الصدريون يبدأون الحملة الانتخابية مبكراً بصلاة موحدة

طموحهم مائة مقعد ورئاسة الوزراء

أنصار مقتدى الصدر في مظاهرة وسط بغداد أمس للتحشيد مبكراً للانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل (أ.ب)
أنصار مقتدى الصدر في مظاهرة وسط بغداد أمس للتحشيد مبكراً للانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل (أ.ب)
TT

الصدريون يبدأون الحملة الانتخابية مبكراً بصلاة موحدة

أنصار مقتدى الصدر في مظاهرة وسط بغداد أمس للتحشيد مبكراً للانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل (أ.ب)
أنصار مقتدى الصدر في مظاهرة وسط بغداد أمس للتحشيد مبكراً للانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل (أ.ب)

في وقت مبكر جداً على موعد الانتخابات المفترض (الشهر السادس من العام المقبل)، ومواعيد الحملات الدعائية، رمى التيار الصدري، أمس، ثقله بإقامة صلاة موحدة في بغداد وكل محافظات الوسط والجنوب استعداداً للانتخابات.
التيار الصدري الذي يملك الآن القائمة الأولى في البرلمان عبر تحالف «سائرون» بواقع 54 مقعداً، يسعى خلال الانتخابات المقبلة إلى رفع عدد مقاعده لتتخطى المائة مقعد مع طموح معلن لتولي منصب رئاسة الوزراء. زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دخل على خط التهيئة للانتخابات، وكذلك طموح أنصاره في حصد نحو ثلث مقاعد البرلمان (100 مقعد من 329)، معلناً أنه قد يصبح «في حل من قسمه» القاضي بعدم المشاركة في الانتخابات، في حال تأكد أن التيار الصدري سيفوز بالأغلبية وبرئاسة الوزراء.
وقال الصدر، الذي يحظى بشعبية واسعة وطاعة كاملة من قبل أنصاره، في تغريدة له، «إن بقيت وبقيت الحياة، سأتابع الأحداث عن كثب وبدقة، فإن وجدت أن الانتخابات ستسفر عن أغلبية (صدرية) في مجلس النواب، وأنهم سيحصلون على رئاسة الوزراء، وبالتالي سأتمكن بمعونتكم، وكما تعاهدنا سوية، من إكمال مشروع الإصلاح من الداخل، سأقرر خوضكم الانتخابات، فالسبب الذي أدى إلى قسمي بعدم خوض الانتخابات سيزول وأكون في حل من قسمي».
ولم يعلن خصوم التيار الصدري، لا سيما من الأحزاب الشيعية التي تتنافس معه في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، حتى الآن، موقفاً، سواء بشأن حجمها الانتخابي، أو من طموح الصدريين لحصد أكثر من نصف مقاعد الشيعة في البرلمان المقبل (100 مقعد)، أو أكثر من نحو 180 مقعداً للكتل والأحزاب الشيعية، الأمر الذي يعني أن الصدريين ينوون إقصاء عدد من القوى والأحزاب الشيعية التي لم تتمكن حتى حين تحالفت مع بعضها أن تقصي الصدريين من الموقع الأول في الانتخابات الماضية التي جرت عام 2018. وما عدا الدعوة التي بات يكررها زعيم «تيار الحكمة» وتحالف «عراقيون» عمار الحكيم، التي تتضمن بناء تحالف عابر للمكونات لخوض الانتخابات المقبلة، يبدو طبقاً لرغبة الصدريين ودخولهم الميدان بقوة عبر صلاة الجمعة أمس في بغداد وباقي المحافظات، أن التنافس سيكون قوياً بين مختلف الأطراف، لا سيما الشيعية منها. وفي هذا السياق، فقد أكد الصدر خلال كلمة تليت نيابة عنه في حشود المصلين: «نحن ملزمون بأن ندافع تحت قبة البرلمان بأغلبية صدرية مؤمنة بالإصلاح، ومؤمنة بالدين والعقيدة والوطن بأغلبية، مضحية بدنياها أمام دينها، ومضحية بنفسها أمام وطنها، لا تنحرف مقدار ذرة أمام مغريات الدنيا». وأضاف: «من حصن نفسه ليعينني بورع واجتهاد وعفة وسداد على إكمال المشروع، وبوحدة الصف والتعالي على الخلافات أو أطماع دنيوية، كما تعاهدنا سابقاً أمام أسوار المنطقة الخضراء لنصلح لرئاسة وزراء أبوية عادلة تحب وطنها، وتريد له الهيبة والاستقلال والسيادة والرفاهية بلا فاسدين ولا شغب ولا احتلال ولا إرهاب ولا انحراف».
