بريطانيا تختبر فحصاً للدم قد يكشف عن 50 نوعاً من السرطان

اختبار الدم «غاليري» سيتم تجربته مع 165 ألف مريض في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)
اختبار الدم «غاليري» سيتم تجربته مع 165 ألف مريض في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)
TT

بريطانيا تختبر فحصاً للدم قد يكشف عن 50 نوعاً من السرطان

اختبار الدم «غاليري» سيتم تجربته مع 165 ألف مريض في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)
اختبار الدم «غاليري» سيتم تجربته مع 165 ألف مريض في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)

تعتزم هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة تجربة اختبار دم بسيط، قد يكتشف أكثر من 50 نوعاً من السرطان، ومن المتوقع أن يساعد آلاف الأشخاص، من خلال السماح بعلاج المرض بشكل أكثر نجاحاً في مرحلة مبكرة، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وسيتم تجربة اختبار الدم «غاليري» الذي طورته شركة «غريل» للرعاية الصحية في كاليفورنيا، مع 165 ألف مريض، فيما وصفته هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا بأنه «الصفقة العالمية الأولى» في بيان صحافي أمس (الجمعة).
و«غريل» التي يركز عملها على اكتشاف السرطان مبكراً، مدعومة من قبل مستثمرين، بما في ذلك الملياردير التكنولوجي بيل غيتس، ومؤسس شركة «أمازون» جيف بيزوس.
وتأمل هيئة الخدمات الصحية الوطنية أن يكون اختبار الدم مفيداً بشكل خاص في تحديد أنواع السرطان التي يصعب حالياً تشخيصها وعلاجها مبكراً.
وقال سيمون ستيفنز، الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، إن «الاكتشاف المبكر؛ خصوصاً للحالات التي يصعب علاجها مثل سرطان المبيض والبنكرياس، لديه القدرة على إنقاذ عديد من الأرواح».
وأضاف أن أكثر من ألف شخص يتم تشخيص إصابتهم بالسرطان كل يوم في المملكة المتحدة.
وسيشمل البرنامج التجريبي، المقرر أن يبدأ في منتصف عام 2021، 165 ألف شخص، من بينهم 140 ألفاً تتراوح أعمارهم بين 50 و79 عاماً، ولا تظهر عليهم أعراض، ولكنهم سيخضعون لفحوصات دم سنوية على مدى ثلاث سنوات.
وقال البيان الصحافي إن المشاركين المتبقين، البالغ عددهم 25 ألفاً، سيكونون أشخاصاً يعانون من أعراض السرطان المحتملة، وسيُعرض عليهم فحص الدم لتسريع تشخيصهم بعد إحالتهم إلى المستشفى بالطريقة العادية.
وقالت هيئة الخدمات الصحية إنها تتوقع صدور النتائج بحلول عام 2023، وبعد ذلك من المأمول أن يخضع مليون شخص للاختبار بحلول عام 2025، مما يوسع الأمر ليشمل عدداً أكبر من السكان بعد ذلك.
في إنجلترا، يتم تشخيص حوالي نصف حالات السرطان حالياً في المرحلة الأولى أو الثانية؛ لكن هيئة الخدمات الصحية تهدف إلى زيادة ذلك إلى ثلاثة أرباع بحلول عام 2028، وفقاً للبيان الصحافي.
وقالت «غريل» بأنه وفقاً لبيانات النمذجة: «فإن إضافة اختبار (غاليري) إلى معيار الرعاية الحالي لديه القدرة على تقليل عدد السرطانات التي تم تشخيصها في مرحلة متأخرة بمقدار النصف تقريباً، مما قد يقلل العدد الإجمالي لوفيات السرطان في المملكة المتحدة، من خلال ما يقرب من الخمس».
وقال لورنس يونغ، أستاذ علم الأورام الجزيئي في جامعة «وارويك»، إن اختبار «غاليري» يعتبر واحداً من عدد من اختبارات الدم الجديدة التي يتم تطويرها للكشف عن السرطان في مرحلة مبكرة جداً، أي عندما يمكن علاجه بسهولة أكبر.
وتابع: «هناك عدد من التجارب التي تقيِّم هذا النهج، ومنشور يفحص اختبار (غاليري) في 6689 مشاركاً، وقد حقق نتائج مشجعة للغاية في أكثر من 50 نوعاً مختلفاً من السرطان في مراحل مختلفة من التطور».
ومع ذلك، لا يتفق جميع خبراء السرطان على أن هيئة الخدمات الصحية يجب أن تجرِّب اختبار الدم «غاليري». وقال بول فارواه، أستاذ علم الأوبئة السرطانية بجامعة «كامبريدج»، إن لديه شكوكاً حول الأساس العلمي للتجربة بناءً على الأبحاث المنشورة المحدودة المتاحة.
وأوضح إن «اختبار (غاليري) قد يكون قادراً على اكتشاف السرطان في الدم لدى الأفراد المصابين بالسرطان المبكر، على الرغم من ضعف الدليل على أنه يقوم بذلك بشكل فعال. لا ينبغي أن تستثمر هيئة الخدمات الصحية في مثل هذا الاختبار قبل أن يتم تقييمه بشكل كافٍ في تجارب سريرية جيدة التنفيذ واسعة النطاق».
ومن جهتها، قالت ميشيل ميتشل، الرئيسة التنفيذية لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إن الاختبارات مثل تلك التي طورتها شركة «غريل»، لديها «إمكانات تحويلية كبيرة» إذا أثبتت فعاليتها في اكتشاف السرطان في وقت مبكر.


