«شارلي» تنشر رسومها مجددا.. والمسلمون يشكون من السخرية والاعتداءات

الأسبوعية الساخرة طبعت 3 ملايين نسخة بـ 16 لغة.. تحت حماية الشرطة

«شارلي» تنشر رسومها مجددا.. والمسلمون يشكون من السخرية والاعتداءات
TT

«شارلي» تنشر رسومها مجددا.. والمسلمون يشكون من السخرية والاعتداءات

«شارلي» تنشر رسومها مجددا.. والمسلمون يشكون من السخرية والاعتداءات

يبدو أن تداعيات قضية الاعتداء الدامي الذي استهدف الأسبوعية الفرنسية الساخرة "شارلي ايبدو" ستستمر لفترة طويلة على مستويات عديدة.
الجديد هو طباعة الصحيفة لعدد يتوقع أن يصدر غدا (الأربعاء)، ويحمل غلافه رسميا للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو يذرف دمعة ويقول: أنا شارلي. وفوقه كتبت عبارة "كل شيء قد غفر". وهو ما اعتبره معلقون من المسلمين في فرنسا مسيئا ومستفزا.
وقال رئيس المرصد الوطني لمكافحة الاسلامفوبيا عبد الله زكري "احتراما لذكرى ضحايا شارلي ايبدو لن نعلق على ذلك الاستفزاز، لقد استمروا على النهج المعتاد".
بينما قالت وسائل إعلام فرنسية إنه "رسالة سلام"، ويتناقض مع الخط الساخر للصحيفة.
الأسبوعية الساخرة، والتي بدأت منذ 2006 نشر رسوم مسيئة، قررت طباعة ثلاثة ملايين نسخة، وتوفير العدد على الانترنت بـ 16 لغة. وهو رقم قياسي، بعد أن كانت مطبوعاتها في حدود 50 إلى 70 ألف نسخة.
وأظهرت لقطات بثتها قنوات فرنسية رجال الشرطة وهم يؤمنون موقع الصحيفة، والمطبعة التي جرى فيها سحب نسخ العدد الجديد. بينما بدت علامات القلق على المحررين، الذي أكدوا إصرارهم على مواصلة العمل على الخط نفسه. بينما اختارت صحيفة "لوموند" اليمينية نشر رسم كاريكاتوري يظهر رجال دين مسيحيين ويهودا وهم يحملون غلاف عدد "شارلي ايبدو" الجديد وقد غمرتهم الفرحة.
العدد الجديد بدأ منذ الإعلان عنه في ساعة مبكرة فجر اليوم عبر الصحف والمواقع الفرنسية، يثير امتعاض عدد من المسلمين في فرنسا والعالم، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات للصحيفة التي "تصب الزيت على النار مجددا" على اعتبار أن المسلمين يعدُون نشر هذه الصور التي تجسد نبيهم بسخرية، إساءة بالغة.
أكبر هيئتين للمسلمين في فرنسا "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" و"اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا"، طالبا بـ"التحلي بالهدوء وتفادي الردود الانفعالية العاطفية وغير المناسبة وغير المتوافقة مع كرامتهم وتحفظهم واحترام حرية الرأي".
وفي مصر حذرت دار الافتاء من إقدام "شارلي ايبدو" على نشر عددها "المسيء للنبي".
وقالت الدار في بيان اليوم إن" إقدام المجلة المسيئة على هذا الفعل هو استفزاز غير مبرر لمشاعر مليار ونصف المليار مسلم عبر العالم يكنون الحب والاحترام للنبي صلى الله عليه وسلم". وأضافت ان هذا العدد سيتسبب في موجة جديدة من الكراهية في المجتمع الفرنسي والغربي بشكل عام، كما أن ما تقوم به "شارلي" لا يخدم التعايش وحوار الحضارات الذي يسعى المسلمون إليه".
واعتبرت ان هذا يشكل "تطورا خطيرا مناهضا للقيم الإنسانية والحريات والتنوع الثقافي والتسامح واحترام حقوق الإنسان، كما أنها تعمق مشاعر الكراهية والتمييز بين المسلمين وغيرهم".
من جهة أخرى، أكد عبد الله زكري" رئيس مرصد مكافحة الاسلاموفوبيا، تنفيذ 54 عملا معاديا للمسلمين بفرنسا منذ الأربعاء الماضي، شملت إطلاق النار وإلقاء قنابل والتهديدات والشتائم.
وقال زكري إن مصدر الرقم هو وزارة الداخلية، وأن هذه الاعتداءات لا تشمل باريس وضاحيتها ولا حريق مسجد قيد البناء في مدينة بواتييه. وأعرب عن صدمته، رغم المشاركة في المسيرة "بهدوء وصدق جنبا إلى جنب ضمن تنوع المتظاهرين وأعلنا إدانتنا الواضحة للإرهاب".
وأثارت عدة برامج على القنوات التلفزيونية الفرنسية المزيد من مخاوف المسلمين من تزايد الكراهية. خصوصا البرنامج الخاص "كلنا شارلي"، الذي بثته القناة الفرنسية الثانية، وتضمن ما وصف بأنه "لقاء حصري" عبر الهاتف مع نبي الإسلام، وهو ما عده معلقون "إمعانا في الإساءة من جديد"، خصوصا بعد انتشار فيديو لمتظاهرين في ساحة الجمهورية بباريس وهم يحرقون نسخا من القرآن.
وتعقد المشهد الذي خلفه الهجوم الدامي على "شارلي"، ويثير قلق الفرنسيين، فرغم التعاطف المحلي والدولي الكبير، إلا ان دخول البلاد في دائرة العنف، يبقى هاجسا تحاول تخطيه بأقل الخسائر.



