حمدوك: انطفأ قنديل من الوعي يستغرق إشعاله آلاف السنين من عمر الشعوب

السودان يعلن الحداد ثلاثة أيام حزناً على رحيل الصادق المهدي

السياسي الراحل الصادق المهدي (إ.ب.أ)
السياسي الراحل الصادق المهدي (إ.ب.أ)
TT

حمدوك: انطفأ قنديل من الوعي يستغرق إشعاله آلاف السنين من عمر الشعوب

السياسي الراحل الصادق المهدي (إ.ب.أ)
السياسي الراحل الصادق المهدي (إ.ب.أ)

فجع السودانيون بنبأ رحيل الزعيم الروحي والسياسي الصادق المهدي، في مشفاه بدولة الإمارات العربية المتحدة، متأثراً بإصابته بفيروس «كوفيد - 19»، وأعلنت الحكومة السودانية الحداد العام لمدة ثلاثة، فيما ينتظر وصول الجثمان صباح غد (الجمعة) ليوارى الثرى في «قبة الإمام المهدي بأم درمان، وسط تشييع رسمي وشعبي، في اليوم نفسه».
وصعق الخبر الفاجع السودانيين جميعهم، وكل محبي الرجل الذي اتصف بالحكمة، ودخل السودان في حالة من الحزن العميم، على الرجل الأكثر تسامحاً في التاريخ السياسي السوداني، وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في نعيه للراحل: «برحيل الإمام انطفأ قنديل من الوعي، يستغرق إشعاله آلاف السنين من عمر الشعوب».
ووصف رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان خسارة رئيس حزب الأمة بأنها خسارة لـ«رجل من أهل السودان الأوفياء»، وقال في بيان صادر عن مجلسه: «بذل نفسه خدمة للقضايا الوطنية والسياسية والإنسانية، وظل عطاؤه متصلاً طيلة عمره المديد»، فيما قال نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو «حميدتي» في نعيه للراحل: «انطفأ برحيله سراج الحكمة والوعي الكامل بقضايا وهموم هذا البلد... كنا ندّخرك للمواقف الصعبة والظروف السياسية المعقّدة التي تعيشها بلادنا... فقدنا اليوم بعض تاريخنا وملامحنا وتسامحنا السوداني الأصيل«.
وأعلنت الحكومة السودانية بمجلسيها «السيادي والوزراء» حالة الحداد العام بالبلاد لمدة ثلاثة، أيام اعتباراً من اليوم الخميس، حداداً على وفاة السيد الإمام الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق، ورئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار.
وقال حزب الأمة القومي في بيان: «ينعي حزب الأمة القومي وكيان الأنصار، للسودانيين جميعاً وللعالم أجمع، الحبيب الإمام الصادق المهدي، إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي، الذي انتقل إلى جوار ربه فجر أمس الخميس بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي لزم فيها سرير المرض حتى توفاه الله، له الرحمة والمغفرة».
وأعلن الحزب أن جثمان الفقيد سيصل صباح غد «الجمعة»، ليوارى الثرى في قبة الإمام المهدي الساعة التاسعة من صباح اليوم نفسه، ويقام المأتم ببيت الإمام المهدي، ودعا الجميع لاتباع التحوطات الصحية اللازمة لمواجهة جائحة كورونا.
ودعت هيئة شؤون الأنصار «الجماعة الدينية» التي كان الراحل إماماً لها حتى رحيله، من أطلقت عليهم «أنصار الله وأحباب الإمام»، لتقبل العزاء في مدنهم وقراهم تفادياً للزحام.
وقالت الهيئة في بيان: «تقديراً من هيئة شؤون الأنصار، لظروف البلاد الصحية المتمثلة في انتشار جائحة كورونا، تناشد الهيئة (أنصار الله) وكل محبي الحبيب الإمام، بأن يتقبلوا العزاء في أماكنهم تفادياً لانتشار الوباء»، وأضافت: «لذلك تطلب هيئة شؤون الأنصار من جميع الأحباب البقاء في مدنهم وقراهم تلبية لهذا النداء الإنساني النبيل، وتفادياً للوقوع في هذا الداء الفتاك».
وأعلن في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إصابة المهدي بفيروس كورونا، واحتجز في أحد المشافي السودانية، حتى يوم 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، لينقل بطائرة إسعاف خاصة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ليتلقى العلاج والرعاية اللازمة بـ«مدينة الشيخ خليفة الطبية»، وبقي هناك طوال الأسابيع الماضية، ودرج حزبه على تقديم إيجاز يومي عن استقرار حالته الطبية، قبل ذيوع معلومات الثلاثاء الماضي عن تدهور حالته الصحية، ومن ثم إعلان وفاته مساء الأربعاء.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.