مقالات ذات صلة

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

صحتك التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

كشف كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا عن أن «الصحاري الغذائية» في المدن إلى جانب إعلانات الوجبات السريعة تتسببان في عيش الأطفال حياة «أقصر وغير صحية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة جديدة تشير إلى إمكانية علاج مرض قصور القلب (ميديكال إكسبرس)

علاج ثوري جديد لقصور القلب... والتعافي غير مسبوق

تاريخياً، عُدَّت الإصابةُ بقصور القلب غير قابل للعكس، لكن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن هذا قد يتغير يوماً ما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
TT

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)

ليست الوثائقيات المخصصة لاستكشاف أعماق البحار مادّةً تلفزيونية جديدة، فأول هذه الأعمال يعود إلى عام 1954. ومع مرور السنوات، توالت تلك الأفلام الوثائقية إلى أن باتت تُعَدّ بالآلاف وتملأ شاشات التلفزيون ومنصات البث. صحيح أنّها مادّة عابرة للأزمنة ولا يُملّ منها، غير أنه صار من الصعب إنتاج وثائقي آخر عن عالم ما تحت الماء، وتقديم محتوى جديد ومختلف عمّا سبق.

لعلّ التميّز والاختلاف هما أكثر ما سعى إليه فريق عمل «Our Oceans (محيطاتنا)»، السلسلة الوثائقية الجديدة التي تُعرض على «نتفليكس». وقد اجتمعت عناصر كثيرة لتحقّق هذا الهدف؛ بدءاً باللقطات الحصريّة للمخلوقات البحريّة التي جرى تصويرها بتكنولوجيا تُستَخدم للمرة الأولى ومن مسافاتٍ قريبة جداً، وليس انتهاءً بصوت الراوي... باراك أوباما شخصياً.

وما بين هاتين الميزتَين، عناصر أخرى كثيرة تجعل من مشاهَدة «Our Oceans» تجربة استثنائية، لا تختلف كثيراً عن متابعة مسلسل مشوّق وزاخرٍ بالمؤثّرات البصريّة.

تُخصَصُ كلٌ من الحلقات الـ5 لأحد محيطات هذا العالم، بدءاً بالمحيط الهادئ، وصولاً إلى الجنوبي، مروراً بالهندي والأطلسي والمتجمّد. يقول الراوي إنّ تيّاراً يسافر بين تلك المحيطات ويجعل منها عالماً واحداً. لكن بين الحلقة والحلقة، تختلف السرديّات وتتنوّع المَشاهد، لتبقى نبرة الراوي ثابتةً ومُريحة للسمع.

ليس من المنصف مقارنة موهبة أوباما الصوتيّة بأيقونة وثائقيات الطبيعة، المذيع والعالِم البريطاني ديفيد أتينبورو. فالأخير رائدٌ في مجاله وأحد مؤسسي هذا النوع من الأعمال التوثيقية، بينما أوباما حديث العهد في هذا المجال. قد يغرق الرئيس الأميركي الأسبق في السرد الرتيب أحياناً، إلا أنه يحاول جاهداً أن يجعل من صوته مرآةً للصورة المذهلة، لاجئاً إلى التلوين في النبرة، وإلى خفّة الظلّ المثيرة للابتسام، وإلى التفاعل الصوتيّ البارز مع المَشاهد المُدهشة. فأوباما، إلى جانب كونه موهبة تلفزيونية صاعدة، مدافعٌ شرس عن البيئة البَحريّة، هو الذي ترعرع في جزيرة هاواي الأميركية.

صُوّر الوثائقي بتكنولوجيا متطوّرة أتاحت الاقتراب من الكائنات البحريّة بشكل غير مسبوق (نتفليكس)

يتلاقى صوت أوباما مع نصٍّ كُتبَ بحنكةٍ وإحساسٍ عاليَين، مع لمسةٍ لافتة من الفكاهة. تتميّز السلسلة الوثائقية بسرديّتها التي لا تُشبه النصوص المرافقة عادةً لهذا النوع من المحتوى، وهي ترتكز إلى تقنية الكتابة على الصورة، أي استلهاماً ممّا تقدّمه المحيطات وكائناتها من مَشاهد مذهلة. في «Our Oceans»، تتحوّل الكائنات البَحريّة إلى شخصيات، لكلٍّ منها قصة بما فيها من كفاح وتحديات ومشاعر وعلاقات صداقة وعداوة. وأمام هكذا نص على قدرٍ عالٍ من الإنسانية، لا بدّ للمُتفرّج من أن يتماهى مع المواقف التي تواجه المخلوقات المائية والطيور البَحريّة.

