رئيس الحكومة التونسية يُحمّل الجميع مسؤولية الفشل الاجتماعي والاقتصادي

رئيس الحكومة التونسية يُحمّل الجميع مسؤولية الفشل الاجتماعي والاقتصادي
TT

رئيس الحكومة التونسية يُحمّل الجميع مسؤولية الفشل الاجتماعي والاقتصادي

رئيس الحكومة التونسية يُحمّل الجميع مسؤولية الفشل الاجتماعي والاقتصادي

خلال الجلسة البرلمانية العامة، التي خصصت أمس للنظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الاقتصادي، ومشروع قانون المالية لسنة 2021، حمّل رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، كل الأطراف السياسية والاجتماعية المسؤولية عما «آلت إليه الأوضاع الكارثية في تونس».
وقال المشيشي في بيان الحكومة، الذي يسبق النقاشات البرلمانية حول الميزانية، إن تونس تعيش أزمات متعددة ومتشعبة، مؤكداً أن الوضع الصحي ليس الأزمة الوحيدة التي تواجهها تونس، بل هناك أزمة اقتصادية صعبة واجتماعية حادة. مشدداً على أن الحل «يكمن في الدولة المسؤولة والهادئة والمستثمرة، وهو سبيل التمكين والإنجاز».
وبخصوص التحركات الاجتماعية المطالبة بالتنمية والتشغيل، قال المشيشي إن حكومته لا تطرح معالجة الحراك الاجتماعي وفق مقاربة أمنية، بل وفق رؤية تنموية تشاركية شاملة. مبرزا أن «زمن التعاطي الأمني الصرف ولى وانتهى، والديمقراطية تقتضي وجوباً إشراك الجميع، ليس بمنطق الحاكم والمحكوم، بل بمنطق التشارك في بناء الوطن وفق رؤية تنموية شاملة»، وأكد في هذا السياق سعي حكومته للتنسيق مع مختلف الهياكل المركزية والجهوية والمحلية ومع المنظمات الوطنية لتحقيق التنمية.
في المقابل، أكد المشيشي أن حكومته لن «تخضع للابتزاز والمحاولات البائسة للي الذراع»، كاشفاً أن تونس ستواجه العنف بقوة القانون، باعتبار أن التنمية لا تتحقق إلا في مناخ هادئ تتضافر فيه مجهودات الجميع.
وبخصوص أهم الإجراءات التي تضمنها قانون المالية الجديد، قال المشيشي إن هذه الإجراءات من شأنها أن تدفع التنمية في الجهات، مشيرا إلى دعم نفقات التنمية، وإصلاح منظومة الدعم الذي طال انتظاره وتوجيهه إلى مستحقيه الفعليين، ومواصلة الإصلاح الجبائي، وإصلاح الإدارة والتشجيع على الاستثمار والتصدي للتهرب الجبائي.
وخلافاً لتوجه المشيشي نحو مصارحة التونسيين بحقيقة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتوجه نحو التهدئة، دعا راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة الإسلامية إلى إجراء حوار «وطني شامل وعاجل، يجمع الحكومة والبرلمان والمنظمات الاجتماعية والمهنية والأحزاب السياسية». معتبراً أن هذا الحوار «بات يمثل ضرورة ملحة، وهو كفيل بوقف التأزم، وضامن لوضع البلاد على سكة الإصلاحات الكبرى. الإصلاح يكون عنوانه الأساسي الأولويات الاقتصادية والاجتماعية وسبيل تحقيقها، ضمانا لأمن الوطن ونجاح المسار الديمقراطي وتحسين ظروف العيش».
وأوضح الغنوشي أن مطالب التنمية الجهوية والعدالة الاجتماعية، وتحسين ظروف العيش، مطالب مشروعة لأبناء الشعب، قائلاً: «رغم أن هناك إجماعاً على أن هذه المطالب مشروعة، فإن صيغ التعبير عنها لا يجب أن تمس السلم الأهلي ووحدة الدولة واستقرار مؤسساتها».
يذكر أن عدة ولايات تونسية شهدت خلال هذا الأسبوع احتجاجات اجتماعية كبيرة للمطالبة بالتنمية والاستثمار، والتنديد بتدهور الاقتصاد والخدمات الاجتماعية، وارتفاع نسب الفقر والبطالة، وتدهور البنية التحتية، وحملوا الحكومات المتعاقبة بعد 2011 مسؤولية الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب.
من جهته، قال نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال)، إن الاتحاد «لن يقبل بهذا الانهيار الشامل الذي تعيشه البلاد على كل المستويات... وسنكون في الموعد في الساعات والأيام المقبلة لتعديل البوصلة»، وحمّل جميع الحكومات المتعاقبة مسؤولية تدهور الأوضاع في تونس على كل المستويات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».