عقد وزراء خارجية الدول الأعضاء في «الاتحاد من أجل المتوسط» اجتماعاً افتراضياً، أمس (الجمعة)، تزامن مع الذكرى الـ25 لإطلاق «عملية برشلونة».
وترأس المنتدى الإقليمي للاتحاد من أجل المتوسط كل من جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وأيمن الصفدي وزير الخارجية والمغتربين الأردني. وشارك في الجلسة الافتتاحية ملك إسبانيا فيليب السادس، ووزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني أرانشا غونزاليس لايا. كما شارك في المنتدى أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط ناصر كمال، ووزراء خارجية دول الجوار الجنوبي، ووزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
وبحث الوزراء التحديات المشتركة التي طرحتها جائحة «كوفيد - 19»، وسبل إعادة البناء الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وحماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. واتفق الوزراء على توجيه الجهود المشتركة نحو المزيد من تكامل الاقتصادات من خلال تعزيز التجارة والاستثمار، وتشجيع العمل المناخي، واعتماد النماذج المستدامة للنمو، ودعم التحول الرقمي، مع الاستمرار في جهود تمكين المرأة والشباب.
اليوم الدولي للبحر الأبيض المتوسط
أعلنت الدول الأعضاء في الاتحاد عن تحديد يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام ليكون «اليوم الدولي للبحر الأبيض المتوسط»، بغية ترسيخ هوية متوسطية مشتركة، وتعزيز التبادل الثقافي واحتضان التنوع في المنطقة، وترسيخ التعاون والتكامل في المنطقة الأورو - متوسطية.
وقال الأمين العام للاتحاد ناصر كامل، رداً على سؤال «الشرق الأوسط» حول تأثير الجائحة على التعاون الأورو - متوسّطي، إن «الدول الأعضاء في الاتحاد أطلقت مبادرة لخلق فرص عمل جديدة لشباب المنطقة، سعياً لمواجهة التداعيات الاقتصادية لوباء «كوفيد - 19». وأكّد أن «الاجتماع الوزاري المقبل حول مكافحة التغير المناخي سيبحث سبل إعادة البناء الاقتصادي بشكل لا يؤثر سلباً على البيئة». واعتبر كامل أن جهود مكافحة الجائحة وتداعياتها عززت التعاون متعدد الأطراف، وأوضح: «الجائحة جعلتنا ندرك الحاجة للعمل المشترك، وإعادة البناء بشكل أفضل، وأن الحدود لا تحمي من الجائحات، والتغير المناخي». وأضاف كامل أنه «مقتنع بأن التعاون متعدد الأطراف، بما في ذلك في دول الاتحاد من أجل المتوسط، يزدهر بفضل رغبتنا المشتركة للعمل معا في مواجهة التحديات».
وتسعى دول الاتحاد إلى معالجة التفاوت الكبير بين دول الشمال والجنوب من ضفّتي المتوسط، إذ لفت بوريل إلى أن وضع منطقة المتوسط اليوم أسوأ مما كان عليه قبل 25 عاماً. وقال: «لم يتم حل أزمات قديمة، فيما ظهرت أزمات وتوترات سياسية جديدة خلقت عراقيل إضافية أمام التعاون في المنطقة».
من جهته، قال الأمين العام للاتحاد، إن الذكرى الـ25 لعملية برشلونة التي أطلقت لتعزيز العلاقات بين أوروبا ودول جنوب المتوسط «تأتي بينما تشهد المنطقة اضطرابات كبيرة تتفاقم بسبب أزمة صحية عالمية غير مسبوقة ذات آثار اقتصادية واجتماعية شديدة»، لافتاً إلى أن جائحة «كوفيد - 19» تعد تذكيرا صارخا بالحاجة إلى تعاون ملموس عابر للحدود ويشرك القطاعات والشعوب.
واعتبر أنه «لا ينبغي لنا أن ننسى التقدم الذي تحقق بصعوبة خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، أو أن نتخلى عن استعادة الزخم الذي ميز حتى الآن مساعينا الجماعية، وبفضل رأس المال البشري والإمكانات الهائلة للمنطقة، يجب أن تستمر قصتنا مدفوعة بالأمل ونحن نبني المستقبل الذي نريد جميعاً أن نراه».
حل أزمات المنطقة
إلى جانب تعزيز التعاون وتنسيق جهود مكافحة الجائحة، بحث وزراء الخارجية الأزمات الإنسانية والصراعات المستمرة في المنطقة. وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في هذا الإطار، إن الأزمة السورية لا يمكن أن تبقى «جرحاً ينزف قتلاً وألماً ودماراً، ويجب حل الأزمة الليبية قبل فوات الأوان». وأكد أن «تفعيل جهودنا للتوصل لحلول سياسية لهاتين الأزمتين تعيد لهذين البلدين الرئيسين في الجوار المتوسطي أمنهما واستقرارهما مسؤولية أخلاقية وإنسانية، ومصلحة مشتركة»، كما نقلت عنه «وكالة الأنباء الأردنية».
وتوقّف الصفدي عند الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وقال: «لن يتحقق السلام الشامل والعادل القادر على إطلاق طاقات شعوبنا في جنوب المتوسط ما لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967. على أساس حل الدولتين ووفق القانون الدولي، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل».
وتابع قائلاً إن «الاحتلال نقيض السلام، يمنعه ويقوض فرص تحقيقه. يتحقق السلام بالعودة إلى مفاوضات جادة للوصول لحل الدولتين، لا بفرض حقائق جديدة على الأرض، وبناء المستوطنات، وهدم البيوت ومحاصرة الأمل».
وفي ردّه على سؤال «الشرق الأوسط» حول فرص العودة إلى حل الدولتين في ظل إدارة أميركية جديدة، قال الصفدي: «للأسف، فإن آفاق حل الدولتين تضيق بسبب أفعال إسرائيلية غير مشروعة، على غرار توسيع وبناء مستوطنات، وتدمير بيوت، ومصادرة أراض، وغياب الآفاق السياسية خلال السنوات الماضية».
وتابع قائلاً: «يرى الأردن أن حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق سلام شامل (...) وسنواصل العمل مع شركائنا لتحقيق تقدم في هذا الاتجاه، لأنه في حال تقويض حل الدولتين، يبقى الخيار الوحيد هو دولة واحدة، حيث تكون إسرائيل إما دولة ديمقراطية تضمن حقوقاً متساوية للفلسطينيين، أو دولة (أبارتايد) وهو ما لن تقبله أي دولة في العالم المتحضّر».
وأوضح: «وبالتالي، فإننا نسعى بالتعاون مع جميع شركائنا لخلق آفاق لإعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، والعمل على دعم حل الدولتين على أساس القانون الدولي». واستطرد الصفدي أن «الولايات المتحدة حليف استراتيجي للأردن، ولاعب أساسي في المنطقة والعالم»، لافتاً إلى أن بلاده «تتطلع للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة لخلق آفاق سياسية، وإعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، والتقدم، إلى جانب حلفائنا في أوروبا وبقية العالم، باتجاه حل الدولتين».