فرنسا وكازاخستان توطدان «شراكتهما الاستراتيجية»

الرئيس إيمانويل ماكرون والرئيس قاسم جومارت توكاييف على مدخل قصر الإليزيه بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الثاني إلى فرنسا (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون والرئيس قاسم جومارت توكاييف على مدخل قصر الإليزيه بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الثاني إلى فرنسا (أ.ف.ب)
TT

فرنسا وكازاخستان توطدان «شراكتهما الاستراتيجية»

الرئيس إيمانويل ماكرون والرئيس قاسم جومارت توكاييف على مدخل قصر الإليزيه بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الثاني إلى فرنسا (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون والرئيس قاسم جومارت توكاييف على مدخل قصر الإليزيه بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الثاني إلى فرنسا (أ.ف.ب)

فرشت باريس السجاد الأحمر تحت قدمي رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف الذي يقوم بزيارة دولة من يومين لفرنسا، وسخرت كل ما ينص عليه البروتوكول لإظهار اهتمامها بضيفها الذي يأت يأتيها للمرة الثالثة خلال 3 سنوات.

وبعد استقبال رسمي في ساحة قصر الأنفاليد، بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون على وقع أنغام الحرس الجمهوري ولقاء مغلق ثم موسع بين الجانبين، وعملية توقيع على مجموعة واسعة من الاتفاقيات، تواصلت محادثات الرئيسين إلى طاولة غداء ثم عشاء رسمي في قصر الإليزيه سبقته زيارة مشتركة للرئيسين إلى متحف «غيميه» الواقع في الدائرة السادسة عشرة في باريس، حيث تعرض الكنوز التاريخية لكازاخستان.

وسبق لماكرون أن قام بزيارة رسمية لكازاخستان في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

كل ذلك يبين الأهمية التي توليها فرنسا لعلاقاتها مع كازاخستان حيث يرتبط البلدان باتفاقية «شراكة استراتيجية» وضعت في عام 2008.

الرئيسان يستعرضان حرس الشرف في باحة القصر بمناسبة الاستقبال الرسمي لرئيس كازاخستان (رويترز)

وفي حديث الرئيسين للصحافة، ظهر الثلاثاء، قال الرئيس ماكرون إن بلاده عازمة على «تعزيز» الاتفاقية الاستراتيجية، وإن البلدين تربطهما «رؤى متقاربة بخصوص التحديات الدولية الكبرى» وإن كليهما «متمسكان بالتعددية (في إدارة شؤون العالم) وباحترام شرعية الأمم المتحدة وبالنظام الدولي القائم على قواعد واجب احترامها في كل الظروف».

وحرص ماكرون على التشديد على الحرب في أوكرانيا، علماً أن علاقات قوية تربط روسيا بكازاخستان. وقال ماكرون في إشارة ضمنية إلى روسيا: «إن التحدي في أوكرانيا عنوانه (أسبقية القانون الدولي على قانون الطرف الأقوى إضافة الى أمن النووي والأمن الغذائي واحترام حقوق الإنسان)». كذلك شدد ماكرون على استقرار منطقة جنوب القوقاز، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين أرمينيا وأذربيجان مرحّباً بالدور الإيجابي الذي لعبه الرئيس توكاييف. من هنا، أكد ماكرون أن فرنسا «تدعم» المبادرات التي تقوم بها أستانة في المنطقة.