في المحيط الهنديّ، يتعرّف المُشاهد إلى أنثى الحوت التي تسعى جاهدةً لأكل ما تستطيع، من أجل إرضاع صغيرها المولود حديثاً الذي يستهلك الكثير من الحليب. أمّا في المحيط الأطلسي، فيجهّز ذكور سمكة الفرّيدي الأرض لاستقبال إناثها من أجل أن تضع بيضها. تتنافس الأسماك فيما بينها لترتيب المكان وتنظيفه من كل ما قد يزعج الإناث، كالأعشاب والأصداف وحتى نجمات البحر.

يُدرك فريق «Our Oceans» أنّ المعلومات العلميّة وحدَها لا تُقنع الجمهور ولا تكفي لتُعلّقه في شرك العمل. لذلك فقد ارتأى أن يستند إلى المشاعر، من خلال ملاحقة الأسماك وسائر الحيوانات، وتصويرها ضمن مواقف يسهل التماهي البشري معها؛ كما أنثى الدب تلك في حلقة المحيط المتجمّد الشمالي، والتي تبحث بشراسة عن طريدةٍ ما من أجل إطعام صغيرها المتضوّر جوعاً.

ومن بين المَشاهد التي تذهل العين والفكر على حدٍّ سواء، ذاك الأخطبوط الصغير في المحيط الهندي، الذي يصرّ على العثور على طبقتين متجانستَين من إحدى الأصداف، كي يختبئ بينهما من عيون الأسماك المفترسة وأفواهها.

لا يعتمد الوثائقي بث المعلومات العلمية بقدر ما يرتكز إلى نص وتصوير زاخرَين بالمشاعر (نتفليكس)

ما يميّز السلسلة الوثائقية كذلك، مواكبتُها لسلوكيّات المجتمعات البَحريّة. تساعد في التقاط تلك المشاهد عن قُرب، تكنولوجيا متطوّرة جداً تُستخدم للمرة الأولى على هذا العمق. ولم تنتج عن ذلك التصوير الفريد متعة بصريّة فحسب، بل انهماكُ علماء البحار في تحضير 20 دراسة جديدة حول سلوكيّات الكائنات البحريّة، بناءً على ما شاهدوه ضمن السلسلة. مع العلم بأنّ 700 عالِم وباحث شاركوا في تحضير «Our Oceans».

من المواضيع المهمّة التي يلقي الوثائقي الضوء عليها، التلوّث البحري والآثار السلبية للتغيّر المناخي على المحيطات. يأتي ذلك انطلاقاً من الاهتمام الذي يوليه المنتجان المنفّذان، باراك وميشيل أوباما، للتوعية البيئية. وإذا كانت الحلقة الأولى مكرّسة لتصوير السِّحر البحري، فإنّ الحلقة الثانية والخاصة بالمحيط الهندي تُظهر كيف يمكن أن تتحوّل جنّة ما تحت الماء إلى حاوية نفايات ضخمة. وفي هذه الحاوية، كائناتٌ صغيرة وكبيرة تآلفت مع المواد البلاستيكية وسائر أشكال القمامة وباتت تقتات منها.

لا يغفل الوثائقي موضوع التلوّث البحري المتسببة به أيادي البشر (نتفليكس)

ليس الهدف من الوثائقي تجارياً بقَدر ما هو توعويّ إلى خطورة اليد البشريّة على جمال المحيطات. يجتاز فريق العمل 75 ألف ميل انطلاقاً من حب كبير للبحار والمياه التي تغطّي 71 في المائة من مساحة كوكب الأرض. على رأس الفريق، الثنائي الرئاسي الأميركي الأسبَق المنشغل منذ عام 2018 بمشروعٍ ترفيهيّ كبير، هو عبارة عن شركة إنتاج تُدعى Higher Ground.

اجتاز فريق العمل 75 ألف ميل واستعان بـ700 باحث وعالِم بحار (نتفليكس)

أنتجت شركة آل أوباما حتى اللحظة، أكثر من 20 مشروعاً تتنوّع ما بين أفلام روائية، ووثائقيات، ومسلسلات، وبرامج للأطفال، وبودكاست. وتُعتبر معظم تلك الإنتاجات هادفة، بما أنها تتضمّن رسائل توعويّة إنسانياً، وبيئياً، ومجتمعياً.

أمّا الموهبة الصاعدة التي يلوّن صوتُها بعض تلك الأعمال، أي باراك أوباما، فيبدو صاحبَ مستقبلٍ واعد في المجال. تُوّج مجهوده الصوتيّ بجائزة «إيمي» عام 2022 عن فئة أفضل راوٍ. وكان قد حاز سابقاً جائزتَي «غرامي» في الإطار ذاته.