لبنان يفعّل «عودة السوريين» بعد أشهر من جمود الملف

TT

لبنان يفعّل «عودة السوريين» بعد أشهر من جمود الملف

بعد أشهر من الجمود في ملف عودة اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلادهم وفيما يتحضّر لبنان لاستضافة مؤتمر دولي على أراضيه في هذا الصدد، يُعاد هذا الأسبوع تفعيل اللجنة المكلفة بالموضوع التي تضم بشكل أساسي وزارات الشؤون الاجتماعية والداخلية والبلديات والخارجية، بحسب ما أكّد المشرف العام على الخطة الوطنية اللبنانية للاستجابة لأزمة النازحين عاصم أبي علي.
وأوضح أبي علي لـ«الشرق الأوسط» أنّ «اللجنة ستعود لمتابعة استكمال العمل على الخطّة التي وضعت في يوليو (تموز) الماضي بعد أشهر من التوقّف بسبب جائحة كورونا والانشغال بانفجار المرفأ وطبعاً استقالة الحكومة وتحوّلها إلى حكومة تصريف أعمال»، مشيراً إلى أن «العمل على الخطة كان ينتظر تشكيل حكومة جديدة، إلا أنّ لبنان ما عاد يملك ترف الوقت ورفاهية الانتظار، لذلك سيستكمل العمل انطلاقاً من الخطة مع التركيز بداية على إزالة العقبات وترتيب قاعدة البيانات وتحفيز العودة والتنسيق مع الدولة السورية من أجل ضمانات أمنية لعودة آمنة، وذلك بهدف العودة الجماعية وبصفة طوعية».
وكان مجلس الوزراء اللبناني أقرّ قبل استقالة الحكومة «ورقة السياسة العامة لعودة النازحين» السوريين التي كانت أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعيّة، وترتكز على 8 مبادئ أساسية، أبرزها «التمسك بحق النازح السوري في العودة ورفض التوطين، وفق ما نص عليه الدستور اللبناني، وعدم الإعادة القسرية أو ربط عودة النازحين بالعملية السياسية في سوريا»، كما ذكّرت الخطة بـ«ترحيب الدولة السورية بعودة السوريين كافة، واستعدادها لبذل ما يلزم لتسهيل إجراءات هذه العودة».
وشدّد أبي علي على دور المجتمع الدولي في موضوع إعادة النازحين، متمنياً أن يرعى هذه العودة ويفعّلها. وأشار إلى أن 70 في المائة من المواليد السوريين في لبنان منذ 2011 غير مسجلين رسمياً.
ويشكل السوريون ثلث سكان لبنان الذي يستضيف أكبر نسبة من اللاجئين السوريين نسبة إلى عدد سكانه، إذ تقدر الحكومة وجود 1.5 مليون لاجئ سوري، لا يتعدى عدد المسجلين منهم لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 885 ألفاً.
ملف عودة السوريين شهد أيضاً جموداً على ضفّة الأمن العام الذي كان رعى ومن خلال آليّة خاصة عمليات لإعادة النازحين عبر دفعات متتالية، آخرها كان قبل أكثر من شهرين، حسب ما أوضح مصدر مسؤول في الأمن العام، لفت إلى أنّ سبب التوقّف كان بشكل أساسي متعلقا بجائحة «كورونا» التي أعاقت تأمين اللوجيسيتيات اللازمة.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إنّ «جمود العودة مؤقتاً ضمن آلية الأمن العام لا يعني أبداً أنّ العودة توقّفت، فالإجراءات المسهلّة على الحدود مستمرة لمن يريد أن يعود طوعاً إلى سوريا إذ يمكنه حتى تسوية أوضاعه على الحدود من دون أي عوائق». ولفت إلى أنّ «هذه التسهيلات أعطت نتيجة جيّدة إذ تجاوز عدد الذين عادوا إلى بلادهم منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 حتى 12 نوفمبر الحالي عبر الحدود بصفة شخصية 12 ألفاً».
أما الذين غادروا في إطار الآلية التي وضعها الأمن العام فبلغ عددهم 15 ألفاً و626 كانوا مسجلين كلاجئين و5379 غير مسجلين. وفي الإطار نفسه، يلفت المصدر إلى أنّ هناك عدداً كبيراً أيضاً خرج من لبنان إلى بلد ثالث تأمّن لهم عن طريق المفوضية وأنّ عددهم بلغ 91 ألفاً و404 منذ مايو (أيار) 2011 إلى الشهر الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».