أفاد المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها بأنه كلما تنقضي 17 ثانية يموت شخص في أوروبا جراء إصابته بفيروس كورونا المستجد، الذي اقترب عدد ضحاياه من مليون ونصف المليون، وزاد عدد الإصابات المؤكدة به عن 62 مليوناً. في غضون ذلك أعلنت المفوضية، صباح أمس، أنها ستنشر غداً (الأربعاء)، حزمة التوصيات الموجهة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي استعداداً لفترة أعياد الميلاد ورأس السنة التي قالت رئيسة المفوضية إنها تشكل خطراً كبيراً من حيث احتمال تحولها إلى حاضنة لموجة وبائية ثالثة يجب تفاديها مهما كلف الأمر.
تأتي هذه التوصيات التي ليست إلزامية لكون الصلاحيات في قطاع الصحة مقصورة على حكومات الدول الأعضاء، ضمن «استراتيجية الحفاظ على السلامة» التي تهدف إلى تنسيق التدابير التي تتخذها البلدان لاحتواء الوباء، خلال فترة الأعياد المقبلة، منعاً لحدوث موجة ثالثة بدأت تظهر بوادرها في بعض البلدان منذ مطالع الأسبوع الماضي. وتقول مصادر المفوضية إن الهدف الأساس من هذه الاستراتيجية هو عدم تكرار الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها جميع الدول الأعضاء في الصيف الماضي، بعد السيطرة على المرحلة الأولى من الوباء عندما رفعت معظم تدابير الوقاية والاحتواء، وتفادي تبديد المكاسب المهمة التي تحققت خلال الشهرين الماضيين بفضل تضحيات اقتصادية ونفسية كبيرة.
كان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية قد حذر من أن الاحتفالات التي تجري تقليدياً خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، ومعظمها داخل المنازل والأماكن المغلقة بسبب من طبيعة الطقس في فصل الشتاء، من شأنها أن تتحول إلى ناقل قوي للفيروس الذي ما زال يتمتع بطاقة عالية على السريان، كما يتبين من الأرقام الأخيرة. ويوصي الخبراء في التقرير الأخير الذي صدر عن المركز يوم الجمعة الماضي، بحظر الاحتفالات العائلية والشعبية والدينية الكبيرة خلال فترة الأعياد، وإلا عاد الوباء للانتشار بكثافة مع مطلع السنة المقبلة في كافة أنحاء القارة الأوروبية. ويشددون على وضع قواعد واضحة تضمن التباعد حتى في التجمعات الصغيرة، وفرض استخدام الكمامات الواقية في الشوارع والأماكن العامة.
ومن المتوقع أن تطلب المفوضية من الدول الأعضاء فرض حظر التجول الليلي، أو الحفاظ عليه في البلدان التي تطبقه حالياً، منعاً للتجمعات الليلية الحاشدة التي كانت أحد الأسباب الرئيسية التي مهدت في الصيف الماضي لموجة الوباء الثانية. وينتظر أن توصي المفوضية أيضاً بتفادي الاحتفالات الدينية الكبيرة، والاستعاضة عنها باحتفالات عبر الشبكة الإلكترونية أو عن طريق الإذاعة والتلفزيون. وفي حال قررت الحكومات السماح بالاحتفال في الكنائس، تقترح المفوضية الحفاظ على مسافة التباعد بين المصلين، واستخدام الكمامات الواقية، والاستغناء عن الإنشاد الديني، الذي يقول الخبراء إنه يزيد من معدل سريان الفيروس عبر الهواء. وأمام التعثر في الوصول إلى صيغة لتنسيق أنشطة الترفيه والرياضات الشتوية، التي تؤيد إيطاليا وفرنسا وألمانيا إلغاءها ضمن خطة مشتركة، فيما تصر النمسا على المضي بها، من المنتظر أن تترك المفوضية، التي لا تملك صلاحيات في هذا المجال، للدول الأعضاء، أن تنسق فيما بينها تدابير إدارة هذه الأنشطة. كما ستوصي بتفادي السفر بدواعي السياحة لاعتباره عاملاً مساعداً على انتشار الوباء، وبعدم فرض قيود إضافية على السفر بين البلدان داخل الاتحاد، نظراً لتشابه المشهد الوبائي في معظم الدول الأعضاء، وفي حال فرض تدابير الحجر الصحي تقترح ألا تتجاوز مدته سبعة أيام.
ومن التوصيات التي ما زال خبراء المفوضية والمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية يدرسونها ويتشاورون بشأنها مع الدول الأعضاء، ما يتعلق منها بالمدارس التي رغم كل التدابير المتخذة، تشكل حاضنة لانتشار الفيروس وارتفاع عدد الإصابات. ومن المنتظر أن تقترح المفوضية تحديد «فترة عازلة» تفصل بين نهاية الاحتفالات بالأعياد ومواعيد استئناف النشاط المدرسي، بحيث تمتد العطلة لأسبوعين أو ثلاثة بعد مطلع السنة المقبلة.
وعلى الجبهة اللقاحية، يعترف المسؤولون في المفوضية الأوروبية بأن مواعيد نزول الدفعات الأولى من اللقاحات إلى الأسواق ليست مؤكدة بعد، وأنه لا يوجد جدول زمني نهائي بتسليم كميات محددة من الجرعات التي اشتراها الاتحاد الأوروبي، أو حجزها، بموجب عقود لدى الشركات المنتجة. ولا تخفي مصادر المفوضية قلقها من احتمال الاضطرار لتكرار التجارب السريرية النهائية على اللقاح الذي تطوره جامعة «أكسفورد» لصالح شركة «آسترا زينيكا» بعد الانتكاسة الأخيرة، خصوصاً أن هذا اللقاح يشكل الرهان الرئيسي في خطة الاتحاد الأوروبي للحصول على اللقاحات.
وأمام هذا الغموض الذي ما زال يحيط بموضوع اللقاحات ومواعيد تسليمها وفعاليتها والتدابير والوسائل اللوجيستية اللازمة لتوزيعها، عمدت معظم الدول الأوروبية لشراء كميات تتجاوز احتياجاتها، تحسباً لمستجدات قد تطرأ وتؤخر خطط التوزيع أو تعرقلها.
ومن المستجدات التي تقلق السلطات الصحية في البلدان الأوروبية، احتمال الاضطرار لتكرار اللقاح في حال عدم الحصول على الفعالية المتوقعة، أو تلف لقاحات بسبب من عدم حفظها بالشكل المناسب، أو عدم إعطائها بالطريقة الصحيحة، نظراً لكونها تقتضي استخدام حقن بالغة الدقة ومهارات فنية عالية.
وفيما تقول مصادر مسؤولة في المفوضية، إن الاتحاد الأوروبي أبرم عقوداً مع ست شركات للحصول على ملياري جرعة لقاحية، توقع مدير المعهد الأعلى للصحة في إيطاليا فرنكو لوكاتلي، أن تبدأ الوكالة الأوروبية للأدوية بالنظر في طلبات الموافقة النهائية على اثنين من اللقاحات التي يجري تطويرها بتقنية «RNA» قبل نهاية الأسبوع الحالي، على أن يبدأ توزيع اللقاحات على الفئات الأكثر تعرضاً اعتباراً من منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل.
المفوضية الأوروبية تعلن غداً توصياتها لتفادي موجة ثالثة
تلافياً لأخطاء الصيف الماضي
المفوضية الأوروبية تعلن غداً توصياتها لتفادي موجة ثالثة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة