رحيل الفنان المغربي محمود الإدريسي بعد إصابته بـ«كورونا»

ترك أغاني خالدة كان لها وقع على جيل بكامله

الفنان محمود الإدريسي
الفنان محمود الإدريسي
TT

رحيل الفنان المغربي محمود الإدريسي بعد إصابته بـ«كورونا»

الفنان محمود الإدريسي
الفنان محمود الإدريسي

توفي، أول من أمس، بالدار البيضاء، الفنان المغربي محمد الإدريسي عن عمر يناهز 72 سنة، جراء تأثره بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا.
ونعت وزارة الثقافة والشباب والرياضة، الإدريسي، وقالت إنها تلقت بتأثر عميق خبر رحيله، بعد مسيرة فنية طويلة ومتألقة، مشيرة إلى أن الراحل يعد «رائداً من رواد الأغنية المغربية»، حيث بدأ مسيرته الفنية منذ سنة 1964، وبرع في أداء الأدوار الطربية العربية براعتَه في أداء الغناء المغربي الأصيل، فغنى لكبار الملحنين المغاربة والعرب، كما لحن أغاني لنفسه ولعدة فنانات وفنانين مغاربة رواد، أمثال نعيمة سميح ولطيفة رأفت والبشير عبده، وعُرِف لدى الجمهور المغربي والعربي بأغانٍ متميزة، بينها «عيشي يا بلادي عيشي» و«ساعة سعيدة» و«محال واش ينساك البال».
وختمت الوزارة تعزيتها بالإشارة إلى أن الفنان الراحل، فضلاً عن مساره الطويل في الارتقاء بالأغنية المغربية وإغناء رصيدها بروائع ما زالت تردد إلى اليوم، لم يدخر جهداً في المساهمة في الجهود التنظيمية للميدان الفني المغربي من خلال أدوار ومسؤوليات داخل تنظيمات فنية.
من جهتها، وصفت نقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون الراحل بـ«الفنان المحبوب»، الذي توقف قطار حياته بعد مسار حافل بالعطاء، مشيرة إلى أنه أحد أبرز الرواد المؤسسين للأغنية المغربية، ساهم في العديد من الملاحم الوطنية التي أذكت الشعور بالوطنية والتلاحم لبناء المغرب الحديث، كما عرف بثقافته التضامنية خدمة للقضايا الوطنية عامة ولقضايا الفنان المغربي على وجه الخصوص، فكان ممن ساهموا إلى جانب الشاعر مصطفى بغداد في الرفع من القيم الثقافية والفنية بالمغرب في النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة إلى جانب ثلة من الهيئات المهنية العاملة في القطاع، كما عرف بتفانيه وإخلاصه وبدماثة أخلاقه وطيبوبته المعهودة في القطاع الفني.
وعبر عدد كبير من المغاربة عن حزنهم لرحيل فنان رائد بأخلاق عالية، طبع ذاكرتهم حيث أمتعهم بعدد من الأغاني الجيدة.
وكتب الإعلامي بوشعيب الضبار، على حسابه بـ«فيسبوك»، مستحضراً قيمة الفنان وأخلاق الرجل: «يذكرني صوته كمطرب بالصدق، برائحة الأرض المشبعة بالمطر، بندى الفجر، بالصفاء في الصحراء، بالغيم في السماء، بأغاني الرعاة في فصل الربيع، بمناجاة الموج للشاطئ، بالطبيعة في أحلى تجلياتها، بالعشق، بالتراث، بالحصادين في الصيف، بنغمات النايات الحزينة القادمة من أعماق الجراح، بكل ما هو جميل في الحياة: (يا ليل طل أو لا تطل لا بد لي أن أسهرك). رغم شهرته، خصوصاً بعد انتشار أغنيته (عيشي يا بلادي)، من كلمات الراحل علي الحداني، وألحان الفنان محمد بن عبد السلام، (أطال الله في عمره)، لم يتغير محمود. لم تفسده الأضواء».
وتشير سيرة الراحل، الذي ولد بالرباط سنة 1948، إلى أنه بدأ مساره الفني منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، حين التحق بالإذاعة الوطنية لتتواصل تجربته مع المجموعة الصوتية للفرقة الوطنية لـ11 عاماً، وذلك ما بين 1965 و1976، غنى خلالها خلف أشهر المطربين المغاربة، أمثال محمد فويتح وعبد الوهاب الدكالي، تخللها ظهوره كمطرب منفرد منذ سنة 1969 بفضل أغنية «يا ملكي يا بلادي» التي قدمها له الموسيقار عبد النبي الجيراري، تلتها بعض الأغاني التي قدمها له الفنان وعازف القانون صالح الشرقي. ومع مطلع السبعينيات، سيغني الراحل أولى أغانيه بالدارجة المغربية بعنوان «نبْدا بِاسْم الفتاح»، من كلمات أحمد الطيب لعلج وألحان عبد القادر الراشدي. كما تعامل مع ملحنين آخرين، بينهم عبد القادر وهبي وحميد بن براهيم وعبد السلام عامر.
وعلى غرار عدد من الفنانين المغاربة في تلك الفترة، سافر الراحل في جولات فنية إلى المشرق العربي، حيث تعامل مع عدد من الفنانين، بينهم محمد الموجي الذي لحن له أغنيتين، علاوة على تعامله مع ملحنين آخرين من ليبيا والكويت والعراق.
ومن أشهر أغاني الراحل، نذكر «ساعة سعيدة» وهي من ألحانه وكلمات مصطفى بغداد، و«مُحال ينساك البال» من كلمات فتح الله المغاري وألحان عبد القادر الراشدي، و«واش نْزيدو ما زال الحال» من كلمات علي الحداني وألحان أحمد العلوي، و«هل يا ترى يْعود» من كلمات الراحل أحمد الطيب لعلج وألحان أحمد العلوي.
فضلاً عن قيمته كمغنٍ متمكن، تميز الراحل بتلحينه عدداً من الأغاني التي أداها بعض كبار الأغنية المغربية، بينها «الحمد لله» للطيفة رأفت، و«شْكون يْعَمّر هاذ الدار» لنعيمة سميح، و«الدنيا بخير» للبشير عبدو، و«اللي عْلينا احْنا درْناه» لمحمد الغاوي، و«فتحو الأبواب» لفلة الجزائرية. كما عُرف بأدائه لعدد من الأغاني الوطنية التي لاقت نجاحاً، على رأسها «عيشي يا بلادي عيشي»، من كلمات علي الحداني وألحان الموسيقار محمد بن عبد السلام، التي كتب عنها الناقد والأكاديمي محمد الداهي: «كان لها وقع شديد على جيلي تطلُّعاً إلى مغرب جديد».



احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».