية عليَّ في تأبين باسل شحادة. هربت بأعجوبة. هذه ليست بطولات أرويها ولكن كان حماساً وواجباً علي. ويوماً كنت على حدود لبنان للسفر إلى المغرب لإقامة معرض. أخذوني من الحدود وبدأت التحقيقات معي عن كتاباتي على صفحتي بفيسبوك. وانتهى التحقيق بالتوقيع على ورقة بعدم كتابة أي شيء. وفي اليوم التالي أُلغي منع السفر. وعندما عدت استدعوني مرة أخرى. قلت للمحقق ضاحكة لم أكتب شي مثل ماوعدتكم، فقال لي: رسمتِ. لقد شاهد لوحة فيها قطعة ممزقة من كلمة الثورة التي على الجريدة، فأجبته باستغباء: هذه الجريدة الوطنية ليش ممنوع نحطها، فقال لي: أعرف ما تريدين أن تقولي مع هذه الشخبرة. يصف لوحاتي بـ«الشخابير».

ثم قال لي: نريدك أن ترسمي لنا صورة المعلم، فقلت له: أنا أرسم مناظر وزهوراً لا أرسم حيوانات ولا بشراً واسأل عني مرة باسل الأسد فقد طلب مني ومن مجموعة من الفنانين رسم أحصنته فرفضت لأني لا أعرف، فأجابني: لا أنت فنانة قديرة رح ترسميها فقلت له سأحاول سأطلب من أحد يجيد رسم البورتريه، فقال لي: لا أنت يجب أن ترسميها وتوقعي عليها اسمك.

بقيت أشهراً أماطل ويسألني دائماً على الهاتف: ما خلصتِ، ألاقي الأعذار كل مرة بالكهرباء والتدفئة وعدم جفاف الألوان بالبرد. كنت أنام وأصحو في رعب وسخرية أيضاً. أحياناً أفكر أن أرسم حماراً وفوقه أرسم صورته بألوان تزال بالماء وأرسلها بعد أن أخرج من البلد مع رسالة «امسح الصورة تجد المعلم». المهم كان هذا مسلياً لي في أوقات القلق والتوتر إلى أن قدمت استقالتي من عملي وطلبت من الأمن موافقة أمنية للسفر لمرة واحدة قبل انتهاء الفيزا، وحصلت عليها.

قبل يومين من تحرير حلب كنت في حالة شوق مكبوت لسوريا، وأتمنى بشدةٍ العودة. وكنت أحاول أن أقنع نفسي بأن وضعي في أميركا جيد وصرت مواطنة أميركية وعندي جواز سفر مثل جناحين أطير به بين البلدان بكل سلاسة. وأقنعت نفسي من أول يوم أتيت إلى شيكاغو أنني سأبدأ حياة جديدة وتناسيت بيتي بالشام ومرسمي ولوحاتي وذكرياتي وأصدقائي الذين لم يبق منهم إلا القليل في دمشق. أخوتي قاطعتهم لاختلافي معهم في المبدأ فقد كانوا يقفون مع النظام.

وزاد فقداني لابني الذي قُتل عام 2014 كرهاً لتلك البلاد التي لفظتنا ولم تقدم لنا إلا العنف والنبذ والقتل والتهميش. أنا قدمت الكثير لسوريا، وكنت أقوم بأعمال تطوعية مع الأطفال والشباب لتأجيج روح الفن والحب والحياة والحرية. كنت أعيش مع أجيال متتابعة في عملي معلمة فنون في مدارس سوريا ومعاهدها وجامعاتها.

تحرير حلب كان فرحاً مشوباً بالخوف... أتابع ليل نهار كل وسائل التواصل. لم أعد أنام. عاد الأدرنالين للصعود مثل بدايات الثورة عام 2011 والترقب والحماس، وكنت أقول لنفسي إن لم يصلوا إلى دمشق لن أفرح. كنت ذلك اليوم أبكي، ولم أخرج إلى الشارع لأن دموعي كانت لا تتوقف.

فجأة الحلم عاد، واليأس اختفى، وصار عنا مستقبل مختلف. صار عندي وطن أعود إليه مع أبنائي وأحفادي. صار عندي أمل أعود لأعرف أين قتل ابني وأين رفاته، أعود لأقبل بناته حفيداتي اللاتي لم أرهن منذ سافرت.

* فنانة تشكيلية