وفي هذا السياق، يقول عضو البرلمان العراقي عن التيار الصدري الدكتور غائب العميري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مغزى الصلاة الموحدة هو نصرة لله وللعراق ولزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وكذلك استمرار الطاعة المعروفة للوطنيين العراقيين، ولأبناء التيار الصدري لخطوات الصدر عبر هذا التحشيد الجماهيري الكبير الذي يؤكد من خلاله الصدريون ومن معهم دعمهم للصدر، واستعداداً للانتخابات المبكرة التي سوف تشهد حشوداً أكبر من التي تم تحشيدها الآن».
ورداً على سؤال بشأن المعطيات التي تجعل الصدريين واثقين من أنهم سيحصلون على مائة مقعد في البرلمان المقبل، يقول العميري إن «هناك عدة أسباب نعتقد من خلالها أننا سوف نحصل من خلالها على أكثر من 100 مقعد، وهي أولاً القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي يتمتع بها التيار الصدري، ثانياً قانون الانتخابات، وهو قانون عادل ومنصف، حيث سيكون بوابة لأن يكون للتيار الصدري أكثر المقاعد في البرلمان المقبل، ثالثاً هو الإصلاح الذي يتبناه الصدر».
وبشأن إعلانهم أن منصب رئيس الوزراء المقبل سيكون من حصتهم، يقول العميري «إننا ماضون في هذا الأمر لأننا نرى أن ذلك هو حقنا الطبيعي لكي يكون هناك تغيير حقيقي في مسار العملية السياسية، حيث تترتب على ذلك مسؤولية يتحملها التيار الصدري عبر المسؤولية التنفيذية الأولى».
أما رئيس تحالف «سائرون» في محافظة ديالى وعضو البرلمان العراقي برهان المعموري، فيقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «التيار الصدري يمتلك قاعدة جماهيرية هي الأكبر في المجتمع العراقي، وهذه القاعدة خاضت تجارب عديدة على مدار السنوات السبعة عشرة الماضية، ومن أهم هذه التجارب الانتخابات البرلمانية، حيث برهن الصدريون خلالها على إمكاناتهم الفريدة في الحصول على أكبر قدر من المقاعد باتباع خطط توزيع جغرافي محكمة».
من جهته، استبعد الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات عادل اللامي، إمكانية حصول الصدريين على 100 مقعد. وقال اللامي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا توجد أي مؤشرات على إمكانية حصول أي طرف على أغلبية كبيرة في الانتخابات المقبلة»، مبيناً أن «ذلك يعتمد على قوة المشاركة ونظافة المفوضية». وأضاف: «من الصعب أن يحصل الصدريون على الرقم الذي يطمحون إليه، ربما لا تتعدى مقاعدهم الـ50 مقعداً في الانتخابات المقبلة».
وحول أهمية الإشراف الدولي في التقليل من عمليات التزوير في الانتخابات المقبلة، يقول اللامي إن «الإشراف الدولي والأصح الرقابة الدولية لن تكون أكثر من رقابة شكلية، بينما التزوير في الواقع هو داخل المفوضية نفسها».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.