الجيش الإثيوبي يعلن «السيطرة الكاملة» على عاصمة تيغراي

أديس أبابا تهدد الدبلوماسيين الأجانب بالطرد «إذا تعاونوا مع الأعداء»

لاجئون إثيوبيون في معسكر أم راكوبة بولاية القضارف شرق السودان أمس (أ.ف.ب)
لاجئون إثيوبيون في معسكر أم راكوبة بولاية القضارف شرق السودان أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإثيوبي يعلن «السيطرة الكاملة» على عاصمة تيغراي

لاجئون إثيوبيون في معسكر أم راكوبة بولاية القضارف شرق السودان أمس (أ.ف.ب)
لاجئون إثيوبيون في معسكر أم راكوبة بولاية القضارف شرق السودان أمس (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإثيوبي أمس (السبت) السيطرة على مدينة ميكلي، حاضرة إقليم تيغراي، والمعقل الأخير لقادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي المتمردة على الحكومة المركزية في أديس أبابا. وجاءت السيطرة عليها بعد تقدم قوات الجيش نحوها من ثلاث جبهات وانتزاعه عدداً من المواقع الاستراتيجية في محيطها.
وذكرت وكالة «رويترز» أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قال في بيان على صفحته على «تويتر»: «الحكومة الاتحادية تسيطر الآن بشكل كامل على مدينة ميكلي». وجاء ذلك بعد بيان مماثل من رئيس أركان الجيش على الصفحة الرسمية للجيش على «فيسبوك». وقال رئيس الأركان برهانو جولا فيبيان في بيان مساء السبت إن القوات الاتحادية الإثيوبية «سيطرت بالكامل» على ميكلي عاصمة إقليم تيغراي.
وقالت السلطات في وقت سابق أمس إن القوات الحكومية في المرحلة الأخيرة من هجوم على الإقليم ولن تدخر جهداً في حماية المدنيين في ميكلي التي يقطنها نحو نصف مليون نسمة.
ولم يصدر تعليق فوري من قوات تيغراي التي تقاتل القوات الحكومية في ذلك الإقليم الشمالي.
وقبل ذلك، أفاد بيان صادر عن «قوات الدفاع الإثيوبية»، نقلته وكالة الأنباء الرسمية «أينا» أمس، بأن الجيش سيطر على مدن حوزين، النجاشي، أديغيه، ماي مسانو، وقرو، بعدما انتزعها من قبضة قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، ما يمهد لبدء حسم «معركة ميكلي».
وتطلق حكومة أديس أبابا على القتال في تيغراي «عملية إنفاذ القانون»، وتقول إن المعارك بدأت الخميس بعد نهاية المهلة المحددة بـ72 ساعة لاستسلام قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. ونقلت «أينا» عن رئيس قسم التدريب للجيش الإثيوبي الفريق حسن إبراهيم إن المرحلة الأخيرة من العملية «ناجحة، وتم تحرير المزيد من البلدات في الإقليم من المجلس العسكري»، وتابع: «قوات الدفاع أحكمت الحصار على ميكلي من عدة اتجاهات، وبعد سيطرتها على مواقع استراتيجية، لا يمكن أن يفلت منها قادة الجبهة».
وأوضح أن قواته تتقدم نحو «جبل مسبو» القريب جداً من ميكلي، وأن قوات أخرى اندفعت في المحور الثاني من «عديغرات» إلى مناطق سنكاتا، النجاشي، وكرو، وفي المحور الثالث سيطرت القوات على منطقتي أديكية وهيوان.
من جهة أخرى، أشارت تقارير إعلامية إلى إطلاق نحو 4 صواريخ أرض - أرض باتجاه العاصمة الإريترية أسمرا، يرجح أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي أطلقتها، دون أن تعلن المسؤولية عن الهجوم الصاروخي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسيين في أسمرا تأكيد وقوع الهجوم الثاني على إريتريا، وأن صاروخا على الأقل سقط جنوب أسمرا، دون توافر معلومات عن الخسائر أو الضحايا. وتتهم جبهة تيغراي حكومة آبي أحمد بالحصول على الدعم من إريتريا، وهو ما نفته حكومة أسمرا، وذلك بعد اعتراف رئيس جبهة تحرير تيغراي دبرصيون جبرمكائيل باستهداف العاصمة الإريترية بالصواريخ بعد بداية المواجهات.
