محكمة إسرائيلية تصادق على طرد 87 فلسطينياً

حكومة نتنياهو تسابق الزمن لتعزيز الاستيطان قبل تسلم بايدن

TT

محكمة إسرائيلية تصادق على طرد 87 فلسطينياً

توجت السلطات الإسرائيلية إجراءاتها المتواصلة لتهويد القدس الشرقية المحتلة، بقرار صدر عن المحكمة المركزية في القدس الغربية، يقضي بإجازة طرد عائلة مؤلفة من 87 شخصا من بيوت تقطنها منذ سنة 1963 في مبنى قائم في حي بطن الهوى في بلدة سلوان المقدسية، وتسليمه إلى جمعيات استيطانية متخصصة في تهويد المدينة.
وكان المستوطنون أقاموا عدة دعاوى إلى هذه المحكمة، لتسليمهم المبنى، بزعم أن المكان كان بملكية يهودية قبل النكبة في العام 1948. وادعت جمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية أن حي بطن الهوى أقيم في منطقة تُسمى «قرية اليمنيين»، وكانت عبارة عن مكان سكنه يهود حتى العام 1938. عندما أخلاهم حينذاك الانتداب البريطاني. ولذلك، فقد اعتبرت سكنى الفلسطينيين فيه «امتدادا للظلم التاريخي لليهود». ورد الفلسطينيون بالقول إنهم لاجئون في وطنهم، كانوا هم أيضا يملكون أراضي وعقارات في القدس الغربية قبل العام 1948 والسلطات الإسرائيلية تمنعهم من العودة إليها.
وقد قبل قضاة المحكمة الثلاثة، رفائيل يعقوبي وموشيه بار عام وحانا لومبف، حجج المستوطنين وأمروا برد طلب طرد سكان المبنى الفلسطينيين إلغاء قرار طردهم، ما يعني أن السلطات الإسرائيلية تستطيع الآن بتغطية القضاء الإسرائيلي ترحيل 30 عائلة فلسطينية من المبنى، بينهم 12 طفلا دون سن 18 عاما». وتنتظر هؤلاء الفلسطينيين دعوى أخرى الآن يطالب فيها المستوطنون بأن تدفع العائلات المنكوبة مبلغ 600 ألف شيكل (180 ألف دولار)، تعويضا لهم عن مصاريف الدعوى. وأعلنت جمعية «عطيرت كوهانيم» الاستيطانية، بأنها ستقيم في حي بطن الهوى مركز «تراث يهودي يمني».
وكشفت مصادر سياسية أن المستوطنين باشروا العمل على تحصيل عقارات في أماكن أخرى في القدس المحتلة، بالطريقة نفسها، بناء على قرار المحكمة. وحسب الناشطة في حركة «سلام الآن»، حاغيت عوفران، فإن هناك تخوفا حقيقيا من أن يحاول المستوطنون تنفيذ أمر طرد العائلات الفلسطينية في غضون أيام قليلة، وذلك قبل بدء ولاية الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، المتوقع أن ينتقد ذلك، علما بأنه سيتسلم منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وأضافت: «قد يتحول طرد عشرات السكان الفلسطينيين من بيوتهم إلى حادث دبلوماسي مقابل الإدارة الجديدة. ومع أنني لست متأكدة من أن بإمكان بايدن وقف هذا الأمر، لكني آمل أن يكون على جدول أعماله على الأقل».
وحذرت هذه الحركة، التي ترصد النشاطات الاستيطانية في المناطق المحتلة، من أن تقدم حكومة بنيامين نتنياهو على اتخاذ سلسلة قرارات استيطانية في القدس والضفة الغربية، قبل أن يدخل بايدن إلى البيت الأبيض. وفي يوم أمس الخميس، أعلن وزير شؤون الاستيطان، تساحي هنغبي، أن حكومته تعمل على بلورة خطة لإضفاء شرعية القانون الإسرائيلي على جميع البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية المحتلة. وكشف أنه ومجموعة من الوزراء توجهوا بهذا الشأن إلى نتنياهو مطالبين بإقرار قانون بهذا الشأن قبل خروج الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترمب، من البيت الأبيض.
وأكدت «سلام الآن»، أن حكومة نتنياهو تسابق الزمن للمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في مدينة القدس والضفة المحتلتين، خلال هذه الفترة. كما تعمل بلدية القدس الإسرائيلية بالنهج نفسه، للمصادقة على مخططات بناء في مستوطنات في المدينة، خصوصا مستوطنات «هار حوما» و«غفعات همتوس» و«عطاروت».
وفي السياق، أطلق عضو الكنيست ورئيس بلدية القدس السابق نير بركات خطة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية لجهة توسيع وبناء المستوطنات ومناطق صناعية في الضفة الغربية وغور الأردن. ووفقا للخطة التي نشرتها إذاعة المستوطنين «القناة السابعة»، ستشمل الخطة ثلاثة مجالات رئيسية لتطوير وتعزيز الاستيطان: زيادة عدد المستوطنين من نصف مليون اليوم إلى مليونين، والتنمية الاقتصادية للمنطقة من خلال إنشاء وتوسيع المناطق الصناعية، وتطوير السياحة. وقال بركات إن خطته حظيت بمباركة نتنياهو، وقدمت لكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية وحظيت بدعم واسع في إسرائيل.
وقال بركات، خلال لقائه مع المستوطنين في الخليل، إن الخطة لا تتحدث فقط عن الإسكان فحسب، بل أيضاً عن إقامة بنية تحتية وطرق جديدة والربط بين المدن الكبرى في إسرائيل والمستوطنات وإنشاء مناطق صناعية وسياحية و23 موقعاً دينيا في الضفة الغربية مثل الخليل وغيرها من المناطق التي تحتلها إسرائيل في الضفة. وقد اعتبر الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، مواصلة إجراءات الاحتلال، تهديدا للوجود العربي والإسلامي في القدس وسائر المناطق الفلسطينية. وقال: «يسعون لتغيير وضع المدينة المقدسة وتكوينها السكاني وتهديد وجود المسجد الأقصى من خلال الحفريات التي تجريها حوله وتحته بإقامتها لمنشآت إسرائيلية جديدة لتكون نواة لتحرك المتطرفين الإسرائيليين وانقضاضها على هوية القدس العربية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».