وفي ما يمكن عَدُّه ترجمة للشراكة الاستراتيجية، وعد ماكرون ضيفه بتوفير الدعم لبلاده في علاقاتها بالاتحاد الأوروبي مؤكداً أن تعزيزها يتسم بأهمية استراتيجية للطرفين.

كل ما سبق يُفترض أن يُترجم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعد السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية. وليس سراً أن باريس تهتم باليورانيوم الذي في باطن الأرض في كازاخستان وبثورتها البترولية وما توفره من فرص استثمارية للشركات الفرنسية.

وفي هذا السياق، كانت لافتة إشادة ماكرون بنتائج الاستفتاء الذي أُجْرِيَ، الشهر الماضي، في كازاخستان بخصوص تطوير الطاقة النووية ذات الاستخدام السلمي بوصفه خطوة مهمة للوصول إلى الاقتصاد الأخضر عديم الكربون.

باحة القصر الرئاسي (رويترز)

وفيما خص «النووي المدني»، أشار ماكرون إلى أن كازاخستان «يمكنها الاعتماد علينا وعلى الحكومة الفرنسية وعلى شركاتنا وخبراتها لمساعدتها على المضي قدماً» في مشاريعها النووية. وقال: «إن علاقانا الثنائية تؤدي دورها في تعويم شراكتنا الاستراتيجية، ولدينا فرص جديدة في مجال التعاون الاقتصادي فيما يخص الثروات المعدنية الاستراتيجية (اليورانيوم) والاتصالات والمشاريع الصناعية، إضافةً إلى التعاون في ميادين الصحة والزراعة والبنى التحتية والتغذية والتعليم والبحث العلمي والتعاون الثقافي وفتح مدارس فرنسية في كازاخستان».

وذكر ماكرون أن باريس وأستانة ستنظمان قمة المياه على هامش استضافة الرياض قمة المناخ خلال الأسابيع المقبلة.

وفي معرض تقديمها للزيارة، رأت مصادر الإليزيه أن العلاقة بين فرنسا وكازاخستان تندرج في إطار 3 دوائر: الأولى، الدبلوماسية؛ إذ ترى باريس أن أستانة «تسعى لتنويع شراكاتها الدولية»، ومن ثمَّ فإن فرنسا تشكل باباً لتحقيق هذا الغرض، بمعنى أن كازاخستان لا تريد أن تبقى مربوطة بالعربة الروسية، علماً أنها تتقاسم مع روسيا ما يزيد على 7 آلاف كلم من الحدود المشتركة. والدائرة الثانية عنوانها العلاقات الاقتصادية وتنويعها وأبرزها في الصناعة البترولية من خلال حضور شركة «توتال إنرجيز» هناك، أو في استخراج اليورانيوم الذي تقوم به شركة «أورانو» الفرنسية أيضاً. وتعد الشراكة الأخيرة رئيسية بالنسبة لباريس بعد التوتر الذي أصاب علاقاتها بالنيجر التي تعد أحد مصادر تزوُّدها بخامات اليورانيوم؛ ما يعني أن كازاخستان يمكن أن تكون بديلاً عن النيجر. وقالت المصادر الرئاسية إن فرنسا والدائرة الثالثة تغطي تعزيز البعد الإنساني في العلاقات الثنائية الإنسانية والجامعية والتعليمية والثقافية والبحث العلمي وتبادل الطلاب، واستضافة مزيد من الطلبة في فرنسا.

ما سبق، شدد عليه بدوره رئيس كازاخستان الذي قرأ مطولاً المجالات والقطاعات التي ترغب بلاده في التعاون بشأنها مع فرنسا. وكان مفترضاً أن يصدر إعلان مشترك بختام الزيارة يصب في مجرى تعزيز الشراكة الاستراتيجية والذي يُفترض أن يتناول الدوائر الثلاث المشار إليها سابقاً. ووزع قصر الإليزيه، بعد ظهر الثلاثاء، لائحة بالعقود التي وُقّعت، ومنها عقود حكومية وأخرى صناعية وتجارية، وكلها تندرج في إطار السعي المشترك لتعزيز الشراكة الاستراتيجية وإعطائها مضموناً ملموساً.