من جهته، قال دبرصيون جبرمكائيل زعيم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في رسالة نصية نشرتها «رويترز» إن ميكي تحت «قصف عنيف». وذكر في رسالة نصية لاحقة أن الجيش الإثيوبي يستخدم المدفعية في الهجوم.
وقالت بيليني سيوم، المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء، إن «القوات الإثيوبية لا تنفذ مهمة لقصف مدينتها وشعبها. تظل ميكلي واحدة من أهم المدن الإثيوبية وجهود تقديم الزمرة الإجرامية للعدالة لا تنطوي على (قصف) تمييزي مثلما تلمح الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وأبواقها الدعائية». وأضافت: «سلامة الإثيوبيين في ميكلي وإقليم تيغراي ما زالت أولوية للحكومة الفيدرالية». وأبلغ آبي أحمد مبعوثي سلام أفارقة أول من أمس بأن حكومته ستحمي المدنيين في تيغراي، لكنه أشار إلى أنه يعتبر الصراع شأناً داخلياً وترفض حكومته حتى الآن محاولات الوساطة.
إلى ذلك، حذرت رسالة أرسلت إلى السفارات في أديس أبابا أول من أمس، الملحقين العسكريين من أنهم سيكونون عرضة للطرد إذا تواصلوا مع أعداء لإثيوبيا لم تحددهم بالاسم. وقالت الرسالة: «بعض الملحقين العسكريين يعملون مع من يهددون أمن البلد ومدرجين في قائمة سوداء ومطلوبين بموجب أمر من المحكمة». وتحمل الرسالة، حسب «رويترز»، توقيع الجنرال بولتي تاديسي مسؤول العلاقات الخارجية في وزارة الدفاع. وقالت المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء إنها لا تستطيع الرد على أسئلة حول الرسالة.
من جهة أخرى، وصفت الحكومة السودانية استجابة المنظمات الدولية للأوضاع الإنسانية الحرجة التي يعانيها اللاجئون الإثيوبيون بـ«الضعيفة»، وقالت إنها قدمت كل ما يمكنها. وقال وكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية محمد الشابك، لدى زيارته لمخيم «أم راكوبة» الذي يأوي اللاجئين الفارين من القتال في تيغراي، إن الوضع الإنساني في المعسكر سيئ وغير مقبول، وبحاجة لتدخل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية. وأوضح أن حكومته قدمت التسهيلات اللازمة للمنظمات لتقديم المساعدات للاجئين الإثيوبيين، إلا أن ضعف استجابتها أدى لتفاقم الأوضاع الإنسانية وشكّل ضغطا على السودان الذي قدم كل ما يمكنه.
وبدوره، وصل المفوض السامي لشؤون اللاجئين «فيليبو غراندي» معسكر أم راكوبة ووقف على أوضاع اللاجئين الإثيوبيين بمناطق القلابات الشرقية في ولاية القضارف السودانية. ووفقاً لوكالة الأنباء الرسمية «سونا» عقد غراندي اجتماعا مع المنظمات الدولية والمحلية، العاملة بالمعسكر، وتفقد غرفة ممارسة «الرضاعة الطبيعية» في طوارئ الأطفال بالمعسكر، والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و12 عاماً، إضافة للمركز الصحي. ووصل غراندي ولاية كسلا أول من أمس، وعقد اجتماعات مع حكومة الولاية، وسجل زيارة لمعسكر حمداييت، وعقد اجتماعاً آخر صباح أمس مع حكومة ولاية القضارف، قبل زيارته لمعسكر أم راكوبة. وقال غراندي في تصريحات إنه يشعر بقلق عميق إزاء 100 ألف لاجئ إريتري في إثيوبيا وما سماه بتقارير غير مؤكدة عن أعمال عنف ضدهم. وأضاف لـ«رويترز»: «أريد حقاً مناشدة الحكومة الإثيوبية التحلي بأقصى قدر من المسؤولية... لقد كانوا على الدوام حكومة مسؤولة للغاية، وهم يعرفون كيفية التعامل مع اللاجئين. ويجب أن يستمر هذا أيضاً للإريتريين في تيغراي».
واستأنف عدد من الفارين عبور الحدود السودانية، بعد توقف مؤقت بسبب سيطرة قوات إثيوبية على المنطقة الحدودية، وقال شهود إن نحو 500 إلى 1000 يعبرون الحدود السودانية مشياً على الأقدام يومياً، ليبلغ العدد نحو 45 ألف لاجئ ولاجئة معظمهم من النساء والأطفال.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».