ارتياح في غرب ليبيا بعد فرض عقوبات أميركية على «الكانيات»

وزارة الخزانة اتهمت آمرها بـ«تعذيب وقتل» المدنيين بترهونة

انتشال جثت عثر عليها في مقابر بترهونة اتهمت ميليشيا الكانيات بالوقوف وراءها (أ.ف.ب)
انتشال جثت عثر عليها في مقابر بترهونة اتهمت ميليشيا الكانيات بالوقوف وراءها (أ.ف.ب)
TT

ارتياح في غرب ليبيا بعد فرض عقوبات أميركية على «الكانيات»

انتشال جثت عثر عليها في مقابر بترهونة اتهمت ميليشيا الكانيات بالوقوف وراءها (أ.ف.ب)
انتشال جثت عثر عليها في مقابر بترهونة اتهمت ميليشيا الكانيات بالوقوف وراءها (أ.ف.ب)

استقبلت الأوساط السياسية والاجتماعية في مدن غرب ليبيا القرار الأميركي بفرض عقوبات على ميليشيا «الكانيات» بكثير من الارتياح، وسط مطالب أخرى بأن تشمل العقوبات جميع المجموعات المسلحة على الجرائم التي ارتكبتها خلال السنوات العشر الماضية.
وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية ميليشيا «الكانيات»، وزعيمها محمد الكاني، على «القائمة السوداء» الأممية، بتهمة ارتكاب جرائم تعذيب وقتل، وحمّلتها مسؤولية الكثير من «المقابر الجماعية» التي عثر عليها في ترهونة (90 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة طرابلس).
وقال مسؤول أمني بعملية «بركان الغضب»، التابعة لحكومة «الوفاق»، لـ«الشرق الأوسط» إن عائلة محمد الكاني «مسؤولة عن جميع المقابر الجماعية التي عثر عليها في مدينة ترهونة، وما حولها في منطقة العواتة»، مشيرا إلى أن «شهادات المواطنين الذين عايشوا تورط عائلة (الكانيات) في تعذيب معارضيهم متوفرة، وباتت معروفة للجميع». كما لفت إلى أن فرق البحث بالهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين عثرت حتى الآن على رفات 128 مواطنا في 26 مقبرة جماعية بالمدينة ومحيطها، بالإضافة إلى عشرات تمت تصفيتهم وتخزين جثثهم في ثلاجات الموتى وحاويات حديدية، أو إلقاؤهم في الآبار المهجورة، مضيفا أن «مواطني ترهونة عاشوا معاناة كبيرة على مدار قرابة 10 سنوات على يد هذه الميليشيا، ولم يتحرروا إلا مع هروب هذه العصابة مطلع يونيو (حزيران) الماضي إثر دخول قوات (الوفاق) إلى المدينة». وأحدث نبأ إدراج «الكانيات» على القائمة السوداء ارتياحا لدى الأسر التي فقدت أحد أبنائها في غرب ليبيا. في وقت طالب فيه عدد من السياسيين في شرق البلاد بإدراج جميع الميليشيات في طرابلس على هذه «القائمة السوداء».
وجاءت العقوبات الأميركية في إطار قانون «ماجنيتسكي» الذي يسمح للحكومة الأميركية بملاحقة منتهكي حقوق الإنسان حول العالم، من خلال تجميد أصولهم وحظر تعامل المواطنين الأميركيين معهم تجاريا. وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إن «محمد الكاني وجماعة (الكانيات) عذبوا وقتلوا مدنيين خلال حملة قمع قاسية في ليبيا». ونقل البيان أنه عند دخول قوات «الوفاق» إلى ترهونة في يونيو الماضي: «اكتشفت ما لا يقل عن 11 مقبرة جماعية، تحتوي على جثث مدنيين سبق أن احتجزتهم ميليشيا الكانيات، بينهم نساء وأطفال وشيوخ»، لافتا إلى أن «بعض الموتى يبدو أنهم تعرضوا للتعذيب، أو الحرق أو الدفن أحياء».
ونوه البيان إلى أنه «تم تصنيف الكاني لكونه قائدا أو مسؤولا في كيان... شارك هو أو بعض أعضائه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تتعلق بمنصبه، كما تم تصنيف ميليشيا الكانيات لكونها مسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو متواطئة فيها، أو لمشاركتها بشكل مباشر أو غير مباشر».
وقالت الخزانة الأميركية إن «جميع الممتلكات والمصالح التابعة لأشخاص في هذه الميليشيا، وأي كيانات مملوكة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بنسبة 50 في المائة أو أكثر من قبلهم، بشكل فردي أو مع أشخاص محظورين آخرين في الولايات المتحدة، أو الموجودة في حوزة أو سيطرة الأشخاص الأميركيين، يتم وقفها، ويجب إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية».
وسبق لـ«الجيش الوطني» الترحيب على لسان اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسمه، بالتحقيق الذي طالبت به بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بخصوص مقابر ترهونة الجماعية.
والعناصر الأساسية في ميليشيا «الكانيات» هم محمد الكاني (47 عاما) القيادي بالمجلس العسكري بترهونة، وشقيقاه معمر وعبد الرحيم، وجميعهم فروا من المدينة مع عشرات من التابعين لهم. وأظهرت مقاطع فيديو بثتها عملية «بركان الغضب» سابقا عمليات الكشف وانتشال عشرات الجثث لأشخاص، بعضهم مكبل اليدين، بينهم أطفال، من مواقع بصحراء ترهونة. كما أظهرت صور انتشال جثامين متحللة من بئر على عمق نحو 45 مترا بمنطقة العواتة.
وسبق لفتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، أن أعلن في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أن «العميد مبروك خلف، المدير السابق لمكتب المعلومات والمتابعة بالوزارة، عثر على جثمانه في مقبرة جماعية بترهونة، بعد تصفيته على يد عصابة (الكانيات) الإجرامية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.